الأنشطة البيولوجية الأمريكية في أفريقيا تحت المجهر
أبوبكر عبدالله
في عصرٍ تتجاوز فيه التهديدات البيولوجية الحدود بوتيرة مذهلة ، أصبحت الأنشطة الدولية في مجال البحوث البيولوجية مثار جدل واسع.
مؤخرًا ، اتهمت روسيا الولايات المتحدة بتصعيد “أنشطتها البيولوجية العسكرية” في أفريقيا ، مشيرة إلى دول مثل غانا ، جيبوتي ، كينيا ، ونيجيريا كمراكز لهذه العمليات ، حيث تفتح هذه الادعاءات باب التساؤلات حول مدى صحة هذه المزاعم ودوافعها وتأثيرها على مستقبل العلاقات الدولية.
مراكز الأبحاث : بين التعاون العلمي والأجندة الخفية في غانا وجيبوتي ، تدير الولايات المتحدة مشاريع طبية تهدف إلى دراسة الأوبئة وعزل مسببات الأمراض ، وفق التصريحات الأمريكية ، تهدف هذه المشاريع إلى تعزيز الأمن الصحي العالمي ، لكن روسيا ترى في هذه الأنشطة ستارًا لتطوير أدوات حرب بيولوجية ، ما يثير قلقًا واسعًا بشأن الأجندة الحقيقية وراء تلك البحوث.
كينيا : الطب العسكري وسؤال الغاية
في كينيا ، أقامت الولايات المتحدة مركزًا طبيًا عسكريًا لرصد الأمراض المعدية ، وبينما تصفه واشنطن كمبادرة لتعزيز الأمن الصحي ، يثير الطابع العسكري تساؤلات حول إمكانية استخدام هذه المنشأة لأغراض تتجاوز البحث العلمي إلى تطوير أدوات عسكرية بيولوجية.
نيجيريا : شراكات صحية أم غطاء لأغراض أخرى؟
في عام 2024م ، شهدت نيجيريا افتتاح مركز بحوث طبي مشترك بإشراف وزارة الدفاع الأمريكية ، وعلى الرغم من التأكيدات بأن المشروع مخصص للأبحاث الصحية ، فإن وجود مختبر عسكري ضمن هذا المركز يثير الشكوك حول نوايا الولايات المتحدة.
اتهامات روسيا : حرب إعلامية أم مخاوف مشروعة؟
اتهمت موسكو، على لسان نائب أمين مجلس الأمن الروسي أليكسي شيفتسوف ، الولايات المتحدة بتطوير أسلحة بيولوجية تستهدف مجموعات عرقية بعينها ، بينما تصف الولايات المتحدة هذه المزاعم بأنها حملة تضليل ، يرى مراقبون أنها قد تكون جزءًا من صراع إعلامي وجيوسياسي يهدف إلى تقويض النفوذ الأمريكي في القارة.
الأبعاد الأخلاقية والقانونية : معضلة وجودية
تلتزم الولايات المتحدة وروسيا باتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية (BWC) ، لكن غياب آليات رقابة فعالة يجعل من الصعب التحقق من أمتثالهما الكامل ، حيث تُبقي هذه الثغرات الباب مفتوحًا أمام إمكانية استغلال التكنولوجيا البيولوجية لأغراض عسكرية.
استهداف عرقي : كابوس أخلاقي
فكرة تطوير أسلحة بيولوجية بغرض استهداف مجموعات عرقية معينة تعيد إلى الأذهان أكثر السيناريوهات الأخلاقية كارثية ، كما يتناقض هذا النوع من المشاريع مع كل المعايير القانونية والأخلاقية الدولية ، ويهدد بخلق سابقة خطيرة قد تدمر أسس التعايش البشري.
بعيداً عن الاتهامات ، تؤكد الولايات المتحدة أن مشاريعها البيولوجية في أفريقيا تهدف إلى تحسين الأمن الصحي العالمي بالتعاون مع الحكومات المحلية ومنظمات دولية، لكن الخلط بين الطابع المدني والعسكري لهذه المشاريع يفتح المجال للتأويلات التي قد تعصف بالثقة في نوايا واشنطن.
ختاماً ، في ظل تصاعد الاتهامات والتوترات ، تبرز الحاجة إلى تحقيقات دولية محايدة تكشف حقيقة الأنشطة البيولوجية في أفريقيا ، مثل هذه الخطوة يمكن أن تساعد في تعزيز الثقة بين الدول وضمان استخدام التكنولوجيا البيولوجية لتحقيق تقدم صحي عالمي ، دون تهديدات مستقبلية.
الجدير بالذكر ، أن عالم اليوم يتطلب أكثر من أي وقت مضى رقابة دولية صارمة وآليات شفافة للتحقق من استخدامات التكنولوجيا البيولوجية ، حيث يجب تحويل العلم إلى أداة تقدم وبناء وليس سلاحًا لتدمير والتخريب ، وعلى الجميع تحمل المسؤولية لاسيما الدول والمؤسسات الدولية على حد سواء.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة