اشتاااقك يا ام درمان
ياسر زمراوي
هل ام درمان هاضمة للثقافات ، هل هي معتصرة لها ، هل هي تراعي التمثيل النسبي في مقدار التفاعل التمازج منجزة بذلك تعايش قبلي علي قدر وجود الافراد من القبائل والاثنيات جميعا ، المعروف ان ام درمان لها طابع التسامح وعدم الحدية في التعامل الاجتماعي بين الاثنيات ، الذي وجد في المناطق الثانية في قرون اخري ، شهد ملامحه في العبودية وانكاح من جعلوا بقوة المال وبسطوة التجارة وتكوينها للدول العربية في السودان ، جعل من هم من القبائل الاكثر افريقانية عبيدا للقبائل الاكثر قربا للدم العربي القادم من الجزيرة العربية ، وتمثلت السطوة والاستعلاء في الاكثر قدرة علي انتاج الزراعة والمتاجرة بالبضائع واكثر قدرة علي نطق اللغة العربية بتراكيبها ولهجاتها التي تكونت في السودان في اوسطه وشماله واسفل قليلا في جنوبه .
في ذلك كانت ام درمان هي الاقرب منطقة للقبائل الاكثر افريقانية وشهدت فيها تجارات ومباضعات دولات الفور والداجو والتنجور ، تعاملا سمحا رخيا، حافظ علي ان تكون تلك الدويلات بعيدة عن استهداف طموح جيوش دول المسبعات والعبدلاب والجعليين وجيوش دولة سنار الاكثر تمازجا بين الافريقانية فيما هو الان النيل الازرق اي دولة الفونج انذاك وقبائل الجعليين والشوايقة والكواهلة وغيرهن .
ام درمان لها طابع التعامل السمح ، فيها القبائل والاثنيات اكثر تعايشا ، ربما ليسوا اكثر تزاوجا الا في اسر كثيرة نقول حقيقة انهم يصفون وصفا سيئا وعنصريا بالخليط واللجوء الي هذا الوصف هو من واقع نكران البعض لهذا التزاوج ، لكن يبقي الحب هو قصة الارض وهو من يجيز ان يحب احدا احدا برغم اختلاف السحنات والثقافات.
في ام درمان هذه نشات في منطقة الفتيحاب في غرب شارع الاسفلت حيث الحضور الاكثر للدناقلة والنوبة وقبائل دار حامد وغيرهم من الكردافة مع حضور اختفي لاصحاب المتاجر من الفور وغيرهم من ابناء دارفور ، عرفوا بيننا بالدقة في عملهم بالمتاجر والحرص علي مصلحة البائع والمشتري كما تتطلب التجارة والتدين الروحي الغير مظهري بغير غلو وتشدد ، نشانا صغارا نتلذذ باجابات اصحاب هؤلاء المتاجر علي مماحكاتنا وسعينا لاغضابهم في متاجرات بسيطة لاتتعدي النبق والقنقليس والحلوي ، في الطرف الثاني من الاسفلت يتركز قبائل الجموعية وهي قبيلة اشتهرت بالحدة في رفض السلوك الاجتماعي السئ مثل خيانة الصديق وتكذيب الرفيق وخذلان القريب والتمتع بالنعم بينما الجار والقريب ليس متمتعا بها الشئ الذي جعل الحكومات المتعاقبة علي السودان ديمقراطية ام عسكرية. تسعي لارضاء هذه القبيلة الثائرة بنفسها فاختارها عبدالخالق محجوب دائرة له وكسب فيها كثيرا حتي تنازل للازهري القائد ايضا ابن الابيض المحبوب واختارها عبود و نميري والبشير لكسب افرادها عبر كسب ادارتهم الاهلية الشئ الذي لم ينجح ، اهل الفتيحاب الجموعية بسطاء دون غباء ، تمشي بينهم وتسمع احدهم ينادي بالكابتن وتسال عنه فتعرف انه لاعب كرة قبل ثلاثين من الان ومازال ينادي بالكابتن تسال عن ممثل درامي من مثل ابراهيم زكريا فتجده محبوبا مقيما وغيره من الشباب امثال قسم الله حمدنا الله .
ربما اهل الفتيحاب شرق الزلط اقل تمازجا قبليا الشئ الذي جعل القبائل الاكثر افريقانية محصورة في مناطق معينة لا يسئيون ولا يساؤون واعتقد ان هذا هو المنطلق الاول للتمازج القبلي ان نرضى ببعضنا قرب البعض.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة