استنفار وتعبئة وسجم رماد على ماذا..؟!
د. مرتضى الغالي
ما فيش حاجة اسمها إعلان استنفار وتعبئة.. يكفى ما جرى.. يكفى ما جرى.. يكفى ما جرى في الفاشر وما جرى قبلها…! استنفار على ماذا..؟! هل من أجل استمرار طاحونة الموت والتشريد والدم والرعب الذي ليس بعده ولا قبله.. ولا تصوير له غير فزع القيامة..!!
(من مات في فزع القيامة لم يجد / قدماً تشيّع أو حفاوة ساعي)..!
قسماً بالله لو رأى حجرٌ صوانٌ مشهداً واحداً من مشاهد الهول التي نقلتها الأسافير بالأمس لطفلة مذعورة في الفاشر لا يتجاوز عمرها عشرة أعوام.. صوّرها صاحب قلب من حجر.. وهي تضع وليداً على حِجرها وبجانبها طفلان آخران يبدو أنها المسؤولة عن رعايتهما مع الوليد.. كان جسدها يرتج فزعاً في كل مرّة عند سماع دوي الرصاص قريباً منها.. وهي تداري على الوليد وعلى إخوتها وفي عيونها كل ما في الدنيا من رعب.. فهي أيضاً طفلة… لو رأى حجر أصلد هذا المشهد لانفلق إلى نصفين.. بل لطارت ذرّاته شعاعاً..!
استنفار من (أول وجديد) لماذا وعلى ماذا..؟! هل من اجل البرهان وكوابيس أبيه.. والطموحات الآثمة المريضة لجنرالاته الذين لا يعرفون شرف الجندية ولا المسؤولية.. ولا حتى أدنى ما تيسّر من النخوة أو الإنسانية.. (من فين يا حسرة)..!!
استنفار من اجل ماذا..؟! وتعبئة من أجل ماذا..؟! وسجم رماد من أجل ماذا..؟! هل من أجل عودة الكيزان الذين يرفضون أن يعيش الناس في سلام إلا أن يذعنوا لهم ليجلسوا على رقابهم مرّة أخرى بعد الثلاثينية المُكللة بالسجم والرماد التي مزّقت الوطن وأحرقت (التيراب والروّاب والدخيرة) وأهلكت الحرث والنسل..!
هل هناك من عار أكبر على البرهان والكيزان من منع “برنامج الغذاء العالمي” من إدخال الغذاء والدواء لأهل الفاشر وأطفالهم..؟ وهو مسعى من كيان غير مُتهم لأن هذا البرنامج هو إحدى وكالات الأمم المتحدة التي ينتسب لها السودان.. ولم يعلّق (حتى الآن) عضويته فيها..!!
برنامج الغذاء العالمي ليس عضواً في “الحرية والتغيير”.. فهو أكبر منظمة إنسانية في العالم لمكافحة الجوع.. وحتى لو كان يتبع للشيطان و(الجن الأحمر) لماذا يتم منعه من إغاثة جوعى الفاشر التي هرب منها عساكر البرهان والكيزان وتركوا أهلها لمصيرهم..؟!
أنتم تتخلّون عن حماية أهل الفاشر.. ثم تمنعون عنهم الغذاء والدواء الذي تقدمه منظمات العالم.. فقط من اجل التشفّي لفقدان معركة هربتم منها باختياركم ضنّاً بأرواحكم (العزيزة لديكم وحدكم)… وهي ورب الكعبة ليست عزيزة إلا عند أصحابها…!
أي جنون مُطبق هذا..! وأي بشر هؤلاء..؟! وأي محنة يعيشها الوطن مع هذه (الأكباد الحجرية) والنفوس المريضة و(الجماجم المتعفّنة) التي يعشش فيها شبق السلطة الذي لا علاج له ولا شفاء منه..؟!
هل تريدون أن تحكموا الجثث والخرائب والزرائب والقبور..؟! الله لا كسّبكم بحق جاه النبي..!
المصدر: صحيفة التغيير