اخبار السودان

ادانها الجميع.. البلاغات ضد “تقدم”.. تعيد السودان إلى عهد المخلوع عمر البشير

 

لم يختلف الوضع كثيراً بعد سقوط الرئيس عمر البشير، فالقضاء السوداني لا يزال يصدر نفس الأوامر بدون وجود أسباب حقيقية، وذلك يظهر بوضوح في البلاغات التي دوّنها وكيل النيابة بمدينة بورتسودان ضد قيادات تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”. فكيف يمكن وصف هذه الخطوة؟ وهل هي لقطع الطريق أمام الجهود الرامية لوقف الحرب بالبلاد، أم خطوة لعزل القوى المدنية وإبعادها عن المشاركة في عملية السلام المقبلة؟

تقرير: رشا حسن
يقول الخبير القانوني، المحامي المعز حضرة، إن البلاغات التي دونتها النيابة ضد قيادات تنسيقية الديمقراطية المدنية “تقدم” لا تستند إلى أسس قانونية وتقع تحت بند الجرائم الموجهة ضد الدولة، مشيراً إلى أن هذه البلاغات تعيد السودان إلى عهد الرئيس المخلوع عمر البشير.

ووصف حضرة، في حديثه لـ”الراكوبة”، هذه البلاغات بالكيدية والتلفيق لقفل الباب أمام التفاوض والحل لإيقاف الحرب، واتهم عناصر النظام السابق بأنها سبب في هذه البلاغات، لافتاً إلى أن القوى المدنية تقوم بأعمال ضد الدولة، وبالتالي لا يوجد أساس لهذه البلاغات ويرغبون في إرسال رسالة بعدم التفاوض ولا يعتبرونها حلاً للصراع في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

بلاغات كيدية
أما المتحدث باسم مركزية لجان المقاومة بدار السلاد، أمبدة عبد الكريم صالح، فقد أشار إلى أن هذه البلاغات التي صدرت هي بلاغات كيدية، تهدف إلى عرقلة جميع جهود “تقدم” لوقف الحرب ورسم قيم السلام في السودان، مضيفًا أنها بلاغات معروفة منذ عهد الإنقاذ، حيث يُدُنَّ بلاغات ضد كل من يقف ضدهم.

وأشار صالح، في حديثه لـ”الراكوبة”، إلى أن حكومة الأمر الواقع ليس لديها الحق في إصدار أي قرارات نظرًا لعدم وجود صفة دستورية لها منذ انقلاب 25 أكتوبر، حيث استغل هذا الانقلاب مؤسسات الدولة في التوظيف السياسي.

وأوضح أن الهدف من هذه القرارات هو قطع الطريق أمام جهود وقف الحرب، حيث يعارضون كل من يرفض الحرب وسيعملون على تعطيل أي محاولة لوقفها من خلال الاعتقالات والتصفية والبلاغات الكيدية والاتهامات الزائفة.

مواقف سياسية
ويقول الأمين العام للحركة الوطنية للبناء والتنمية، قاسم الظافر، إن هناك الكثير من المراقبين والمهتمين بالشأن السوداني ينظرون إلى قوائم الضبط والإحضار الأخيرة الصادرة بحق قيادات تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، مع مراعاة خلفيتها القانونية وتداعياتها القضائية.

ويضيف الظافر، في حديثه لـ”الراكوبة”، أن التداعيات الأكبر لهذه الأوامر القضائية تقع على المستوى السياسي، حيث تعني بالضرورة موت المشروع السياسي الذي تتبناه “تقدم” صراحةً وتطرحه من خلال مواقفها المعلنة، والذي توج بإعلان أديس أبابا في 2 يناير 2024م، والذي يعد أبعد ما يكون لكونه مشروعًا سياسيًا وطنيًا.

ويوضح أن المشروع وجملة ما تتبناه “تقدم” من مواقف سياسية قد نقلت الصراع السياسي من دائرة التباين النسبي حول الاطروحة السياسية والبرامجية لإدارة البلاد، إلى مستوى تباين جذري ارتبط بالعمالة والتغول على السيادة والتماهي مع انتهاكات إنسانية وجرائم أخلاقية جسيمة، مما يضعها كقوة سياسية أمام تحدي مشروعيتها وفقًا للموقف الوطني. واتهم “تقدم” بالتورط بحكم مواقفها الأخيرة، خصوصًا ما بعد 15 أبريل، في جرائم ترقى للإدانة الجنائية، أدلت بها بينة وعلى لسان متحدثيها أنفسهم، مما يجعل الدفاع عنها أمرًا صعبًا.

وقال الظافر إن الممارسات “تقدم” ساهمت بشكل كبير في إضعاف الفعل المدني والعمل السياسي ككل في السودان، حيث يتبع كل مسار سياسي لها منذ 17 أغسطس 2019م، تاريخ توقيع الوثيقة الدستورية، مرورًا بالاتفاق الإطاري، وأخيرًا إعلان أديس أبابا، حيث لا يجد سوى تضعيف الفعل المدني على حساب العسكري تارة والمجتمع الدولي تارة أخرى.

ويشير إلى أنه لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال فهم خطوة القضاء السوداني باعتبارها محاولة لقطع الطريق عن مساعي إيقاف الحرب من خلال التفاوض، لاعتبارات عدة من أهمها؛ أن المبادرة الدولية الجادة التي ترعاها حكومتي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية عبر منبر جدة قد أقرت مبادئً أولية وأساسية تمثلت في الجانب الإنساني والعسكري فقط، مما يعني أن القوى المدنية السياسية ليست معنية أصلاً بالتفاوض في هذه المرحلة، لا من حيث التمثيل ولا من حيث موضوع القضايا المطروحة.

ويرى أنه كان من المنوط بالقوى المدنية السياسية في هذه المرحلة أن تلعب دورًا محفزًا في اتجاه وقف الحرب وتعزيز السلام من خلال تكثيف الضغط على الأطراف العسكرية على حد سواء لتنفيذ مقررات مؤتمر جدة، لإعداد المناخ العام لبدء العملية السياسية. وبالإضافة إلى ذلك، تقاعس القوى المدنية السياسية عن قيامها بدورها كعنصر محفز لتنفيذ مقررات منبر جدة هو السبب الرئيسي وراء انحيازها عن المشهد وغيابها عن لعب دور محوري في مستقبل الصراع الدائر الآن.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *