الاتحاديون حالة عجز أم تخلق جديد
الاتحاديون حالة عجز أم تخلق جديد
زين العابدين صالح عبد الرحمن
كان رصيد الحركة الاتحادية مؤسس على الطبقة الوسطى، التي تكونت بعد إنشاء التعليم الحديث، واستطاعت القيادات الاتحادية التاريخية تكسب تجربتها السياسية من خلال النشاط الثقافي الاجتماعي الذي بدأ في عام 1918م تاريخ تأسيس نادي الخريجين ثم تطور النشاط والحراك بعد تأسيس مؤتمر الخريجين 1937م، حيث زادة حدة التنافس، وتطور العمل بعد أنخراط هذه النخبة في النضال السياسي، كانت القيادات الاتحادية الموزعة على عدد من الأحزاب الاتحادية والأشقاء ووحدة وادي النيل، تبني رصيدها الاجتماعي من خلال اتصالها المباشر مع الجماهير والتفاعل معها، وكان الزعيم الأزهري يطوف كل السودان ويلتقي مع الجماهير ويتحاور معها في القرى والنجوع، وعندما جاء قرار الحكم الذاتي وتوحدة الأحزاب الاتحادية في القاهرة ثم خاضت الانتخابات (نوفمبر 1953) التي فاز فيها الوطني الاتحادي بالأغلبية التي أتاحت أن يشكل الحكومة لوحده.
من دروس التجارب التاريخية، يتأكد أن الحركة الاتحادية دورها الحقيقي أن تكون في تلاحم مع الجماهير، وخلق حوار قاعدي عريض مع الجماهير، للوصول إلي برنامج متفق عليه، وفي نفس الوقت خلق الوعي المطلوب للعملية السياسية. والحوار مع الجماهير أيضا أداة لاستقطاب العناصر التي تظهر المعايير المطلوبة للقيادة، وخاصة في مناطق المحليات والمحافظات والأقاليم، باعتبار أن القيادات التي تبرز من خلال هذه الحوارات هي التي تقود العملية السياسية في مناطقها لأنها أكثر دراية بالمنطقة وبالعناصر المؤثرة في الجماهير. لكن للأسف أن الذي بدأ يظهر في العمل السياسي منذ عام 1986م، أن القيادة المركزية هي التي تختار العناصر ذات الولاء لها، الأمر الذي أدي لتراجع كبير لدور الحزب في الوسط الجماهيري، وخاصة في المؤسسات التعليمية التي تعد الأكثر بروزا للقيادات المستقبل.
وأصبح الحزب عبارة عن مجموعات متفرقة كل مجموعة عبارة عن قيادات ليس لها قواعد، وربما تكون الظاهرة الجديدة في العمل السياسي التي بدأت عام 1986م، أن تقدم للقيادة عناصر ذات قدرات متواضعة، لا تستطيع على إدارة الأزمات، هؤلاء لا ينظرون للعملية السياسية إلا من خلال مصالح ذاتية، الأمر الذي جعل الحزب الاتحادي الديمقراطي خارج المسرح السياسي، حيث كان من قبل هو الذي يصنع الحدث وتتجاوب معه القوى السياسية الأخرى، الآن أصبحت الحركة الاتحادية بكل مجموعاتها في دور المضاف إليه.
أن الأزمة الاتحادية لم تضرب القيادات الاتحادية فقط، بل طالت حتى بيت الميرغني حيث أصبح هناك متنافسان (الحسن وجعفر) كل يقود مجموعة تريد أن تمثل الحزب في (الاتفاق الإطاري) وهناك هاشم بن محمد سر الختم الميرغني الذي حسم أمره وأعلن الولاء (للتجمع الاتحادي) وأصبح الاتحاديون كغثاء السيل تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى. والبعض يقول إن الانتخابات هي التي سوف توحدهم.
إن وحدة الاتحادي لا تتم من خلال اجتماعات تعقدها التيارات مع بعضها البعض، خاصة أن كل مجموعة تعتقد أنها هي وحدها المجموعة المؤهلة لقيادة الحزب، عشرات من الآلاف القيادين، هذا الكم الهائل غير مؤهل لوحدة الحزب الاتحادي. تتم وحدة الاتحاديين إما ببروز كارزمة قادرة لوحدها أن تخلق حركة سياسية فاعلة، أو مجموعة فاعلة تمتلك برنامجا سياسيا متفق عليه وقادرة على فتح الحوارات القاعدية، ولها الآليات المطلوبة التي تستطيع بها أن تدير العملية السياسية والحوار القاعدي. نواصل. نسأل الله حسن البصيرة.
المصدر: صحيفة التغيير