الإنتصار من زاوية السلام

عزالدين فضل آدم
ليس هناك أحد يتميز بفطرة سوية، لا يفرح بمنظر العائدين الي ديارهم بعد عامين من الغياب؛
عامان من القهر واللجوء والنزوح؛
وفقد الأحبة موتاً او تغريباً او فقداً..!
عامان من الفراق لدار تأويك وأسرة تحتويك …
عامان من الغياب عن شجرة وريفة أمام دارك…
تُظِل أطفال حارتك،
وتمتع ناظريك بإيقاع الحياة على شوارع مدينتك،
وجلسة تمنحك فرصة لرد التحية على من يبادلونك الحب وهم يمرون بجوارك …!
عامان من ذل الملاجئ ..
وضيق ذات اليد..
وتفاقم الاحتياجات .. وكسر الخواطر ..
عامان أُذلت فيهما كرامة العزيز ..
ورُفعت فيهما درجة الوضيع ..
عامان تقهقر فيهما تصنيفنا بين الأمم في معدلات النمو ومؤشرات التقدم والإزدهار …
وتصدرنا دول العالم في الأزمات الإنسانية والفقر والجوع والمرض ..
عامان صدرنا فيهما حسب الدوائر الرسمية 108 طنا من الذهب،
تتجاوز قيمتها أكثر من ثلاثة مليار دولار؛
ولكن لم يظهر أثرها في لقمة تسد الرمق او حقنة تشفي المرض او جوال سماد يحي الزرع…
ولكن يبقى الانتصار الحقيقي في مشهد يظل غائباً عن أحلامنا العارضة..
أحلامنا المتقزمة من شدة المعاناة،
والمتواضعة من فداحة الألم،
والمتجمدة من فقد الأحبة،
والواجمة من هول الصدمة،
والمتوقفة في محطة الخوف من المجهول…!
يبقى الانتصار في أن لا نسمع قعقعة السلاح الى الأبد …
يبقى الانتصار في أن نسير على الطرقات بلا خوف،
وأن يحرسنا العدل في الصحو والمنام،
وان تحمينا سيادة القانون في العادات والمعاملات،
وأن تكون السلطة للشعب والحكم للمؤسسات،
والسلاح بيد الدولة… وعيون الجيش في كل الثغور.. وسلاحه في صدر العدو الطامع وبطشه للغريب العابث…
يبقى الانتصار في أن لا نمد أصابعنا لذات أجحار الأفاعي،
وأن لا نأمن لذات الثعالب التي تمرست في خداعنا وسرقة مكتسباتنا، وتهريب مواردنا،
وأن نحتاط من تلك الذئاب التي اعتادت أن تنهش جسدنا وتمتص دمائنا وتقذفنا في نيران الحروب،
يبقي الانتصار في أن نثبت أقدامنا على قواعد السلام ومبادئ الحرية وقيم العدالة …
يبقى الانتصار في أن نصرع خوفنا من بعضنا بالمحبة،
وأن نرتق نسيج مجتمعنا باحترام حقوق بعضنا، وتعظيم وحدتنا، والتناغم مع اختلافاتنا، والتماهي مع تنوعنا،
يبقي الانتصار في أن نمد كتوفنا عالية بالبذل والعطاء فوق الأمم ..!
ونرفع أصواتنا مزمجرة بالعز والشموخ والاباء وعلو الهمم…
يبقي الانتصار عندما ندرك بأننا سوياً سنبقى أقوياً؛
وأننا أصل استمدت منه البشرية أسباب البقاء ..
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة