جاء في الأخبار نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط (قالت شبكة أطباء السودان اليوم (السبت) إن 46 شخصاً تُوفوا بسبب سوء التغذية خلال يوليو (تموز) وأغسطس (آب) في ولاية جنوب كردفان، معظمهم من النساء والأطفال، في حين يحتاج أكثر من 18 ألف امرأة حامل ومرضع إلى تغذية إضافية بصورة عاجلة.
وأضافت الشبكة أن الأوضاع الإنسانية تتفاقم بصورة مروعة في مدينتَي كادوقلي والدلنج، مشيرة إلى أن استخدام الغذاء كسلاح حرب «يمثل جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب بموجب القوانين الدولية».
وأدانت شبكة أطباء السودان استمرار حصار المدنيين وتجويعهم، وطالبت بضرورة فك الحصار فوراً وفتح ممرات إنسانية آمنة تسمح بدخول الغذاء والدواء دون قيود.
وتسببت الحرب التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» بسبب صراع على السلطة، في أكبر أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة)
وقبل أيام أعلنت منظمة أطباء بلا حدود تسجيل 40 حالة وفاة بسبب الكوليرا في السودان في ظرف أسبوع واحد، مؤكدة أن البلاد تشهد حاليا أسوأ انتشار للمرض منذ سنوات مدفوعا بالحرب الراهنة.
وتقول منظمة الصحة العالمية ان جميع ولايات السودان الثماني عشرة أبلغت عن حالات إصابة بالكوليرا، حيث تم الإبلاغ عن 48768 حالة إصابة و1094 حالة وفاة هذا العام حتى 11 أغسطس.
ومع استمرار الحرب، يتواصل مسلسل الموت، وتشهد ساحات المعارك كوارث يومية يواجهها المدنيون في المناطق التي تشهد تصعيدا في المعارك، جاء في صحيفة مداميك (قالت غرفة طوارئ مخيم أبو شوك للنازحين في ولاية شمال دارفور، إن الطريق الرابط بين منطقة طويلة ومدينة الفاشر يحتوي على عشرات الجثث الملقاة في العراء)
وتستمر معاناة المدنيين في كل ارجاء السودان من آثار الحرب وانعدام الأمن، حتى المناطق البعيدة عن مناطق القتال، يعاني الناس من الجوع والغلاء وآثار انهيار المواسم الزراعية. فبسبب انقطاع الكهرباء نتيجة استهداف المحولات في مروي، شهد الموسم الزراعي شمال السودان فشلا كبيرا، خاصة بالنسبة لمحصول القمح، الذي تتم زراعته دائما في أواخر ديسمبر، فتعرّض المحصول للعطش بسبب انقطاعات الكهرباء المتكررة ولفترات طويلة في مطلع العام الحالي. وبسبب تواصل انقطاع الكهرباء لم يتمكن المزارعون من زراعة بعض المحاصيل الصيفية والاعلاف التي تساعد الناس هناك على مواجهة منصرفات فترة الصيف، وتوفر لهم بعض الخضروات والمواد الغذائية، مثل محصول (الويكة) الذي يعتمد عليه الكثيرون في غذائهم اليومي. ولا يزال الإقليم الشمالي يستضيف العديد من النازحين من كل ارجاء السودان والذين يعاني معظمهم من قلة الموارد، وضيق سوق العمل، والغلاء الشديد للسلع والخدمات، بسبب توقف معظم المصانع المحلية والاعتماد على السلع المستوردة. وبرغم ضيق أحوال الناس عموما لكن لم يتم سوى لمرة واحدة توزيع بعض المواد الغذائية التي وصلت للبلاد كإغاثة، ولم يشمل ذلك التوزيع كل الفئات المحتاجة.
ولا تقتصر المعاناة على المدنيين داخل البلاد، بل يعاني النازحون في دول الجوار من صعوبات جمة، نقص في الموارد، وإجراءات صعبة ورسوم باهظة، وموت في الصحاري وفي البحار، آخرها مأساة تدمي القلب راح ضحيتها ثلاث شقيقات (توفيت 3 شقيقات سودانيات صغيرات اليوم الأحد بعد أن غمر الماء قاربا مطاطيا مكتظا، بسبب سوء الأحوال الجوية أثناء محاولته عبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا. وتتراوح أعمار الضحايا بين 9 و17 عامًا، ليصبحن أحدث الضحايا المعروفات على هذا الطريق البحري الخطير)
إنّ استمرار هذه الحرب اللعينة التي يدفع فاتورة تكلفتها الباهظة المدنيون من أرواحهم وممتلكاتهم ومستقبل أطفالهم، باتت تمثل تهديدا حقيقيا لوحدة هذه البلاد وتماسك نسيجها المجتمعي. الأمر الذي يحتم تكاتف كل الجهود المخلصة من أجل تحكيم العقل واختيار التفاوض سبيلا لوقف الحرب، واحلال السلام، وإيجاد الحلول المناسبة لكل المشكلات التي اقعدت بهذه البلاد وتسببت في اشعال نيران الحروب فيها.
#لا_للحرب
المصدر: صحيفة الراكوبة