اختطاف فرد عسكري من داخل محكمة وسط السودان
ود مدني: التغيير
شهدت مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط السودان الأربعاء، حادثة اختطاف علنية لعسكري نظامي ضمن القوات المشتركة، من أمام محكمة الجنايات بالمدينة مباشرة، وفي وضح النهار، وأمام أنظار المسؤولين والموظفين.
الشاب مسلم عثمان، وهو عسكري في القوات المشتركة، كان متواجداً في المحكمة لحضور جلسة محاكمة شقيقه المتهم بالتعاون مع قوات الدعم السريع.
وبحسب ما رواه شهود عيان وذويه لـ(التغيير)، فإن قوة عسكرية مجهولة الهوية اختطفته من داخل قاعة المحكمة، وقامت باقتياده قسرًا إلى جهة غير معلومة، دون إبراز أي مذكرة توقيف أو توضيح لهوية الجهة المنفذة للعملية.
ووقعت عملية الاختطاف داخل محكمة الجنايات، وهي إحدى أعلى الهيئات القضائية في المدينة، الأمر الذي يلقي بظلال كثيفة من الشك حول ما إذا كانت الجهات الرسمية على علم بما جرى، أو أنها كانت عاجزة عن التدخل.
محاولة سابقة
ما يجعل هذه القضية أكثر إثارة للقلق، هو أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مسلم لمحاولة اعتقال غير رسمية. فقبل أيام، اقتحمت مجموعة مسلحة مكونة من ثلاثة افراد مسلحين منزل عائلته في حي عووضة بمدني، وطلبوا منه مرافقتهم تحت التهديد بالسلاح.
والدته، حكت تفاصيل الحادثة لـ(التغيير) قائلة: “لقد خفت من السلاح… أمرته بالصعود معهم حتى لا يؤذونا”.
تم اقتياد مسلم بعربة بوكس، ولحقت بهم والدته عبر “ركشة” وسيلة النقل المحلية. وخلال الطريق، نشبت مقاومة داخل العربة عندما حاول أحد أفراد المجموعة طعنه بسكين.
وبحسب رواية والدته، أصيب أحد الجنود بإعاقة نتيجة الاشتباك، وتمكن مسلم من الفرار والعودة إلى منزله، في واقعة بدت حينها وكأنها نهاية مأساوية تم تداركها، إلا أن الأمور كانت أبعد ما تكون عن النهاية.
الأخ متهم ومسلم مختطف
بعد نجاته من محاولة الاعتقال الأولى، عاشت العائلة حالة من الترقب والتوتر. وقبل هذه الحادثة بفترة اعتقل شقيق مسلم، ويدعى بخاري عثمان العوض، ووجهت له السلطات تهمة التعاون مع قوات الدعم السريع تهمة ذات حساسية كبيرة في السياق الحالي للصراع في السودان، وقد تُعرّض المتهم لعقوبات قاسية تصل حد الإعدام.
وفي هذا السياق المشحون، أصر مسلم على حضور جلسة محاكمة شقيقه، وفاءً للعائلة ودعماً لأخيه. لكن ذلك القرار كان بداية فاجعة جديدة، حيث اختفى منذ تلك اللحظة، دون أن ترد أي أخبار رسمية عن مكانه أو ظروف احتجازه.
الأم تناشد
في حديثها لـ(التغيير)، توجهت والدة مسلم بنداء عاجل إلى السلطات السودانية، تطالب فيه بكشف مصير ابنها، وتوضيح أسباب اعتقاله، والإفراج عنه فورًا.
وتؤكد الوالدة أن ابنها مسلم عثمان لا يزال على رأس عمله في القوات المشتركة، ما يجعل حادثة اختطافه من قبل “قوة عسكرية” غامضة سابقة خطيرة قد تنذر بانهيار المؤسسة العسكرية نفسها من الداخل.
صمت السلطات
ولم تصدر أي جهة رسمية بيانًا بشأن الحادثة، ولم يتم توجيه اتهام أو تفسير لسبب اختطاف مسلم، رغم حساسية مكان الحادث (المحكمة) وحساسية وضعه كعسكري.
سياق أمني هش
وتشهد مناطق واسعة من السودان حالة انفلات أمني غير مسبوق منذ تصاعد التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وانتشار السلاح، وغياب التنسيق بين الأجهزة النظامية المختلفة.
وفتحت هذه الأوضاع الباب واسعا لتجاوزات جسيمة، تطال حتى عناصر الجيش النظامي أنفسهم.
ويشير اختطاف فرد قوة عسكرية من أمام المحكمة، دون رادع أو مساءلة، إلى أن الأجهزة الأمنية لم تعد محصنة من الفوضى التي تطال المواطن العادي.
كما يُسلّط الضوء على التحديات التي قد تواجه المحاكم والنيابات في أداء مهامها وسط بيئة مشحونة بالعنف والخوف.
المصدر: صحيفة التغيير