الأرض العذراء والشعب الطيب.. امجاد التاريخ وانكسارات الحاضر
من يمر على تاريخنا ولو من باب الفضول حتما سيجد العجب العجاب الذي لا يخطر على بال انس او حكاية جآن..
أرض تشقها الانهار كأنها الدورة الدموية في الإنسان
بلد مترامي الأطراف متنوع المناخ. طقسه مزاجي كمزاج ساكنيه..
بلد أفريقي عربي.. كأنه عالم مصغر ومختصر للكون الفسيح. بلد يفسر أسرار ألمجرات والثقوب السوداء
ومازال ثوب الاقتصاد بال وملي بالثوب وطن
يحتاج من يستر جسده النحيل الذي اهلكته فهلوة السياسيين وقصر نظر العسكر وقلة حيلهم.
السودان كسفينة نوح جمع الله فيها من أصناف البشر
تجد الأبيض والاسمر والاخضر والأسود. بلد جميل
كأنه لوحة مختصرة من لوحات سلفادور دالي السيريالية
في عاداته تكمن الأسرار العجاب كنظرة الموناليزا الغامضة لا أحد وجد تفسيرا دقيقا لها او مختصرا
شعب طيب حد السذاجة يخلط بين من هو عام وخاص له ومجتهد بعضه ينفق من غير من ولا أذي وكسول بعضه
ينتظر من يغدق عليه من ملكوت سخائه لا جزاء ولاشكورا
بلد مسكون بالأمل المطلق المستحيل احيانا وبالاوهام الطفولية أحايين أخري
كل تاريخه مكتوب ومنسوج على هوى من استعمروه
وبعض اعدائه..كل قرار يأتي من أعلى السلطة لا تشريع ولا منهجية ولا اخذ لراي او دراسة لحالة ولا فرق فيه ان يكون الطبيب وزيرا للزراعة وخريج الزراعة وزيرا للصحة
عرف بلدنا الحضارة منذ الأزل وكانت الحضارات الكوشية والمروية وحضارة كرمة.لكننا نتغني بها كأننا روادها ولكن لا أحد فكر مع كل هذا في تلك الحقب العجاف بيننا
لا أحد اجتهد ليسور آثارها ومبانيها وكنوزها حتى بسلك شائك..
عندما يتكلم السوداني مستحيل ان تعرف خلفيته الأكاديمية ومن الصعب أيضا أن تفرق ان كان هذا الطرح
من وزير يتربع على عرش تبؤاه ليلا او عامل ورنيش
لفحته حرارة الشمس في شارع بائس
لا فرق في كل شي.. انها عولمة المجادلة والمجادعة.
شعب وضع اجداده اول دستور في تاريخ البشر
وفي الوقت الذي يسعى من اتو بعده من الشعوب في البحث عن قضايا الحياة الكبرى وأسرار الكون و
كواكب تصلح للحياة. مازال قادتنا يتجادلون
في هوية الدولة بشعار الجهوية وسلطان القبلية
و بالكاد نريد أن نكتشف ذواتنا. ان ننتقل من العدمية الي تفكير البشر.الامنين خلف القيم التي التفوا حولها
إن ما ثبت في الخيال واستقر في الذاكرة الطفولية اننا
كنا ندوس الذهب الأصفر تحت ارجلنا ونمشي فوق
المناجم الطبيعية بمواشينا ولا نعرف شيئا عنه.. والرائج أيضا المثبت في اخيلة الأعداء قبل الأصدقاء ان بلدنا
موسوم بمكارم الاخلاق و فضيلة التكافل الاجتماعي
و لكن من أهم سلبياته هذا التكافل انه جعلنا شعبا
من نص عاملين ونصف عاطلين
أصبح النصف العاطل يعتمد على النصف العامل
وان كانت محمدة التكافل واضحة ووساما على جبين الشخص السوداني وجعله إنسانا فريدا في ذروة نبله الإنساني عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الانسانية وسنن والتراحم والتعاضد..و الأكثر ايلاما وقسوة ان
الجانب المظلم منه جعلنا كأننا أمة كسولة
أمة تمتهن السياسة وتعرف كل شي. أم العلوم وسر الفلسفة من عهد ارسطو الي عهد المقبور وانت تعرفونه
لا أحد ينكر مآثر الوعي السياسي لأفراد مجتمعنا
والأحاديث التي تدور في وسائل التواصل الاجتماعي
جعل كل فرد منا محللا استرتيجيا لا يسمع الا صوته
ير كبريائه ولهب جهله وصليل عنجهيته
و مازلنا أيضا نؤمن ذلك الإيمان الذين يغلب اليقين ان الأموات يعودون للحياة بعد موتهم روحا وجسدا
وهذا شي منتشر وراسخ بقوة في مخيلة الكثيرين..
مقابر تنتقل من مدافنها وتذهب حيث تريد الموتى ان يدفنون. اهي صحية الروح ام بركة الأجساد
وياللعجب حتى الأنبياء لم يكن لهم نصيب من هذه المأثرة السودانية الخالصة. انها انتفاضة الذقون..!!!!
رجال يطيرون الي مكة في لمحة البصر ويعودون
بعد أداء الصلاة في الحرم كما يزعمون ويزعم مريديهم
ورجل في حبل المشنقة ينظر اليه مريدوه كأنه المسيح سيصعد الي السماء ثم يعود..لا موت فوق قدرته
ولاحياة اكبر من قدراته ونواميسه التي ابتدعها..
تنظيم يكفر المجتمع كله ويوزع مفاتيح الجنة لمن ينتمي اليه ويوزع ثروات البلد الي وأعوانه بثقة الهطالي المجرمين القابضين على زناد التهريب والترغيب..
تنظيمات تقتل على الهوية. تسرق وتنهب وتغتصب الحرائر باسم القبيلة وسمو العرق ومآثر الجهاد
لدين لم يطبقه في نفسه وافرغه من تعاليمه السمحاء
تاريخ يتكرر بعد ١٢٥ سنة من التغيب والتزييف التزيين ولكن الأمر أن لا أحد قد طالع التاريخ الحقيقي لذلك الزمن الأسود القمى
كل شي مزيف ومبتور الأطراف ومحنط ومدفون
كل الكتب كل الشخصيات وكل الإنجازات تدور في فلك الاوهام والتمثيل والتهليل والتبجيل.. لاصنام
ما عادت تلهب غريزة طفل او هوي مخبول.
كل تنظيم او مؤسسة تعمل لنفسه ولا يبالي بالشعب و
حتى الجيش الذي من المنوط به أن يحمي ظهر هذا الشعب بات يحمي نفسه ويبرز ذلك بأنه انتصار للشعب ولايعرف حكم وظيفته والقيم التي تحكم العسكرية
كل الحكومات من الاستقلال فشلت في القيام بدورها
نحن نسير عكس اتجاه التاريخ لاشك في ذلك
أن الأوهام تسيطر على كل ادمغتنا وتاريخنا
كل الشعب يحلل وكل من يمشي على قدمين يشرع
وكل من يجلس على كرسي ينصب نفسه الها على الآخرين بيده ملكوت كل شي..
بلد أعطاه الله كل شي ولكن حكامه جعلوه رخيصا
تعبا كهلا لا يقوي على شي…
وطن كل شي فيه للبيع
لا كرامة لاحد فيه الا من يدوس القانون بحذائه..
من الزمم الي الأرض والماء والذهب والناس
والجوازات. والشهادات والأفكار كل شي للبيع
شعب ظنه حكامه مثل القطيع لا يصلح الا للرعي
لكنه شعب جبار فيه طاقات بلا حدود لم تستغل
ثوري وعظيم ومعلم. لكن ماذا بعد..
نؤمن انه سينهض يوما ان اراد ذلك
سينتفض يوما ما ماردا جبارا عنيدا.. شمسونا.
فقط نحتاج إلى إصلاح لأنفسنا وتشبث بقيمنا
وأصول حضاراتنا وجمال أنفسنا ونقاء سريرتنا.
أن تاريخنا يحتاج إلى إعادة كتابة وتدقيق وغربلة.
جيشنا يحتاج إلى اصلاح وهيكلة من جديد
واحزابننا تحتاج ان تتشكل من جديد على أسس وطنية ديمقراطية عدلية.بعيدا عن رجس الطائفية والعقائدية
قوانيننا يجب صياغتها لتتماشي مع القيم والاعراف المحلية والدولية
يجب أن لا نستهين بدين الله..
لانسرق باسمه ولا نتقاتل على المناصب باسمه
يجب أن نعود إلى الدين الحق الذي لايظلم فيه انسان
في معاملتنا اليومية ونقتدي به.
يجب أن نعود إلى الصدق مع أنفسنا والمبادي الانسانية
يجب أن نعود إلى تربية الذات والركون الي المثل العليا
للحياة الأدمية..
يجب أن يعم الوئام والسلام والامن والطمانينية
يجب أن نعرف ان السودان واحد لا أكثر
وكل قبائله واثنياته لهم نفس الحق في الحياة
يجب أن نحتكم إلى الديمقراطية كسبيل وحيد للخلاص
يجب حل كل حزب طائفي وقبلي وسلطوي
يجب أن نعرف قدرنا ومقدراتنا الاستثنائية وتقديرها كما يجب ويجب أن نعرف اننا
أمة من الأمم التى تنتظم في منظومة دول وشعوب العالم
واننا يجب أن نتعامل بما يحفظ علاقاتنا بشي من التكافؤ
والنبل والقيم المشتركة للبشر ومع البشر أينما وجدو.
يجب أن ندفن العنصرية والجهوية والتسلط اللامبالاة
يجب أن نعيد صياغة وسائل العيش المشترك للجميع
ويجب أن ننصهر في أمة واحدة في حدود وطننا الحالي
وعندها سيعود الجنوب جزءا عزيزا غاليا
لأننا بدونه كرجل يمشي مبتور الساق اليمني
وبتركيبة صناعية
يا شعب السودان الكريم
لابد أن تستفيق
لابد أن تستفيق
قبل فوات الأوان…
وخلف تلك النقطة لا سودان ولا شعب سوداني
ولا يحزنون
… عادل احمد يوسف
المقال القادم سنواصل جذور الحرب الحالية
اسباب اندلاعها وطرق الحل من وجهة نظر شخصية
المصدر: صحيفة الراكوبة