البرهان والفلول السودانية , اخبار السودان
البرهان والفلول
أمل محمد الحسن
منذ خروجه من القيادة العامة، زار القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان عددا من المواقع العسكرية، كان يكرر في جميع مخاطباته للجنود نفي أن الجيش له علاقة ب”الكيزان”.
لكنه في الغالب لم يكن يختار أن يذكر العبارة المحددة، كيزان، أو فلول، أو النظام البائد، كان يختار عبارات أخرى مثل أن الجيش لا يقاتل من أجل جهة أو “زول” كان يتهرب من ذكر العبارة المحددة الصريحة في أغلب احاديثه الجماهيرية، كاشفا عن كذبه بلغة جسده المتوتر!
والبرهان اكتفى بالحديث، مجرد النفي بالعبارات والكلمات “الخواء”! لم يقدم على اي فعل يؤكد ما يقوله، ولكن الشعب السوداني اعتاد على أنه يفعل عكس ما يقول باستمرار، حتى صارت عادة مصاحبة!
فهو دائما ما كان يتحدث عن دعمه للتغيير، والثورة لكنه في الواقع انقلب عليها، وواجه المواكب الرافضة لانقلابه بقمع مفرط!
ثم اتهم الدعم السريع الآن بعد الحرب بأنه هو من قام بفض اعتصام القيادة، في الوقت الذي دافع دفاعا مستميتا عن جميع أعضاء مجلسه العسكري في ذلك الوقت والذي كان يضم حميدتي! مؤكدا أنهم جميعا بريئين من مجزرة القيادة العامة التي حدثت في حرم مبنى القيادة العامة للجيش!
الآن البرهان يفعل ذات الشيء! يقول مجرد كلام لكن هذه المرة تنافي احاديثه الوقائع الماثلة أمام الجميع بصورة مفضوحة للغاية!
فانصار النظام البائد والمطلوبين لدى المحكمة الجنائية، والذين قال عنهم أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة إن الدعم السريع من أطلق سراحهم؛ يجوبون ولايات السودان ويعقدون اجتماعاتهم وتنقل الوسائط الاجتماعية فيديوهاتهم ولا يبدو أن أحدهم يرتدي طاقية إخفاء! أو حتى يسعون للاختباء لأنهم يعملون مع البرهان بتناغم كامل!
ولا يمكن أن يكونو بأي حال بعيدين عن أذرع الاستخبارات العسكرية التي تستطيع أن تقبض على أعضاء لجان المقاومة والناشطين من قلب العاصمة التي تدور فيها الحرب، فلن يصعب عليهم أن يلقوا القبض على فلول النظام الفارين من السجون!
هذه المرة أحاديث البرهان التي تتناقض مع تصرفاته فيما يخص علاقته مع الفلول والكيزان تثير الضحك! وعندما يقول إن الجيش ليس به كيزان؛ يخرج له الناشطون صوره وهو يزور قائد كتيبة البراء في المستشفى فور خروجه من القيادة العامة.
ذلك “المجاهد” الذي ترك البندقية وبات يتجول في القرى والمدن يهدد ويتوعد من يكتبون على المنصات الاجتماعية، مؤكدا أن الله قد سخر له “رقيب” و”عتيد” يأتمرون بأمره، ويعلم ما يحلم به الناس! ويتوعد بالرد على الجميع بعد أن يحسم المعركة!
وعلى الرغم من حصوله على رتبة رائد، ووجود صقر يزين كتفه الجهادي، إلا أن الموقع الذي يتحدث فيه عن حسم المعارك يحتاج لأكثر من صقر ليرفع صوته واصبعه بكل هذا الوعيد والتهديد وبشريات حسم القتال!
والحرب مستمرة تكاد تكمل شهرها السادس، ليس دون حسم فقط، ولكن مع تمدد شمل مناطق جديدة مثل العيلفون ومخاوف من وصول مد قوات الدعم السريع لولاية الجزيرة التي تأوي اعدادا هائلة من سكان الخرطوم الذين أجبرتهم الحرب على الفرار إليها!
يحتاج البرهان ل فك ارتباط الجيش من الكيزان والفلول بأن يخرس أصواتهم التي تخاطب المستنفرين، وتستدعي للذاكرة برامج ساحات الفداء، فالكيزان بعد 30 عام ما زالوا يستخدمون ذات الأغاني الجهادية في حربهم السابقة التي كانت ضد “الكفر”! حسب ادعائاتهم في حربهم ضد الحركة الشعبية، بينما هذه حرب يصرخ جنود الطرفين فيها بالتكبير والتهليل!!
على البرهان أن يخرج ليخبرنا حقيقة “الصقر” الذي وضع على كتف بائع الاواني، حقيقته، واسبابه، وكيف يضمن الشعب السوداني بأنه لا يصنع مليشيا جديدة تخرج من ذات الرحم “الولود” و”الملعون” بعدم بر ابنائه!
يحتاج البرهان لأكثر من الحديث الأجوف ليثبت عدم علاقة الفلول بما يحدث، فما عاد الشعب السوداني يعيش في عصر برنامج ساحة الفداء، يطل على شاشة واحدة ويتلقى المعلومة من مصدر واحد! ثم انه ذاق وبال صنع مليشيات موازية للجيش، وذاق إلقاء ابنائه في محارق الحروب التي تنتهي جميعا بالتفاوض!
يلتقون مع قادة الجيوش التي كانوا يحاربونها، وهم يبتسمون ويتبادلون الاحضان، بينما لا يعود الأبناء إلى أحضان أمهاتهم مرة أخرى!
ارتباط البرهان بالكيزان لا يحتاج لأي اثباتات وحديث كثير، كل شيء مبذول في الوسائط الاجتماعية، بالصور والفيديوهات والبوستات! أما آن له أن يتوقف عن الحديث الذي لا طائل منه؟
المصدر: صحيفة التغيير