اخبار السودان

الإفلات من العقاب حافز المجرمين السودانية , اخبار السودان

خالد فضل

الإفلات من العقاب حافز المجرمين

خالد فضل

رمضان ثالث تنقضي أيامه، وحال شعبنا مثار شفقة العالم، كأسوأ مأساة إنسانية على ظهر الكوكب. وعلى أخريات رمضان تحل ذكرى مذبحة فض الاعتصام، تلك المجزرة التي وقعت أمام بوابات مقار قيادة الجيش السوداني البطل. ومرتكبها شياطين هبطوا من السماء في تلك الليلة الرمضانية عكس ما هو موروث في الثقافة الإسلامية من أنّ الشياطين تصفّد في شهر رمضان!! ولكن مخططو ومنفذو تلك الجريمة من شياطين البشر تنادوا من المؤسسات العسكرية والأمنية للدولة الحداثية السودانية، ساعدهم بشك معقول بعض كتائب الجماعات الإسلامية الإرهابية.

والسيد أبو عاقلة كيكل (الخائن/ البطل) أصدر بيانا قبل أيام يتبرأ فيه من المسؤولية عن أي انتهاكات وقعت في ولاية الجزيرة إبان فترته (كخائن) وقائد عسكري لمليشيا الدعم السريع وهي تستولي على حاضرة الولاية، وتنفتح في قرى شمال وشرق وجنوب الجزيرة. فيفرد ثوب حمايته في شرق الجزيرة؛ حيث مضارب القبيلة، ويستبيحها الشفشافة نهبا وتخريبا وإزهاقا للأنفس في المناطق الأخرى، والقائد (الخائن يومها) يتنقل من قرية لأخرى لولاية، حتى نصّب زميله البيشي قائدا على سنار، وهيأ أبوشوتال لقيادة النيل الأزرق، ولكن فجأة يتم إغتيال البيشي، وينجو كيكل!!

والقرويون في الجزيرة يهربون، يلجأون وينزحون عن قراهم، ويموت معظم كبار السن، ومن يعانون من أمراض مزمنة. وتتحول الجزيرة إلى مشروع أشباح. فينال القائد كيكل الترقية كبطل قومي، وتزهق أرواح بعض الناس في الكنابي والقرى، بتهمة تعاونهم مع الدعم السريع عندما اجتاحتها قوات خليط، وكتائب إرهابية، وبعض قوات كيكل (البطل) هذه المرّة.

لم أعجب لتبرؤ الرجل، وما العجب، والإفلات من العقاب حافز ينتظر المجرمين!! كلما أوغل المشتبه فيه بارتكاب الجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان زاد صيته، وعلت رتبته العسكرية، ومكانته السياسية. فها هو البشير وزمرته المتهمة معه بجرائم الحرب بما فيها الاغتصابات والإبادات والتطهير العرقي، ينعمون بالتبجيل والتقدير، ويتبادلون رئاسة الحزب المحظور بموجب اجتماعات ومجالس شورى تعقد في مناطق سيطرة القوات المسلحة السودانية الباسلة. بينما رفيقهم علي كوشيب يمثل أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، يدلي ومحاموه بحججهم أمامها. فما الذي يجعل كيكل لا ينال حافزه في إطار حرب الكرامة التي غسلت عتاة المجرمين بمن فيهم عناصر جهاز الأمن المحكومين في قضية إغتيال المعلم أحمد الخير. فلأجل أبطال الإجرام أشعلت الحرب أساسا.

وأعضاء المجلس العسكري الانتقالي، الذين وقعت مذبحة فض الاعتصام تحت مسؤوليتهم، يفلتون من العقاب، يترقى بعضهم لرئاسة مجلس السيادة، وعضويته، ويمنحون درجات إضافية في قيادة الجيش من نوع نائب ومساعد.

ولأنّ الإفلات من العقاب هو الرافعة الأساسية للترقي وتولي المناصب والمواقع في الدولة السودانية الحديثة؛ يصبح من لم تتلوث يداه بسفك الدماء هو الطريد من حداثتها، من لم يلغ في إزهاق أرواح الناس هو مطلوب عدالتها، من سعى ويسعى لكفالة وصون حقوق الإنسان ووقف الحرب هو المجرم الذي يجب جلبه للمحاكمة عن طريق الراية الحمراء للإنتربول ولو عن طريق دفع بقشيش واختراق لبوليس دولة أخرى. هذه هي سمات الشعار السائد عسكريااااو (استبداد حروب ومظالم) في مواجهة هتاف الثوار السلميين المعتصمين قبل ستة رمضانات من الآن مدنياااو (حرية سلام وعدالة) ترقّى القتلة ليصيروا أبطالا، وتدنى الثوار ليصبحوا متهمين.. ولا تعدم من يمجّد السفاحين والإرهابيين بزعم الكرامة..

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *