الآلاف يقتحمون مركز توزيع المساعدات في غزة، والجيش الإسرائيلي يستعيد السيطرة بـ “طلقات تحذيرية”
صدر الصورة، Reuters
اندفع آلاف الفلسطينيين عصر الثلاثاء باتجاه مركز لتوزيع المساعدات تديره منظمة مدعومة أمريكياً في منطقة غرب رفح جنوب قطاع غزة، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق “طلقات تحذيرية” في المنطقة.
واندفع مواطنون من فئات عمرية مختلفة من المناطق الغربية في خان يونس ورفح، ومن بينهم نساء وأطفال، باتجاه المركز في منطقة تل السلطان غرب رفح، وشوهد عدد منهم يحملون صناديق فيها مواد غذائية.
وبحسب شهود عيان، اجتاز مئات الفلسطينيين حاجزاً عسكرياً للجيش الإسرائيلي قرب المركز، وتمكن العديد منهم من الوصول إلى داخل مركز المساعدات حيث وجدوا مئات من صناديق المساعدات المعدة للتوزيع، وأخذوها قبل أن يندفع آلاف آخرون.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته أطلقت “طلقات تحذيرية في المنطقة خارج مقر التوزيع”، مؤكدا أنه “لم يطلق.. أي نيران جوية تجاه مركز توزيع المساعدات”.
وأضاف البيان: “تمت السيطرة على الوضع ومن المتوقع أن تستمر عمليات توزيع الأغذية كما هو مخطط”.
تخطى الأكثر قراءة وواصل القراءة
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة نهاية
أمّا “مؤسسة غزة الإنسانية”، فقالت في بيان، إن عدد طالبي المساعدة في أحد مواقع التوزيع كان كبيراً جداً في وقت ما يوم الثلاثاء، لدرجة أن فريقها اضطر إلى الانسحاب للسماح للناس “بأخذ المساعدات بأمان وتوزيعها” وتجنب الخسائر. وأضافت أن العمليات العادية استؤنفت منذ ذلك الحين.
وعلّق المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس في غزة على الحادثة بأن “الاحتلال الإسرائيلي فشل فشلاً ذريعاً في مشروع توزيع المساعدات بمناطق العزل العنصرية”.
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
قناة “مجلة +”
يمكنك مطالعة مجموعة متنوعة من المقالات الشيقة والملهمة والتقارير المفيدة.
اضغط هنا
يستحق الانتباه نهاية
وأشار إلى اندفاع “آلاف الجائعين، الذين حاصرهم الاحتلال وقطع عنهم الغذاء والدواء منذ حوالي 90 يوماً، نحو تلك المناطق في مشهد مأساوي ومؤلم، انتهى باقتحام مراكز التوزيع والاستيلاء على الطعام تحت وطأة الجوع القاتل”.
وأدان المكتب في بيان استخدام المساعدات “كسلاح حرب وأداة للابتزاز السياسي”.
وروى عدد من الفلسطينيين لفرانس برس أنهم تسلّموا صناديق مساعدات من المؤسسة، قبل أن يندفع آلاف الناس إلى مركز توزيع المساعدات.
وأكد أيمن أبو زيد (35 عاماً)، وهو نازح من رفح ويقيم في مخيم للنازحين في خان يونس، أنه كان يقف في طابور عند نقطة تسليم للمساعدات برفح مع المئات من المواطنين، و”فجأة بدأ عدد كبير من الأشخاص بالتدافع والدخول بشكل عشوائي للمركز”.
وأضاف: “بعد دقائق بدأت القوات الإسرائيلية تطلق النار وكان الصوت مخيفاً جداً، وبدأ الناس يتفرقون، لكن البعض حاول أن يحصل على المساعدات رغم الخطر”.
وقال محمد أبو يوسف (29 عاماً)، وهو من سكان خان يونس، إنه استلم “سلة غذائية من نقطة التسليم في رفح”. وتابع “الناس محتاجة جداً للطعام”.
وبحلول وقت متأخر من بعد ظهر يوم الثلاثاء، أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية أنها وزعت حوالي 8000 صندوق غذائي، أي ما يعادل حوالي 462 ألف وجبة، بعد حصار إسرائيلي دام قرابة ثلاثة أشهر للقطاع.
إسرائيل تتّهم وحماس تنفي
واتّهمت كلٌ من إسرائيل ومؤسسة غزة الإنسانية، حماس بمحاولة منع المدنيين من الوصول إلى مركز توزيع المساعدات، لكن الحركة نفت هذا الاتّهام.
وقال إسماعيل الثوابتة، مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة الذي تديره حماس لرويترز، إن “السبب الحقيقي لتأخير وانهيار عملية توزيع المساعدات هو الفوضى المأساوية الناجمة عن سوء إدارة نفس الشركة العاملة تحت إدارة الاحتلال الإسرائيلي في تلك المناطق العازلة”.
وأضاف: “لقد أدى هذا إلى تجويع آلاف الأشخاص، تحت ضغط الحصار والجوع، واقتحام مراكز التوزيع والاستيلاء على المواد الغذائية، وإطلاق القوات الإسرائيلية النار خلال ذلك”.
خطة أممية “مفصلة ومبدئية وسليمة” لتوزيع المساعدات الإنسانية
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن مقطع فيديو لآلاف الفلسطينيين يقتحمون يوم الثلاثاء موقعاً تُوزّع فيه المساعدات من قِبل مؤسسة تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل “مُفجع”.
وأضاف للصحفيين: “لدينا وشركاؤنا خطة مفصلة ومبدئية وسليمة من الناحية العملية بدعم من الدول الأعضاء لإيصال المساعدات إلى السكان المُحتاجين”.
وتابع: “نُواصل التأكيد على أن توسيع نطاق العمليات الإنسانية بشكل فعّال أمرٌ ضروري لدرء المجاعة وتلبية احتياجات جميع المدنيين أينما كانوا”.
وكانت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية أخرى قد قاطعت المؤسسة، التي يقولون إنها تُقوّض مبدأ توزيع المساعدات الإنسانية بشكل مستقل عن أطراف النزاع، بناءً على الحاجة.
وقال كريستيان كاردون، المتحدث الرئيسي باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر: “يجب عدم تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية”.
صدر الصورة، Reuters
“فحص بيومتري”
وعلى الرغم من توفر المساعدات منذ يوم الاثنين، إلّا أن الفلسطينيين قد استجابوا للتحذيرات، بما في ذلك تحذيرات حماس، بشأن إجراءات الفحص البيومتري المُستخدمة في مواقع توزيع المساعدات التابعة للمؤسسة.
وقال أبو أحمد، البالغ من العمر 55 عاماً، وهو أب لسبعة أطفال: “مع أنني أرغب في الذهاب لأنني جائع وأطفالي جائعون، إلا أنني أشعر بالخوف”.
وأضاف في رسالة عبر تطبيق واتساب: “أنا خائف جداً لأنهم قالوا إن الشركة تابعة لإسرائيل وأنها مرتزقة، وأيضاً لأن المقاومة حماس طلبت عدم الذهاب”.
ويصف أبو أحمد: “قبل الحرب، كانت ثلاجتي مليئة باللحوم والدجاج ومنتجات الألبان والمشروبات الغازية، وكل شيء، والآن أتوسل للحصول على رغيف خبز”.
وتقول إسرائيل إن مؤسسة غزة الإنسانية ومقرها سويسرا، هي مبادرة مدعومة من الولايات المتحدة، وإن قواتها لن تشارك في نقاط التوزيع التي سيتم فيها توزيع الطعام. في المقابل، قال مسؤولون إسرائيليون إن إحدى مزايا نظام المساعدات الجديد هي إمكانية فحص المستفيدين لاستبعاد أي شخص يُثبت ارتباطه بحماس.
وتقول المنظمات الإنسانية المُطلعة على خطط المؤسسة إن أي شخص يحصل على المساعدات سيُضطر إلى الخضوع لتقنية التعرف على الوجه، التي يخشى العديد من الفلسطينيين أن تقع في أيدي الإسرائيليين لاستخدامها في تتبعهم وربما استهدافهم، وفق رويترز.
وصرح الجيش الإسرائيلي بإنشاء أربعة مواقع مساعدات في الأسابيع الأخيرة في أنحاء القطاع، وأن اثنين منها في منطقة رفح بدآ العمل يوم الثلاثاء، وهما “يوزعان طروداً غذائية على آلاف العائلات في قطاع غزة”.
وجاء إطلاق نظام المساعدات الجديد بعد أيام من تخفيف إسرائيل حصارها، مما سمح بدخول عدد قليل من شاحنات المساعدات التابعة للوكالات الدولية إلى غزة الأسبوع الماضي، بما في ذلك مركبات برنامج الغذاء العالمي التي تنقل الدقيق إلى المخابز المحلية.
لكن كمية المساعدات التي دخلت إلى القطاع الساحلي المكتظ بالسكان لم تكن سوى جزء ضئيل من 500600 شاحنة تقدر وكالات الأمم المتحدة الحاجة إليها يومياً.
ومع استئناف تدفق المساعدات المحدودة، واصلت القوات الإسرائيلية هجماتها على أهداف مختلفة في أنحاء القطاع، مما أسفر عن مقتل 3901 فلسطيني منذ انهيار وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين في منتصف مارس/آذار، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.
وفي المجمل، قُتل أكثر من 54 ألف فلسطيني في الحرب الجوية والبرية الإسرائيلية، وفقاً لسلطات الصحة في غزة. وقد شُنّت هذه الحرب في أعقاب هجوم عبر الحدود قادته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 آخرين في غزة، وفقًا للإحصاءات الإسرائيلية.
المصدر: صحيفة الراكوبة