الإدانة الكوميدية في بيان الصومال الفيدرالية
عبد الرحمن الكلس
(تدين الصومال بأشد العبارات الهجمات التي قامت بها قوات الدعم السريع في شرق ولاية الجزيرة والتي استهدفت المدنيين الأبرياء العزل من أطفال ونساء وشيوخ، مما شكل انتهاكًا صارخًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني. وتشدد وزارة الخارجية على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وتنفيذ مخرجات إعلان جدة).
أنقل لكم أعلاه من بيان ركيك وفوضوي ينقصه التنسيق وأشياء أساسية أخرى، مكتوب على ورقة يعلوها شعار واسم جمهورية الصومال الفيدرالية، وهو أول بيان أقرأه أو يقرأه أي أحد غيري صادر عن الصومال ووزارة خارجيتها، إذ لم يسبق لي أن قرأت رأيًا للصومال في أي قضية كانت في أي محفل من المحافل، حتى لو كان الأمر يتعلق بثقب الأوزون أو التغيير المناخي وخطره على انقراض وحيد القرن، وشخصيًا لم أكن أعتبره في السابق وحيد قرن، وقد كنت أظن أن قرنه الثانية معلقة على رأس الصومال، إذ لم أكن أعلم قبل هذا البيان شيئًا عنها، وما اذا كانت دولة حقيقة أم هي من الزواحف أو الثدييات، وذلك فرط انغلاقها وعدم تفاعلها وتأثيرها وسط محيطها الإقليمي والقاري والدولي، وربما كان تأثيرها في إنتاج واستهلاك “القات”، وربما كان انفتاحها في انغلاقها بتصدرها قائمة ختان البنات في العالم، وأنعم بها من سمعة؟!
لا أدري وأنا في الحقيقة أدري ما الذي طرأ على الصومال وجعلها تتفاعل فجأة مع قضايا العالم القريب والبعيد، لذلك نطلب من قوات الدعم السريع أن تأخذ الحيطة والحذر من جمهورية الصومال الفيدرالية العظمى، ومن الأسطول الصومالي العاشر الذي هزم القراصنة في خليج عدن والمحيط الهندي، وانتشر بعدها على البحرين الأبيض والأحمر؛ من قناة السويس حتى مصوع، دفاعاً عن مبادئ (الفيدرالية) وحقوق الإنسان!
ليس هذا تقليلاً من الشعب الصومالي وقد التقيت ببعضهم في أماكن كثيرة من هذا العالم، وكانوا من أفاضل الناس وأحسنهم، ولكن ازدراء بحكوماتهم التي لم يخلق الله مثلها في البلاد، إلا مؤخرًا في بورتسودان، والتي أسس فيها البرهان حكومة (صومالية) خالصة، لا ينقصها سوى أن يطلق عليها “سودان لاند” أو (ووندرلاند Wonderland)، مع قليل من الموز إضافة لموزه السياسي، فتصبح جمهورية صومالية فيدرالية مكتملة الأركان. ولابد من الإشارة هنا إلى أن رئيس الصومال الحالي حسن شيخ محمود عاش جزءًا من حياته في السودان حتى تخرجه من كلية الزراعة بجامعة الخرطوم، ومن شابه أخاه البرهان فما ظلم!
أقف ضد أي انتهاك لحقوق الإنسان أياً كان مصدره، ولكني ضد رمي التهم هكذا جزافاً دون لجان تحقيق دولية محايدة ومستقلة، خصوصاً ادانات الدول المسيسة، وليس لدي ما أقوله عن البيان الصومالي (الفيدرالي) الذي يدين قوات الدعم السريع سوى مقابلته بالضحك والسخرية، وفي الحقيقة لم أسعَ للبيان وإنما وقع أمامي صدفةً لا قصدًا، وأضحكني جدًا فكتبت عنه ليس من باب النقد والتحليل السياسي، بل من باب التسلية والترفيه، و(القلوب تمل) كما جاء بالأثر.
وتكتمل الضحكة التي أود أن أشارككم فيها؛ أنني عندما قرأت البيان الصومالي لأول وهلة أحسست وكأنني قرأته من قبل، فوضعته في مؤشر البحث والتقصي ولجأت لعمنا (قوقل) الذي لا يُظلم عنده أحد، ولم يظلمني، إذ وجدت البيان الصومالي مقتطعًا من بيان وزارة الخارجية المصرية، كما هو (بالشولة)؛ لغة وإدانة ومطلبًا، فتأكدت شكوكي وعرفت مصدره وكاتبه وناشره، وزال عجبي، يا عجبي!
ألم أقل لكم إن البرهان يؤسس لجمهورية صومالية فيدرالية جديدة شقيقة لمصر؟
كانت إفريقيا منذ الأزل مصدراً للعبيد، ولكن خرج منها أبطال ناضلوا من أجل حرية شعوبهم، بالطبع ليس من بينهم الرئيس الفيدرالي حسن شيخ محمود، وقطعًا ليس من بينهم العميل والعبد الأكبر “عبد الفتاح البرهان” الذي قمع حرية شعبه وحطم أحلامهم وآمالهم من أجل أن يصبح رئيسًا عليهم وعبدًا لغيرهم؟!
نحن أمام تأسيس جمهوريات موز أفريقية حقيقية، دون جاكومي أو هجو أو أردول، وبلا مناوي أو أركو!
المصدر: صحيفة الراكوبة