اكذوبة جيش واحد شعب واحد!
لو كان لدينا بالفعل جيش واحد وكنا شعبا واحدا هل كنا نرزح تحت وطأة حرب قذرة وقاسية كهذه!
ما عاد الجيش واحدا بل تعددت الجيوش واستقل كل جيش باطماعه الخاصة في السلطة فاقتتلوا ! فقتلونا ودمرونا وعذبونا وشردونا!
وما عاد الشعب واحدا بل انقسم وسرت في اوصاله خطابات الكراهية والعنصرية التي تهدف لتمزيق البلاد!
اكبر تحدي يواجهنا الان هو توحيد الجيوش المتعددة وتوحيد الشعب المنقسم تبعا لانقسامات الجيوش!
لو كانت القوات المسلحة صمام امان السودان، ولو كانت قوات الدعم السريع مناضلة في سبيل الديمقراطية، لكنت انت كموطن سوداني مستقرا ومعززا مكرما في بيتك داخل وطنك، لاترى في شوارع مدنك وقراك سوى الشرطة التي تحميك ، ولن ترى مطلقا دبابات او تاتشرات في شوارعك لان الجيش سيكون في الحدود ! يحرس حدود وطنك من العدوان الخارجي!
اما وانت عزيزي المواطن “شايل بقجتك وجاري” من ولاية لولاية ومن بلد لبلد، منهوبا ومذلولا ومرعوبا وجائعا ، والسلاح المدفوع ثمنه من حر مالك ومن ثروتك القومية بدلا من ان يحميك يقتلك ويدمر بيتك وبلدك ويحول حياتك لجحيم، فان عليك ان تضع عقلك في رأسك لتعرف خلاصك! ولا تردد عبارات فارغة المضمون!
حرب صراع السلطة بين اجنحة المؤسسة العسكرية المأزومة افقدتك الامان والكرامة فلا تسمح للابواق الاعلامية الفاجرة لهذه المؤسسة المعطوبة( بكل اجنحتها) ان تجعلك تفقد عقلك وتمجد اي طرف من اطراف القتال وتصطف خلفه!
وان تجعلك تفقد عقلك اكثر وفي عز هذه الحرب تجعل معركتك الرئيسية مع مدنيين عزل مسالمين سواء قحت او تقدم او اي قوى سياسية مدنية مهما كان اختلافك معها! فهؤلاء مهما فشلوا او اختلفوا او تعاركوا سياسيا فلن تصلك منهم دانات او قذائف طيران او رصاص يقتلك! ولن يحبسوك في بيوت اشباح ويعذبوك عقابا على رأي او موقف سياسي!
معركتك الرئيسية والاستراتيجية مع الاحزاب السياسية المسلحة ممثلة في الجيش والدعم السريع ، فهذه الاحزاب المسلحة اذا اتفقت مع بعضها تسرقك وتقمعك ! واذا اختلفت وتصارعت تشعل حربا تقتلك وتشردك وتذلك! لانها مدججة بالسلاح ومجردة من الاخلاق والضمير والانسانية!
وطبعا هذا التقييم للمؤسسة العسكرية لا يشمل باي حال اي ضابط او اي جندي في الجيش او في الدعم السريع بالمطلق، فالسواد الاعظم من هؤلاء جزء من الشعب ضحايا مثلنا تماما ولا انصاف لهم ولا تحقيق لمصالحهم سوى الدولة المدنية الديمقراطية الراشدة التي لن تستهلك حيواتهم العزيزة علينا في صراعات السلطة العارية، ولكن الادانة السياسية والاخلاقية هي لكارتيلات المصالح الضيقة ومراكز القوى التي حولت المؤسسة العسكرية الى مطية لاطماع السلطة ونهب الموارد بواسطة عصابات سياسية متمرسة تزاوجت مع عصابات عسكرية وجعلت المؤسسة العسكرية باكملها حصان طروادة الذي يختبئ داخله الاستبداد والفساد .
الحرب زلزال مدمر وقاسي ، وكما للزلازل رغم قسوتها فوائد جيولوجية ممثلة في اعادة التوازن للارض ، فان فائدة الحروب رغم قسوتها يجب ان تكون استخلاص الحكمة والوعي الذي يقود الى الضفة الصحيحة من التاريخ!
فهل يعقل ان تكون تلك الضفة هي البوت العسكري! هل يعقل ان تكون نتيجة هذه الحرب ان يدخل الشعب السوداني مجددا تحت البوت العسكري ويقدم له البيعة السياسية!
الضفة الصحيحة من التاريخ هي السلام والديمقراطية وحقوق الانسان هي شعار الثورة الخالد حرية سلام وعدالة ، مهما بدت هذه الضفة بعيدة ومهما بدا الطريق اليها وعرا فان اضعف الايمان ان نضبط بوصلتنا الاخلاقية والفكرية والسياسية نحو هذا الاتجاه بعناية فائقة وبارادة مخلصة وحتما سيأتي بعدنا من يمتلك ادوات العبور الى هناك.
المصدر: صحيفة الراكوبة