اخبار السودان

البرهان ومسخرة الشرعية !

 

علي أحمد

كأن الله أراد اللعنة والخزي لكل من شارك أو تواطأ في الانقلاب على إرادة الشعب صبيحة يوم 25 أكتوبر 2021 المشؤوم.
ولم تحل اللعنة بمنفذي الانقلاب وحدهم، بل امتدت إلى كل الخونة؛ مخططين ومشاركين، بدءًا من كيزانهم الفاسدين اللئام، وصولاً إلى باعة الموز الرخيص على أرصفة القصر الجمهوري الذي أصبح رمادًا. فأين البرهان الآن من القصر ومن مكتبه الفخيم في قيادة الجيش، وقد أصبح ضيفًا ثقيلًا على “شيبة ضرار” ومن معه من المعاتيه واللصوص وقطاع الطرق، بعد أن هُرّب ليلًا بشبشب الحمام لا مؤاخذة ؟ وأين كباشي والعطا؟ بل أين أردول ودلدول وبهلول؟
جميعهم أصابتهم لعنة وندوب لن يبرؤوا منها، وأصبحوا مهووسين بالثورة التي انقلبوا عليها، يتخبطون فوقها وتحتها ويدورون من فشل إلى آخر، كمن يتخبطه الشيطان من المس!

كلما اشتدت الخطوب بعبد الفتاح البرهان ورأى بأم عينه حصاد انقلابه حممًا من نار وأشرار يلتفون حوله التفاف السوار بالمعصم، لجأ إلى الوثيقة الدستورية التي مزقها بيده، فمزق معها وطنًا وأرحامًا ونسيجًا، وإن لم يكن متينًا، إلا أنه كان يمكن رتقه، بل بدأت بالفعل محاولة رتقه. ولكنها الخيانة، الوطنية والشخصية، والحنين إلى تراث العسكر الفاشل في سحق أحلام الشعب بالدبابة. ولا دبابة!

وحقًا، شر البلية ما يُضحك. فالأخبار المتواترة عن نية قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، تعديل الوثيقة الدستورية التي قتلها ودفنها بيده قبل ما يزيد عن ثلاثة أعوام بما يمنحه حق تعيين رئيس للوزراء وإعفائه، فضلًا عن زيادة أعضاء (مجلس السيادة) الذي لا قيمة له، ولا يملك أعضاؤه أي فعالية إلا في أكل مال السحت، وسرقة موارد الدولة ومقدراتها، والقبول بوضع شكلي لحكم الجيش. ولا جيش!

ما يجعلني ألتوي من الضحك وأغرق في السخرية هو أنني أرى البرهان يزداد خبالًا على خبال مع إطلالة كل يوم جديد. الوثيقة التي وقعها ذلك الخائن البارد والرخيص (أحمد ربيع) من نقابة المعلمين نيابة عن قوى الحرية والتغيير، وقائد قوات الدعم السريع (حميدتي) نيابة عن المجلس العسكري الانتقالي، صارت منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 على حكومة ثورة الشعب بلا قيمة قانونية أو دستورية، محض ورقة صفراء يتلاعب بها من يشاء. وبعد أن أشعل البرهان الحرب بالتحالف مع الكيزان في 15 أبريل من عام 2023، وهرب من العاصمة الوطنية إلى أقصى الشرق يدير الحرب من هناك، فقدت وثيقته هذه أي نفاذ وشرعية. لقد صارت محض ورقة لا تسمن ولا تغني من جوع.

كل ما ذكرته سابقًا لا قيمة له، لأنه لم يعد بالبلاد وضع دستوري منذ انقلابهم وحربهم، حيث ظل البرهان ورهطه وكيزانه يديرون مناطق وجود مليشياتهم بقانون (الحرب). فما الذي ذكّرهم بالمرحومة (الدستورية) الآن؟ وهل هذا القتل والنهب والدمار وتشريد المواطنين واعتقالهم وقتلهم على الهوية يحتاج (دستورًا)؟ فما هذه المسخرة والضحك على الذقون؟ وكأن السودانيين لا يعلمون أن المادة (78) من الوثيقة الدستورية، التي أصبحت منتهية الصلاحية والتي وأدها البرهان وداس عليها بنعليه، تنص حرفيًا على أن “تعديل الوثيقة (إن وجدت) لا يتم إلا بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس التشريعي”. فأين مجلسكم؟ بل أين دولتكم؟ وهل يحتاج القتل والسرقة في دولة يديرها أمراء حرب ورؤساء عصابات ومتطرفون قانونًا عامًا؟

يريد البرهان وحلفاؤه، مرتزقة حركات النهب المسلح الدارفورية، وقادة مليشيات الكيزان الإرهابية، وأمراء الحرب الآخرين من قادة المليشيات الجديدة وزعماء القبائل المرتشين، أن يظهروا للعالم بمظهر المحترمين، الملتزمين بالقانون، ورجال الدولة، وما إلى ذلك من أوهام لا قيمة لها ولا يأبه بها أحد. يعتقدون أن الشعب السوداني لا يعلم بأحابيلهم وحيلهم الساذجة هذه، ويظنون أن العالم من حولهم مجرد أغبياء وسذج. كم هم كذبة مخبولون، وقتلة ومجرمون ولصوص!

صحيح “اللي استحوا ماتوا”، كما ماتت الوثيقة الدستورية، لكن هؤلاء الرجال الأغبياء ماتوا دون أن يستحوا!

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *