الانتقال المتعثر الانقلاب الفاشل والإطاري المتعثر (أبريل 2019 أبريل 2023)
المقال الثالث: الانتقال المتعثر الانقلاب الفاشل والاطاري المتعثر (أبريل 2019 أبريل 2023)
تابع كرونولوجي الطريق إلى الحرب
( الجزء الثالث من مقال: في توصيف حرب رمضان/ أبريل الحالية)
عبد الرحمن الغالي
**
(1)
تحدثت في مقالات سابقة لي بالتفصيل عن عثرات الفترة الانتقالية عن أخطاء وعيوب الحاضنة السياسية ( قوى الحرية والتغيير) ولا نريد تكرارها هنا ويمكن الرجوع لمقالي المنشور بصفحتي على الفيسبوك بعنوان (تأملات من الرصيف في مسألة الدكتور حمدوك والمنشور بتاريخ 18/7/2020 ) ومقال ( الاتفاق الإطاري … نظرة سياقية) المنشور بصفحتي في 9/12/2022. وهنا أعطي بعض الملامح التي أدت لتعثر الفترة الانتقالية فيما يتعلق بقوى الحرية والتغيير ثم لاحقاً القوى الأخرى الداخلية والخارجية.
وكما أسلفنا فقد كانت ثورة ديسمبر ثورة ناقصة لم تنتهِ بتحول مدني كامل نسبة لتوازن القوى المتاح آنذاك والذي أشرنا إليه في الحلقة السابقة ولكن فيما يتعلق بأداء قوى الثورة فإن ملامح الخلل يتمثل في الآتي:
• عدم الاتفاق على رؤية استراتيجية حول طبيعة الانتقال: هل هو انتقال متدرج وناعم أم جذري، مما أدى لإرباك المشهد واختلاف قوى الثورة الحزبية والنقابية والمدنية كما فتح الباب لمزايدات زادت المشهد تعقيداً.
• عدم وجود هيكل تنظيمي واضح وجسم قيادي لتحالف قوى الحرية والتغيير يناقش القضايا ويحسمها ،قاد ذلك الغياب لاختطاف قرار الحرية والتغيير وتغييب بعض مكوناتها.
• عدم وجود رؤية واتفاق حول نوع القضايا التي يجب أن تحسم في فترة الانتقال والقضايا التي تحسم في المؤتمر الدستوري والقضايا التي تترك للحكومة المنتخبة مما أثار استقطاباً حول قضايا هامة مثل الدين والدولة والتطبيع مع اسرائيل الخ ما كان لها أن تشعل الخلاف وتسمّم الفترة الانتقالية.
• أهم عيب وخلل كان اختطاف أحزاب صغيرة لتحالف قوى الحرية والتغيير بل ومجموعة صغيرة متجانسة عابرة للأحزاب تعمل بتناغم وتختطف القرار رغم إرادة أحزابها. ومن الغريب أن بعض قوى الحرية والتغيير المتنفذة نفسها تعرضت لاحقاً للاختطاف بواسطة رئيس الوزراء ومكتبه ومجموعته الخاصة التي عُرفت بشلة المزرعة.
• أدت تلك العيوب وأهمها غموض كيفية اتخاذ قرارات مهمة، وتهميش كثير من مكونات الحاضنة السياسية إلى تجميد حزب الأمة أكبر أحزاب التحالف عضويته في (قحت) في 22/4/2020 بعد سنة كاملة من الرجاءات والمناشدات بضرورة هيكلة الحرية والتغيير وتكوين مكتب قيادي يتخذ القرار.
• وبعد شهرين انقسم تجمع المهنيين في يونيو 2020
• وبعد خمسة أشهر تبعهم الحزب الشيوعي الذي انسحب من قوى الحرية والتغيير (قحت) ومن قوى الاجماع الوطني في نوفمبر 2020 لنفس الأسباب، واستمر هذا النهج الاحتكاري الاقصائي لمجموعة صغيرة ليطال حزب البعث الذي انسحب في 5/12/2022 بعد رفض الاستماع لآرائه حول الاتفاق الاطاري.
وبناءً على تلك العيوب المذكورة ظهر الغموض في تسكين المواقع الهامة في الفترة الانتقالية التي صارت تتم بعيداً عن المعايير الموضوعية ووفق تقديرات المجموعات المتنفذة التي لا يُعرف المصدر التي تستمد منه قوتها.
وقد أفردت عدة مقالات للدور السلبي للحزب الشيوعي في تسميم الفترة الانتقالية منها مقال بعنوان (ماذا يريد الحزب الشيوعي… دعوة للتأمل !) بتاريخ 6/6/2020 وسلسلة مقالات عن رحلة الحزب لكاودا ومقالات عن واجهات الحزب المهنية وغيرها.
أما حزب المؤتمر الوطني المحلول فلا أحد يستغرب سعيه لتخريب الفترة الانتقالية بعد أن أطاحت به الثورة الشعبية. فقد خرّب خلال سنوات حكمه السودان وخرّب قبله الفترة الانتقالية بعد الانتفاضة وخرّب الديمقراطية الثالثة ثم انقلب عليها .
(2)
وإذا كانت خلافات واختلافات القوى السياسية والفئوية والمدنية مبررة لأسباب كثيرة، فإن أخطاء رئيس الوزراء الانتقالي الدكتور عبد الله حمدوك وخطاياه قد مثلت ضربة قوية للفترة الانتقالية.
فقد جاء حمدوك وفي يده عدة أسلحة قوية جداً ( يمكن مراجعة مقالنا تأملات من الرصيف في مسألة الدكتور حمدوك) ولكن لغرض الحديث عن تعثر الفترة الانتقالية يمكن الحديث عن سلبيات إدارته للفترة الانتقالية وأهمها:
• التنازل عن صلاحياته الدستورية التي أعطتها له الوثيقة الدسنورية الأمر الذي أفرغ المدنية من محتواها ونقل كل السلطة للمكون العسكري حيث تنازل حمدوك عن ملفات السلام لحميدتي وعن رئاسة الآلية الاقتصادية لحميدتي مع أنه ما اختير رئيساً إلا بزعم أنه خبير اقتصادي يكن أن ينتشل السودان من مأزقه الاقتصادي، ثم تنازله عن ملفات السياسة الخارجية للبرهان وحميدتي الذين أصبحا يجولان ويصولان في العالم ويعقدان الاتفاقات التي لا تقع ضمن صلاحياتهما ولا حتى صلاحية الفترة الانتقالية مثل لقاء البرهان مع نتينياهو وحميدتي مع الموساد مثلاً.
• غياب الشفافية والانفراد بالقرار فعلى سبيل المثال أرسل رسالة يطلب فيها من الأمم المتحدة تكوين بعثة والقدوم للسودان في سابقة نادرة على مستوى العالم دون التشاور مع أية جهة معلومة وكذلك قبوله دفع تعويضات لضحايا المدمرة ” كول” منفرداً، ومقابلاته مع رموز النظام البائد، توقيع اتفاق ” إطار الشراكة للسودان
Sudan mutual partnership framework ( MPF)
وما فيه من الشروط السياسية والاقتصادية للدعم الاقتصادي. هذا الاتفاق ألزم السودان بتلك الشروط قبل أن يحدد السودان وجهته الاقتصادية في المؤتمر القومي الاقتصادي.
• تغييب وتهميش الحاضنة السياسية (قوى الحرية والتغيير) ، والعمل منفرداً عبر مكتبه المتضخم الذي مثّل الوزارة الحقيقية، وعبر شلته الخاصة (شلة المزرعة) ويظهر هذا التهميش في عدم العمل ببرنامج (قحت) بل وتغول الشلة على صلاحيات الوزراء بصورة سافرة ( انظر بيان المهندس عادل ابراهيم وزير الطاقة في حكومة حمدوك الأولى وبيان الدكتور إبراهيم البدوي وزير المالية في نفس الحكومة).
• وعندما اتضح فشل الفترة الانتقالية ألقى حمدوك اللوم على المكون المدني وحده في تماهي مع خطاب المكون العسكري وذلك في مبادرته الأخيرة لحل الأزمة الوطنية التي قدم فيها تشخيصاً للأزمة تضمن تعداد أوجه الفشل في المرحلة الانتقالية ولكنه عندما أراد علاج الأزمة انصرف عن التشخيص ليقدم وصفة تقوم على تكوين كتلة انتقالية جديدة لحل الأزمة. وبرز ما يقصده حينما شكل آلية لمبادرته ضمت رموز من المؤتمر الوطني في الإدارة الأهلية والطرق الصوفية، فاتضح جوهر مبادرته وهي: فشل الفترة الانتقالية (من حيث التشخيص) وتوسيع قاعدة الكتلة الانتقالية لتضم الجميع بما فيهم رموز من النظام البائد ( من حيث العلاج) وهذا يتناغم مع المكون العسكري في أمرين الأول: تحميل القوى السياسية مسؤولية فشل الفترة الانتقالية بسبب صراعاتها والثاني: الانتقال لحاضنة جديدة تقلص نفوذ الحرية والتغيير أو تستبعدها بالكلية وقد يتفق البعض مع هذا الاجتهاد السياسي لو أتي التوسيع بالتشاور وليس بالاضعاف وأن يأتي بالأسلوب المدني وليس عبر الانقلاب.
• والطامة الكبرى كانت بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 وموقفه الغامض ثم اتفاقه المريب مع البرهان في 21 /11/2021 ذلك الاتفاق الذي أقر بالانقلاب وتبنى أطروحاته وقبِل إلغاء الوثيقة الدستورية.
• ولمزيد من الأمثلة والتوضيح لكيفية إدارته وسلبيته وضعف تواصله وتفاعله مع قضايا الشعب الذي عانى من الفتن القبلية المصنوعة انظر مقالنا السابق ذكره ومقالات وقراءات منها مقال (ثانياً: المشهد بعد اتفاق البرهان حمدوك) بتاريخ 22 نوفمبر 2021.
أما المكون العسكري فلا يحتاج الحديث عن دوره في مقاومة الانتقال للحكم المدني لتوضيح، فقد قبِل مكرهاً الانحناء لعاصفة ثورة ديسمبر وقرر الالتفاف عليها باستمرار : في 11 أبريل 2019، وفي 16 مايو 2019 ( وقف الحوار مع قوى الحرية والتغيير)، وفي 3 يونيو 2019 ( فض الاعتصام والغاء أية اتفاقات ) وفي 25 أكتوبر 2021 (الانقلاب الصريح ).
أما المجتمع الدولي فقد تحدثنا عن أدواره السلبية أفراداً ومنظمات وعدم مساعدته للحكم المدني في عدة مقالات ( انظر مقال الدور الأجنبي في سودان اليوم ثلاث حلقات نشرت في 17 و 21 و 22 فبراير 2022 ) ومقال (حتى تنجح مساعي بعثة الأمم المتحدة يونيتامس: تصحيح الفرصة لا إفلاتها 12 يناير 2022) ويمكن أن نتحدث في حلقة منفصلة عن الأدوارالسلبية للدول الغربية لا سيما أمريكا ونوضح دور دول المحور السالب وتحريضها على الانقلاب على التحول المدني وكذلك الدور السالب للبعثة الأممية التي لم يمنع وجودها لا الانقلاب ولا الحرب ولم تسهم في دعم الانتقال بل خلقت تناقضات بسلوكها وتعاملها مع القوى السياسية حيث أيدت اتفاق حمدوك مع العسكر بعد انقلاب 25 اكتوبر ثم وضعت خارطة طريق في خطاب رئيسها لمجلس الأمن جاءت ضعيفة وتستبطن قبولاً بالانقلاب. وللكاتب اليكس دي وال مقال يوجز عنوانه الموقف السالب من ثورة ديسمبر والحكم المدني الديمقراطي وعناون المقال ( الثورة التي لم يردها أحد)
(The revolution No One Wanted)
(3)
الانقلاب
ونتيجة للأخطاء المذكورة هنا والأخطاء التي ذكرناها سابقاً ونتيجة لمخاوف العسكريين من المحاسبة وعدم تطمينهم بالوصول لصيغ من العدالة الانتقالية ونتيجة لمخاوف العسكريين (بمكوّنيهم) من فقدان المكاسب الاقتصادية التي حازوها بدون وجه حق ونتيجة للتحريض من دول الجوار الاقليمي الخليجي والعربي ودول العالم ذات المصلحة الاقتصادية المباشرة مثل روسيا وتراخي وعدم دعم المجتمع الغربي وغير ذلك من الأسباب استولى المكون العسكري بشقيه على السلطة مستغلاً انقسام القوى السياسية وفشل الحكومات الانتقالية ومستغلاً مرارات الحركات المسلحة ومطامعها حيث تم تمويل اعتصام مصنوع ليكون حاضنة بديلة للانقلاب.
واجه انقلاب 25 أكتوبر مقاومة شرسة من الشعب السوداني وعجز المكون العسكري بشقيه عن تكوين حكومة وعن خلق شارع بديل وظهرت الاختلافات بين المكونين.
ومما ذكرناه من مظاهر فشل الانقلاب في ذلك المقال (9/12/2022):
(الفشل في تكوين حكومة والعزلة الدولية وتدهور الوضع الاقتصادي وتدهور الوضع الأمني وتردد القوى الاقليمية الداعمة للانقلاب في المضي والبحث عن مخارج من ورطة الانقلاب واختلاف الدول الداعمة للانقلاب وهي سبب ونتيجة لفشل الانقلاب في آن واحد والفشل في حل مشكلة الشرق وأخيراً الاختلاف الواضح بين المكونين العسكريين الذي ظهر على السطح.)
كان ضغط الشارع قوياً واضطرت أغلب القوى السياسية لمجاراة شعاراته الرافضة لشرعنة الانقلاب وللتفاوض والشراكة معه فيما عرف باللاءات الثلاث. ولكن تحت ضغوط عربية وغربية رضخت وبدأت المفاوضات السرية برعاية أمريكية سعودية. كانت الحرية والتغيير تتحدث بلسانين فهي تتبنى في العلن اللاءات الثلاث وتفاوض في السر وتلتقي قائدي الانقلاب (البرهان وحميدتي) مما أفقدها احترام الشارع وتعرض قادة الحرية والتغيير لمخاشنات كثيرة من الثوار ولجان المقاومة. كان من الأوفق قيادة خط واقعي يقبل التفاوض لتفكيك الانقلاب بالحوار في ظل توازن القوى القائم وقتها وتوضيح ذلك بشجاعة وقيادة ذلك الخط والتبشير به واقناع الشباب الثائر بدلاً عن مجاراته وتملقه.
الاتفاق الاطاري:
بعد مجهودات قامت بها الرباعية ( أمريكا وبريطانيا والسعودية والامارات) والثلاثية بقيادة البعثة الأممية برعاية تلك الحوارات تم الوصول إلى اتفاق اطاري. وقد كان للاتفاق الاطاري ايجابيات عديدة ذكرناها وعيوب حذرنا منها ودعونا لاستدراكها في مقال بصفحتنا الشخصية بعنوان ( الاتفاق الاطاري نظرة سياقية) بتاريخ 9 ديسمبر 2022.
ولا بد أن نذكر القاريء أن هذه السلسلة بعنوان الطريق إلى الحرب لذلك نركز هنا على الأخطاء والسياقات التي قادت للحرب.
• فقد أشرنا إلى أن الاتفاق تعجل في نواحي اجرائية ونواحي موضوعية: النواحي الاجرائية فقد كان من المفترض الصبر على كل قوى قحت الموجودة والاستماع لها والسعي لضم القوى الثورية التي خرجت من قحت أو لم تكن فيها مثل حزب البعث الذي خرج مغاضباً بسبب عدم أخذ مقترحاته في الاعتبار ولجان المقاومة وتجمع المهنيين والشيوعي بدلاً من المضي فيه بتلك الانقسامات. أما الناحية الموضوعية فإن القضايا الكبرى لم يتم حسمها بل تأجيلها والتوقيع على قضايا في غالبها ليست خلافية.
• ثم أيضاً هناك النصوص الغامضة المتضاربة في الاتفاق بشأن المؤسسة العسكرية بشقيها إضافة لقضايا هامة تم النص على تأجيلها عبر ربطها بشروط معينة.
• ومن أهم العيوب التي بيناها في حينها أن الاتفاق خلط المشهد وقسّم القوى السياسية، فانقسم تحالف المعارضة للانقلاب ( قوى الثورة) فرفضت لجان المقاومة وتجمع المهنيين والحزب الشيوعي وحزب البعث الاتفاق. وانضمت للاتفاق قوى كانت تُصنّف مع نظام الانقاذ البائد ( مثل الاتحادي الأصل جناح محمد الحسن الميرغني ، والمؤتمر الشعبي) وقوى كانت داعمة لانقلاب 25 اكتوبر مثل حركة الطاهر حجر والهادي إدريس وحركة مالك عقار.
• وبسبب من تصنيف الاتفاق للقوى السياسية على أسس غير موضوعية إلى قوى ثورة وقوى انتقال وقوى أخرى الخ. شعرت القوى السياسية الأخرى أنها قوى رديفة لمجموعات صغيرة من قوى اعلان الحرية والتغيير، بل صارت مجموعة المجلس المركزي لقحت التي تؤيد الاتفاق الاطاري تتحكم فيمن يحق له التوقيع ومن لا يحق له وكيفية التوقيع إذ اشترطت ألا توقع الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية ككتلة وإنما كحركات وأحزاب منفردة.
• وغني عن القول أن هناك أخطاء في هذا المنهج أولها أن تصنيف القوى التي يحق لها التوقيع لم يُبْنَ على أسس ومعايير موضوعية فسمح لفصيل من الاتحادي بالتوقيع وحُرم فصيل وسمح للشعبي بالتوقيع وحرم الاتحادي الأصل وحزب مبارك الفاضل، وهذه أحزاب تتشارك في نفس التصنيف في موقفها من ثورة ديسمبر. كما سُمح للطاهر حجر والهادي ادريس ويتشابه موقفهما من الانقلاب مع موقف مناوي وجبريل.
• والخطأ الثاني أنم تقسيم القوى السياسية لقوى ثورة وقوى انتقال تقسيم خاطئ كان من الواضح أنه سيقود لانقسامات ما كان لها أن تغيب عن رعاة الاتفاق.
• والخطأ الثالث أن قحت المركزي تتحدث ككتلة وعينت ناطقاً رسمياً باسم العملية السياسية في حين أنكرت على قحت الكتلة الديمقراطية حق التوقيع ككتلة.
• وبسبب هذه المماحكات وغياب المعايير تعطّل الاتفاق الاطاري الذي كما أشرت في مقالي عنه أنه كان يمكن أن يشكّل مخرجاً سلمياً إذا تراضى الجميع على أن الاتفاق مفتوح للجميع عدا المؤتمر الوطني.
• وكنت قد اقترحت على قيادات في الحرية والتغيير المركزي تغيير الأولويات حيث رأيت أن تكون الأولويات وفق الترتيب التالي: أولاً منع الانزلاق للحرب وثانياً منع وقع البلاد تحت هيمنة أجنبية والثالث منع أي دعوات أو حديث أو ظروف تسمح بانفصال جزء من البلاد والرابع تحقيق التحول المدني الديمقراطي. وبناء على ذلك اقترحت عليهم فتح التوقيع على الاطاري للجميع ما عدا المؤتمر الوطني لقفل الباب أمام تلك المخاطر.
والغريب أن المماحكات كانت في ظل تصعيد خطير بين المكونين العسكريين ، وقد أشرت في ذلك المقال إلى أن البعض ينظر للاتفاق على أنه أداة من أدوات الصراع بين الجيش والدعم السريع وليس سبباً للصراع بينهما. أي أن الدعم السريع وقائده وحلفاءه اتخذوا من الاتفاق أداة لمحاصرة الجيش وقائده وحلفائه ولم يكن الاتفاق الاطاري سبباً في الخلاف بين المكونين وانما وسيلة لمناصرة طرف.
كان من المفترض أن يكون المقال القادم في السلسلة عن تمدد الدعم السريع في الفترة الانتقالية ومن بدأ الحرب ومن خطط لها. ولكن سأقطع هذا التسلسل لقراءة سريعة في التحركات والوساطات الدولية والاقليمية الجارية الآن لما لها من تأثير بالغ على السودان.
المصدر: صحيفة التغيير