البرهان يقود “مؤامرة” جديدة ويستنجد بـ”حزب منحل”
تحت حماية الجيش السوداني ، عقد حزب المؤتمر الوطني المنحل اجتماع مجلس الشورى، حيث اختار أحمد هارون، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، رئيسًا له، وسط انقسام داخل الحزب المتورط في تأجيج الحرب التي تعصف بالبلاد.
وفقًا للمصادر، طالب قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بضرورة تكثيف عمليات استنفار عضوية الحزب المنحل وتنشيط العمل لحشد أكبر عدد من المواطنين للمشاركة في القتال مع الجيش ضد قوات الدعم السريع.
وحسب مصادر متطابقة، عقد حزب المؤتمر الوطني اجتماعه المخصص لمجلس الشورى في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، وسط سرية كاملة تحت تأمين الجيش السوداني الذي يسيطر على المدينة.
وأكدت مصادر إعلامية أن الاجتماع خاطبه عبر الهاتف كل من الرئيس المخلوع عمر البشير، والقائد العام للجيش السوداني الفريق ، ورئيس جهاز المخابرات العامة أحمد إبراهيم مفضل. وشارك حضوريًا مساعد البرهان، الفريق أول ركن ياسر العطا، الذي تولى مهمة تأمين الاجتماع.
من جهته، دعا الرئيس المخلوع عمر البشير، عبر كلمة مسجلة، إلى التماسك والتصدي للفتن، والتحصن من الانشقاقات، وعدم التهاون مع المتفلتين داخل الحزب المحلول بتفعيل اللوائح التنظيمية.
وشدد على ضرورة الإسراع في حسم المعركة العسكرية وعدم الوثوق ببعض الأطراف الدولية، مع الاعتماد على الكوادر التنظيمية للحزب
واختار مجلس شورى الحزب المحلول أحمد هارون رئيسًا له، وسط رفض مجموعة أخرى داخل التنظيم يقودها إبراهيم محمود حامد، الذي ظهر مؤخرًا في مدينة بورتسودان تحت حماية الجيش هناك.
وأكدت مجموعة إبراهيم محمود، في بيان، أن الاجتماع مخالف للنظام الأساسي، وأنها لن تعترف به ولا بمخرجاته، مشيرة إلى أن الاجتماع قد يؤدي إلى شق صف الحزب.
اتهمت المجموعة، في بيانها، من أقاموا اجتماع الشورى بالعمل على شق صف الحزب، قائلة إنهم “نفس المجموعة التي نفذت المؤامرة على الحزب عام 2019 وزجّت بقياداته في السجون، ومنعت المؤتمر الوطني من الوصول إلى موارده المالية، وأمسكت عنه الموارد المتاحة منذ عام 2019. كما أنها سعت لخلق فتنة لتمزيق وحدة هياكل وعضوية الحزب، وأنشأت ودعمت المكونات الضِرار لإذابة هياكل الحزب بالمركز والولايات”.
ويقف على رأس المجموعة التي اختارت أحمد هارون رئيسًا للحزب، علي كرتي وأسامة عبدالله، المتهمان بإشعال وتأجيج هذه الحرب من خلال سيطرتهما على المكتب العسكري للحركة الإسلامية المتجذر داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية للدولة.
وأكد مصدر سياسي أن الصراع داخل حزب المؤتمر الوطني المنحل دليل على تراخي قبضة رئيس الحركة الإسلامية علي كرتي على مفاصل التنظيم، مشيرا إلى أن الرجل، منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير، ظل صاحب الكلمة الفصل فيما يتعلق بشؤون أنصار النظام السابق.
وقال المصدر لـ”إرم نيوز” إن إبراهيم محمود حامد، الذي رفض الاعتراف بمخرجات الشورى التي عقدتها مجموعة علي كرتي في عطبرة، كان قد جاء إلى رئاسة الحزب في عام 2020 بتدبير من “كرتي” نفسه، حينما عُقد اجتماع شورى مماثل عُزل فيه الرئيس المكلف إبراهيم غندور.
