افتتاحية التغيير: عيد الأحزان والجراح في ظل العسكرية “الما دايرنها”
تتقدم الإلكترونية في هذا العيد الحزين للشعب السوداني بأحر التعازي في كل من قلتهم هذه الحرب اللعينة، وتتقدم بأصدق التمنيات للجرحى والمرضى بعاجل الشفاء، وصادق المواساة لكل المصدومين والنازحين من ديارهم والفقراء المحرومين من السعي لرزقهم، ولكل من قلبت هذه الحرب حياته رأسا على عقب وصادرت منه فرحة العيد وحرمته الأمن والطمأنينة.
إن الشعب السوداني الذي تحاصره الآن الدماء والأشلاء والجثث، وتفزعه أصوات الانفجارات والرصاص وتحاصره الأسئلة الحائرة حول المستقبل والمآلات وتطوف عليه اشباح المصائر المظلمة، حتما سيستطيع ان يهزم اليأس والإحباط، ويستدعي قيم وشعارات ثورته المجيدة “حرية سلام وعدالة”، وفي هذه الظروف الحالكة أهم ما نحتاجه هو إعلاء قيم التضامن والتراحم بيننا، وتنظيم العمل الطوعي لتضميد جراحاتنا، وحشد إرادتنا وتنظيم أنفسنا ضد الحرب وعزل خطابات الكراهية، واستخلاص الدروس الصحيحة من هذه المحنة التاريخية العصيبة وتحويلها الى فرصة للنهوض والتعافي.
منذ أن أطاحت ثورة ديسمبر المجيدة بالبشير، والعسكر يتآمرون للانقلاب على مسار الانتقال الديمقراطي ومن ورائهم فلول النظام البائد، وعقب كل انقلاب يبرر العسكر فعلتهم بانقسامات المدنيين وخلافاتهم التي يمكن ان تقود للحرب الأهلية وان المؤسسة العسكرية هي صمام الأمان للمواطن وضمان للوحدة الوطنية، وكلما طرأت أزمة اقتصادية أو أمنية في المجتمع تربطها ابواق الدكتاتورية بالحكم المدني عبرالتساؤل الانقلابي الماكر “دي المدنية الدايرنها؟” ها هو الواقع يشهد بأن أكبر خطر يهدد المواطن في امنه وحياته واستقراره ليس خلافات المدنيين العزل، وإنما خلافات العسكر التي يصفونها الان بالمدفعية والدانات والراجمات والطائرات المقاتلة على رؤوس المواطنين الأبرياء! هاهي الخرطوم تحول الى مدينة مرعبة يفر منها سكانها في طرق نزوح غير آمنة في ظل العسكرية الما دايرنها (التي لا نريدها)!
كل الدماء المسفوكة حاليا هي دماء سودانية، وكل الممتلكات التي تدمر سودانية دفعنا فيها ثمن الكسرة والدواء! هذا القتال الدائر ليس حتميا، ولو توفرت إرادة السلام والتعايش السلمي، كان ذلك سيجنب البلاد هذه الكلفة الباهظة، ولذلك ما نحتاج لبنائه في عقولنا وقلوبنا هو ثقافة الديمقراطية والسلام وحسن إدارة التنوع وفن إدارة الاختلافات مهما تعمقت بوسائل سياسية مدنية.
الرحمة والمغفرة والخلود لكل شهداء وشهيدات هذا الوطن، وعاجل الشفاء لجرحاه وعودا حميدا لمفقوديه.
صبرا اهل السودان فإن موعدكم دولة مدنية ديمقراطية.
خلفية:
يذكر ان مواجهات مسلحة شاملة اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع صباح السبت الماضي راح ضحيتها مئات القتلى وآلاف الجرحى من المدنيين فيما لم تتوفر إحصاءات دقيقة عن خسائر العسكريين.
واندلعت المواجهات إثر خلافات بين قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) حول قضية دمج قوات الدعم السريع فيما تحمل قوى سياسية ومدنية سودانية مسؤولية الدفع الى الحرب لمجموعة من فلول النظام البائد تخطط لانقلاب على المسار الانتقالي.
المصدر: صحيفة التغيير