الأمم المتحدة تعرب عن قلقها من خطر “تفكك” السودان

ونقلت فرانس برس عن الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قوله “إننا نشعر بقلق بالغ إزاء أي تصعيد إضافي للنزاع في السودان، بما في ذلك الإجراءات التي من شأنها أن تزيد من تفكيك البلاد وترسيخ الأزمة”. وأضاف أن “الحفاظ على وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه مبدأ أساسي للتحرك نحو حل دائم للأزمة وضمان الاستقرار الطويل الأمد للبلاد والمنطقة”. وشدد “باعتبارنا مجتمعا دوليا، يتعين علينا إيجاد السبل لمساعدة الشعب السوداني على إنهاء هذه الكارثة المروعة ووضع ترتيبات مقبولة للانتقال”.
وكان دقلو الملقب “حميدتي” قد أعلن تشكيل حكومة منافسة في الذكرى الثانية لاندلاع الحرب الأهلية التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتسببت في مجاعة في أجزاء من البلاد.
وأكد دوجاريك أن “تشكيل حكومة موازية لن يقرب السودان من حل للنزاع، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حوار جامع ومعمّق”.
تزامن هذا مع إعلان اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه تم الإبلاغ في عام 2024 عن فقدان ما لا يقل عن ثمانية آلاف شخص في السودان الذي مزقته الحرب، مضيفة أن هذا الرقم هو “الجزء الظاهر من جبل الجليد”. وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان دانيال أومالي “هذه فقط الحالات التي جمعنا (معلومات عنها) مباشرة. نعلم أن هذه مجرد نسبة ضئيلة الجزء الظاهر من جبل الجليد من إجمالي حالات المفقودين”.
في هذا الأثناء، أظهرت بيانات المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أن ما يتراوح بين 60 ألفا و80 ألف أسرة، أو ما يصل إلى 400 ألف فرد، نزحوا من مخيم زمزم بولاية شمال دارفور في السودان عقب سيطرة قوات الدعم السريع عليه.
وسيطرت القوات شبه العسكرية على المخيم قبل أيام بعد هجوم استمر أربعة أيام، والذي قالت الحكومة ومنظمات الإغاثة إنه أسفر عن مقتل وإصابة المئات.
وقالت الأمم المتحدة إن الأرقام الأولية من مصادر محلية تشير إلى مقتل أكثر من 300 مدني في اشتباكات اندلعت يومي الجمعة والسبت حول مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين ومدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن هذا يشمل عشرة من موظفي منظمة الإغاثة الدولية قُتلوا أثناء إدارتهم أحد آخر المراكز الصحية العاملة في مخيم زمزم.
وتحذر جماعات حقوقية منذ فترة طويلة من احتمال حدوث أعمال وحشية في حالة نجاح قوات الدعم السريع في حصارها المستمر منذ أشهر للمخيم الذي يعاني من المجاعة والمجاور للفاشر، المعقل الوحيد المتبقي للجيش في منطقة دارفور.
ونفت قوات الدعم السريع هذه المزاعم، قائلة إن مخيم زمزم كان يُستخدم قاعدة لجماعات موالية للجيش.

خلاف عربي
وسياسيا، قالت لانا نسيبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية في الإمارات إن بلادها تشعر بخيبة أمل بسبب عدم التوصل إلى توافق في مؤتمر لندن بشأن إنهاء الحرب الدائرة منذ عامين في السودان.
وعزت مصادر ذلك إلى خلافات بين دول عربية؛ إذ شهد مؤتمر لندن الثلاثاء خلافات في الرأي بين الإمارات و مصر و السعودية بشأن قضايا تتعلق بحكم السودان، حسبما قالت أربعة مصادر لرويترز.
وقالت لانا نسيبة في تصريحات نقلتها رويترز “لقد كان هناك نداء واضح من جانبنا بأننا بحاجة إلى الوحدة حول الحاجة الملحة، أولا وقبل كل شيء، إلى انتقال السودان إلى حكومة مستقلة بقيادة مدنية”. وأضافت “ولهذا السبب… شعرنا بخيبة أمل كبيرة لأنه على الرغم من خطورة الوضع والجهود التي تبذلها بريطانيا، لم نتمكن من الاتفاق على بيان مشترك أمس”.
واحتج السودان على إشراك دول من بينها الإمارات التي يتهمها بدعم قوات الدعم السريع، بما في ذلك خلال هذا الشهر في محكمة العدل الدولية، وهي اتهامات تنفيها الإمارات. وضمت القمة أيضا مصر، ولديها علاقات وثيقة مع الجيش السوداني، الذي يدير السودان منذ انقلاب عام 2021، وكذلك السعودية التي استضافت جولات من محادثات السلام لم تثمر عن نجاحات.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن الخلافات كانت حول إصرار البعض على وجود حكومة بقيادة مدنية في السودان مقابل مسار لإنهاء الحرب وترك مسألة الحكم للسودانيين لاتخاذ القرار بشأنها لاحقا. لكن أحد الدبلوماسيين الذي حضروا المحادثات قال إن الخلاف نابع من الصياغة المتعلقة بمؤسسات الدولة.
وأضاف المصدر أن مصر طالبت باستخدام صياغة رفضتها دول أخرى، مثل الإمارات، إذ اعتُبرت أنها تضفي الشرعية على نظام الجيش في حين أيدت السعودية جهود مصر.
وقال المصدر الدبلوماسي إن الخلاف العلني بين القوى العربية أدى في نهاية المطاف إلى عدم صدور البيان وأثار عقبة أخرى أمام جهود السلام المستقبلية.
جاءت الخلافات بينما تسعى قوات الدعم السريع إلى تشكيل حكومة موازية تقول إنها ستمثل السودان بأكمله. لكن من المرجح ألا تحظى هذه الحكومة بتأييد واسع.
المصدر: صحيفة الراكوبة