الكورباج
عبدالرحيم محمد سليمان
اعتقد ان احزاب تنسيقية تقدم تبدد الكثير من الوقت فى اساليب لا تنسجم مع متغيرات الواقع الراهن من خلال تبني النهج الذي يقوم على محاولة ترهيب المؤسسة العسكرية وتخويفها بامريكا والمجتمع الدولي عبر ترويج المزاعم غير المثبتة التى تتعلق بالاعتقالات والانتهاكات واستخدام السلاح الكيميائي وغيرها من الاتهامات التي تفتقر الى الادلة، متوهمة ان مثل هذه الادعاءات تستفز المجتمع الدولي وتدفعه نحو التدخل العسكري المباشر ضد الجيش، فالمسكينه تعتقد ان النصر العسكري يقاس بحجم الترسانات وبعدد الجنود، لا بالعقيدة القتالية !! ويفوت عليها ايضا ان التجارب التاريخية اثبتت ان الجيوش، مهما بلغ بأسها، لا تهاب بعضها البعض، والدليل على ذلك خاضت امريكا حربا مريرة فى فيتنام (1955م1975م) ضد الجيش الفيتنامي الشيوعي بقيادة (هو تشي منه) وانتهت الحرب بهلاك اكثر من 58 الف جندي امريكي رغم استخدام واشنطن للسلاح الكيميائي الذي لم يحقق لها النصر بالعكس انسحب الجيش الامريكي من فيتنام عام 1973م وهو يجرجر ازيال الخيبة ، وفى عام 1975م سقطت سايغون وتوحدت فيتنام تحت الحكم الشيوعي.
وفى الصومال تكرر ذات المشهد، لكن هذه المرة فى اطار انساني فبموافقة مجلس الامن الدولي، نشرت الولايات المتحدة قرابة 25 الف جندي لحماية عمليات الاغاثة من المليشيات والفوضى، الا ان البعثة الدولية اصطدمت بالجيش الصومالي بقيادة محمد فرح عيديد فى مقديشو في 34 أكتوبر 1993م واسفرت المعركة عن اسقاط مروحيتين من طراز بلاك هوك ومقتل 18 جندي امريكي تم سحب احدهم في الشوارع على مرأى الكاميرات فى مشهد هز الرأي العام الامريكي، فكانت تلك اللحظات بمثابة نقطة تحول في السياسة الخارجية الامريكية، لقد ادركت امريكا ان التدخل الانساني بالقوة العسكرية دون فهم دقيق للبيئات المحلية قد يؤدي الى كوارث وليس حلولا، ومنذ معركة مقديشو تبنت الولايات المتحدة موقفا اكثر تحفظا تجاه النزاعات الداخلية، كما حدث في رواندا عام 1994م.
وبذات القدر على احزاب تنسيقية تقدم ان تدرك هي الاخرى، ان التمساح لا يهدد بالغرق، وان الجهود التي يبذلها قادتها لتشويه صورة الجيش مضيعة للوقت ليس الا، فهذه الاساليب لم يعد لها اثر يذكر في ظل الجرائم المروعة التى ترتكبها اسرائيل فى حق الفلسطينين فى قطاع غزة وفى خضم الحرب الروسية الاوكرانية وغيرها من النزاعات التي تكشف عن اختلال قيم وثوابت المجتمع الدولي، لذلك لزاما على احزاب تنسقية تقدم ان تتحلى بقدر اكبر من الواقعية، وتقتنع ان الزخم الجماهيري الذي حصدته في عام 2019م لم يعد كما كان فى بالسابق، لقد تغيرت المعطيات وجرت مياه كثيرة تحت الجسر، وهى مخطئة بقبولها تمثيل دور الحاصنة السياسية للتمرد لقد اضعف ذلك موقفها الوطني وافقدها ثقة الجماهير.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة