تُقدّر المسافة بين الأحواض والتجمعات السكنية بنحو 7 إلى 8 كيلومترات، وتقع داخل وادٍ منخفض تتفرع منه مجاري مائية موسمية، ما يزيد من خطورة انتشار التلوث.
بربر: التغيير
دخل سكان منطقة حلة يونس، الواقعة غرب مدينة بربر بولاية نهر النيل، في اعتصام مفتوح منذ أول أمس، السبت احتجاجًا على ما وصفوه بالخطر البيئي الداهم الناتج عن استخدام مادة السيانيد في عمليات معالجة الذهب بالقرب من مناطقهم السكنية، وسط مطالبات بإغلاق الأحواض ومحاسبة المسؤولين عن التلوث.
ويخشى السكان من تسرب المواد السامة إلى مناطقهم عبر السيول التي تنحدر من مواقع الأحواض إلى الأودية المجاورة، مخترقة القرية والقرى القريبة، ما يهدد حياة الإنسان والحيوان ويؤثر على المراعي والمياه.
مشكلات صحية
وبحسب محتجين تحدثوا لـ(التغيير)في المنطقة، فإن أبرز الأعراض الصحية التي ظهرت خلال الفترة الماضية تتعلق بمشاكل في الحلق والجهاز التنفسي، إلى جانب تسجيل حالات إصابة بالسرطان منذ سنوات، في ظل غياب تام للخدمات الصحية المتخصصة واعتماد الأهالي على العلاج البلدي.
تُقدّر المسافة بين الأحواض والتجمعات السكنية بنحو 7 إلى 8 كيلومترات، وتقع داخل وادٍ منخفض تتفرع منه مجاري مائية موسمية، ما يزيد من خطورة انتشار التلوث.
وفيما يتعلق بالجهة المسؤولة عن إنشاء الأحواض، أفادوا بأن المشروع تقف خلفه جهات غير معروفة لسكان المنطقة، ولم يتسن لهم التأكد من حصولها على تصاديق قانونية، مشددَين على أنهم لا يثقون في أي وعود ما لم تتم إزالة الأحواض بشكل كامل.
مطالب بالإزالة
وكانت الشركة السودانية للموارد المعدنية قد أرسلت وفداً ميدانياً للتقصي حول الأمر بعد تصاعد شكاوى الأهالي، وتلقت وعوداً بإزالة الأحواض، إلا أن المحتجين أكدوا استمرارهم في الاعتصام حتى التأكد من تنفيذ تلك الوعود تحت إشراف الجهات البيئية والقانونية المختصة.
ويطالب المعتصمون بإزالة الأحواض فورًا، ومصادرة معدات التشغيل، وفتح تحقيق رسمي في الأضرار الواقعة، إلى جانب تعويض مجزي للمتضررين نفسيًا وجسديًا، و كتابة إقرارات بعدم تكرار استخدام مواد سامة بالقرب من المناطق المأهولة.
وأكد المحتجون ان الاعتصام سيظل قائماً حتى يتم تنفيذ جميع المطالب تحت إشراف الجهات المختصة، بما في ذلك وزارة الصحة، المجلس الأعلى للبيئة، والنيابة البيئية، ومحكمة البيئة، لضمان أن تتم المعالجات بشفافية وعدالة.
استخدام مكثف لمادة السيانيد
ويمثل قطاع التعدين، خاصة تعدين الذهب، أحد أهم مصادر الدخل في السودان، حيث يشكل نسبة كبيرة من صادرات البلاد. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، اتجهت الحكومة السودانية في السنوات الماضية إلى التركيز على التعدين الأهلي والصناعي كمصدر للعملات الصعبة.
لكن هذا التوسع صاحبه جدل واسع ومتصاعد بسبب الاستخدام المكثف لمادة السيانيد، وهي مادة كيميائية شديدة السمية تُستخدم لاستخلاص الذهب من الصخور المطحونة فيما يعرف بـ”أحواض الكرتة”. ويؤدي التعامل غير الآمن مع هذه المادة إلى تلويث المياه الجوفية والسطحية، وإلحاق أضرار جسيمة بالبيئة والحياة البرية وصحة الإنسان.
وتفتقر معظم مواقع التعدين إلى رقابة بيئية صارمة أو تقييمات أثر بيئي شفافة، وسط شكاوى من تجاهل حقوق المجتمعات المحلية في الموافقة المسبقة والمشاركة في اتخاذ القرار
المصدر: صحيفة التغيير