ولفت المصدر إلى أن إبراهيم محمود قام مؤخرًا بعدة إجراءات داخل الحزب دون التشاور أو الرجوع إلى علي كرتي وأحمد هارون، من بينها تعيين أمناء أمانات بالحزب وعودته إلى بورتسودان، حيث شرع في عقد لقاءات مع الجيش والقوى السياسية الأخرى.
وكشف المصدر عن احتجاج أحمد هارون على القرارات التي اتخذها إبراهيم محمود بشأن تشكيل هياكل الحزب دون التشاور معه. وأوضح أن “هارون اتصل بإبراهيم محمود وأبلغه باحتجاجه، لكن الأخير رد عليه بأنه رئيس الحزب، وما قام به يندرج ضمن صلاحياته، وليس لأحد الحق في محاسبته”.
ويرى المحلل السياسي عمار الباقر أن حزب المؤتمر الوطني المنحل قد انشق بالفعل نتيجة هذا الاجتماع، الذي لم يكن محل توافق من جميع تياراته. وتوقع أن يلقي هذا الصراع بظلاله على تطورات الحرب الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع.
قال الباقر لـ”إرم نيوز” إن قيادة الجيش ليست بعيدة عما يجري داخل أروقة التنظيم المحلول من خلافات، مشيرًا إلى أن القيادات التي حضرت اجتماع الشورى في عطبرة كانت قد سهّلت في وقت سابق وصول وحماية رئيس المجموعة المناوئة إبراهيم محمود إلى مدينة بورتسودان.
أكد الباقر أن جنرالات الجيش هم من يقفون وراء انشقاق المؤتمر الوطني، في محاولة للتخلص من سيطرة التنظيم المحلول عليهم بعد إضعافه وإشغاله بصراعاته الداخلية.
وأشار إلى أن الوقائع تشير إلى أن مجموعة إبراهيم محمود كانت قد جاءت إلى بورتسودان بتنسيق مع قيادة الجيش، الأمر الذي تمثل في استقباله رسميًا وتسهيل لقاءاته مع القوى الأخرى في مدينتي بورتسودان وكسلا.
وأضاف أن تحركات إبراهيم محمود الأخيرة ووصوله إلى بورتسودان قد تكون جرت بعيدًا عن علم علي كرتي، باعتباره الأب الروحي للتنظيم والمسيطر على قرار الحرب، مما جعله يتجه إلى عقد اجتماع شورى الحزب للإطاحة بإبراهيم محمود من رئاسة الحزب.
وفسّر ظهور قيادة الجيش السوداني في اجتماع مجموعة علي كرتي، رغم دعمها في وقت سابق لإبراهيم محمود، بأنه محاولة لوضع يدها على المجموعتين وجعلهما تحت السيطرة في آن واحد.
وأشار إلى أن قيادة الجيش، بدعم خارجي، تريد أن تعكس المعادلة من سيطرة التنظيم المحلول على قرار الحرب إلى سيطرتها هي على قرار الحزب نفسه.
وكان مصدر مطلع قال لـ”إرم نيوز” في وقت سابق، إن “مجموعة المؤتمر الوطني التي ظهرت في بورتسودان لا تمثل كل أنصار الحزب المحلول، وإنما تمثل فقط مجموعة تريد فرض أجندتها الخاصة على حساب مصالح كل السودانيين”.
وأوضح أن “مجموعة المؤتمر الوطني التي بدأت تعود إلى الواجهة يرأسها إبراهيم محمود حامد، الذي تربطه علاقات بدولة أريتريا ومع الأمين داؤود، قائد ما عُرفت بـ(الأورطة الشرقية)، وهي الميليشيا الجديدة التي أعلنت عن نفسها في شرق السودان بالتزامن مع عودة المؤتمر الوطني إلى الواجهة”.
ارم نيوز
المصدر: صحيفة الراكوبة