دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى اتخاذ «إجراءات عاجلة» لوقف ما وصفه بـ«احتمال وقوع انتهاكات جسيمة ذات طابع إثني» في مدينة الفاشر،  عاصمة ولاية شمال دارفور.

الخرطوم _ التغيير

وتأتي هذه الدعوة بعد «حصار طويل الأمد» تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة. و أشار تورك إلى أن الفاشر، بعد مرور أكثر من 500 يوم من القتال المتواصل والحصار المسلح، تقف الآن «على حافة كارثة إنسانية متفاقمة»، ما لم يتم «التحرك الفوري لتخفيف الضغط العسكري وحماية السكان المدنيين».

تصعيد محتمل

​تزامن تحذير المفوض السامي مع ورود تقارير ميدانية تفيد بـ«تموضع طائرات مسيّرة بعيدة المدى» تابعة لقوات الدعم السريع في جنوب دارفور، وهو ما أثار «مخاوف من تصعيد محتمل» في العمليات العسكرية خلال الأيام المقبلة.

ويواجه المدنيون في الفاشر «ظروفًا قاسية»، حيث يتحملون «العبء الأكبر من الهجمات المتكررة»، سواء كانت عشوائية أو مباشرة، في ظل اشتداد القتال. وخلال الفترة من 19 إلى 29 سبتمبر، أُفيد بسقوط «عشرات الضحايا المدنيين» نتيجة قصف مدفعي وهجمات بالطائرات المسيّرة واقتحامات برية، وسط مؤشرات على استخدام هذه العمليات لـ«دفع السكان إلى النزوح القسري»، بما في ذلك النازحون من مخيم أبو شوك.

​حي الدرجة الأولى في الفاشر، الذي استقبل نازحين من مخيم أبو شوك، تعرض لسلسلة من الهجمات، من بينها «ضربتان بطائرات مسيّرة» استهدفتا سوقًا خلال الأسبوع الماضي. كما طال حادث سابق «مسجدًا في 19 سبتمبر»، وأسفر عن خسائر بشرية كبيرة. وفي 30 سبتمبر، تلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان «تقارير موثوقة» تفيد بتعرض مطبخ مجتمعي في حي أبو شوك لـ«قصف مباشر»، ما أدى إلى سقوط عدد من المدنيين. هذه الهجمات، وفقًا للمفوض السامي، «تعكس نمطًا متكررًا من استهداف الأعيان المدنية»، وتثير القلق بشأن «نوايا متعمدة لإفراغ المدينة من سكانها».

حماية المدنيين

​وشدد تورك على ضرورة «ضمان حماية المدنيين المتبقين في الفاشر»، بمن فيهم «الفئات الأكثر عرضة للخطر» مثل كبار السن، وذوي الإعاقة، والمصابين بأمراض مزمنة. كما طالب بـ«ضمان المرور الآمن والطوعي للمدنيين الراغبين في مغادرة المدينة»، عبر الطرق الرئيسية ونقاط التفتيش التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة مختلفة. وجاءت هذه الدعوة في أعقاب تقارير متكررة عن «انتهاكات خطيرة» ضد الفارين، شملت حالات تعذيب واختطاف ونهب، ما يثير «مخاوف من تكرار نمط الاعتداءات ذات الدوافع الإثنية»، كما حدث في الهجوم السابق على مخيم زمزم للنازحين في أبريل، والذي تخلله «استخدام ممنهج للعنف الجنسي» ضد نساء وفتيات من إثنية الزغاوة.

​وفي ظل الحصار المستمر، يواجه سكان الفاشر «أزمة إنسانية خانقة»، مع وصول «محدود للغاية» إلى الغذاء والماء والرعاية الصحية. وأشار تورك إلى أن «تناقص الإمدادات الأساسية وارتفاع الأسعار بشكل هائل» يزيد من تفاقم الوضع، خاصة بعد الهجوم الأخير على «أحد المطابخ المجتمعية القليلة المتبقية». وندد المفوض السامي بـ«القيود المفروضة» من قبل قوات الدعم السريع على إدخال المواد الأساسية إلى المدينة، وبالتقارير التي تفيد بـ«تعرض مدنيين للعنف» أثناء محاولتهم إدخال هذه الإمدادات.

​وجدد المفوض السامي دعوته إلى «رفع الحصار فورًا»، وضمان «وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق»، مؤكدًا على «الحظر الصريح» الذي يفرضه القانون الدولي الإنساني على استخدام التجويع كسلاح في النزاعات المسلحة. كما شدد على «ضرورة حماية العاملين في المجال الإنساني»، بمن فيهم المستجيبون المحليون، وعلى «مسؤولية قوات الدعم السريع والجماعات المسيطرة على نقاط التفتيش» في تأمين مرور المدنيين بشكل آمن وطوعي.

​في ختام بيانه، حث تورك جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك «الدول ذات التأثير المباشر على مجريات الأحداث في السودان»، على «اتخاذ تدابير عاجلة لمنع وقوع انتهاكات واسعة النطاق». وأكد أن «الفظائع ليست حتمية، بل يمكن تفاديها» إذا التزمت الأطراف الفاعلة بـ«احترام القانون الدولي»، ووضعت «حياة المدنيين وممتلكاتهم في صدارة أولوياتها»، وامتنعت عن «الاستمرار في ارتكاب الممارسات التي تهدد النسيج الاجتماعي» وتزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية في دارفور.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.