أطياف
صباح محمد الحسن
متلازمة!!
طيف أول:
على جداريات الزيف لا غرابة إن وجدت اسمك مكتوبًا، فقط تابع بشغف كيف يحترق!
ويقول وزير الثقافة والإعلام خالد الأعيسر إنه، وبانعقاد أول اجتماع لمجلس الوزراء بالخرطوم، طُويت ما أسماها “كذبة حكومة بورتسودان”. وأضاف في تدوينة له على “فيسبوك” أنه قد آن الأوان للشعب السوداني للاستفادة من دروس الماضي، لتحديد مستقبل ومصير بلاده، والحفاظ على حقوقه المشروعة كاملة، حتى لا يقع مجددًا في الفخاخ ذاتها التي نُصبت له عبر التاريخ).
وبهذه التدوينة، يؤكد الأعيسر أنه ينطق عن الهوى ليرضي شعوره الداخلي الذي يمنحه الإحساس بأنه وزير إعلام في حكومة شرعية معترف بها.
فما قاله الوزير يكشف، صدقًا، أنه متعطش لهذا الإحساس. ولا يزال الأعيسر ينازل “المساطب الإسفيرية”، بدليل أنه ومنذ انتهاء الاجتماع، حاول أن يكتب، ويطالب بإلغاء تسمية حكومة بورتسودان.
وبهذا يثبت الوزير أن الحكومة لا تطيق هذا اللقب، ولكن ألم يعلم أن التسمية لم تأتِ من باب التنابذ بالألقاب، فالحكومة، عندما هربت من ولاية الخرطوم إلى ولاية البحر الأحمر، أصدرت بيانًا رسميًا، وقالت إن المقام استقر بها في مدينة بورتسودان، وسمّتها العاصمة الإدارية. بمعنى أنها من سمّت نفسها “حكومة بورتسودان”
وتسمية الحكومات بالمدن أمر طبيعي وشائع، خاصة في صياغة الأخبار والتداول الإعلامي، وهذا كان يجب ألا يفوت على الوزير. فمثلًا يقولون: (قررت واشنطن، واحتجت القاهرة، وردّت أبوظبي). ولكن الحكومة، بسبب شعورها بالنقص، أصبحت مصابة بـ”متلازمة الجغرافيا”.
فلا يمكن أن يتحدث الإعلام عن حكومة مقرها في بورتسودان، ويخاطبها بحكومة الخرطوم.
كما أن الأعيسر، إن ظن أن انعقاد اجتماع في العاصمة الخرطوم يعني أن الأمور استقامت وعادت الحياة طبيعية، فهذا يعني أنه يجهل عمله كوزير.
لأن الحكومة عندما كانت في الخرطوم، وقبل اندلاع الحرب، هي عبارة عن سلطة انقلابية غير معترف بها لا داخليا ولا خارجيا ، وعيّن فيها البرهان عددًا من الوزراء الذين سبقوا الأعيسر في حكومة كانت مشلولة بسبب الانقلاب، وما زالت كذلك بعد الحرب.
ولو أن عودتها للخرطوم تمنحها القيمة المفقودة التي دفعت الأعيسر للتباهي، فقد كانت فيها من قبل، ولم يشفع لها وجودها في الخرطوم، ليعود الأعيسر إلى الوراء قليلًا، وينظر في أرشيف صحيفة البرهان ليقرأ عن حكومته ما قبل الحرب: من هم الوزراء فيها وما هي إنجازاتهم، وبالرغم من أن مكاتب مجلس الوزراء كانت تطل على شارع النيل في الخرطوم، إلا أن المواطن لم يكن يعرف من هم وزراء الانقلاب قبل الحرب، ما يعني أن عزلة حكومة البرهان الداخلية ليست بسبب موقعها الجغرافي. فإن استقرت الحكومة ببورتسودان، أو رحلت إلى الخرطوم أو عطبرة، فهي حكومة عاجزة حتى عن إثبات وجودها. ستظل تبحث عن نفسها في كل المدن، ولن تجدها.
لأنها تعدت على الشعب سياسيا وعسكريا أشعلت الحرب، وقتلت وشردت المواطن
والآن تعود الحكومة بغرض الاجتماع فقط. فبدلًا من أن تقوم بتأمين العاصمة من العصابات الليلية وعصابات الكتائب الأمنية التي تعتدي على المواطن، وتهتم بصحة البيئة ومعاش الناس وإعادة تأهيل العاصمة، تهتم بالاستعراض الإعلامي. وإن كانت الحكومة ستعود إلى الخرطوم، فلماذا قررت إيقاف خطة إعمارها؟!
فهل ستعود لتتعايش مع المواطن، وتتكيف مع ظروفه، وتتقاسم معه ساعات انقطاع الماء والكهرباء؟ وهل سيشتري الوزراء مياه “البرميل”؟ ويمكنهم أيضًا أن يعيشوا أسبوعًا واحدًا بلا شبكة اتصال وإنترنت؟ أم أنهم سيعقدون اجتماعاتهم للإعلام، لكي يتم تداولها على منصات السوشيال ميديا، ويعودون إلى محل إقامتهم ببورتسودان؟
فرئيس الوزراء كامل إدريس قال “إن الاجتماع شدد على أن الأولويات المقبلة تشمل إعادة الإعمار، وتقوية الاقتصاد، وحفظ أمن المواطن، وتشجيع العودة الطوعية للنازحين واللاجئين، بجانب دفع القطاعات الإنتاجية لزيادة الإنتاج والإنتاجية”. وبما أن كل ما ذكره لا يتحقق بين ليلة وضحاها يبقى أن اجتماع الحكومة في الخرطوم ما هو إلا دعاية جديدة تستخدمها الحكومة لعودة المواطن وليس لعودتها، بعد أن فشلت دعواتها السابقة، أو بالأحرى بعد أن اكتشف المواطن أن عودته إلى العاصمة لخّصت له كذبات الحكومة، حيث لم يجد الماء، ولا الكهرباء، ولا حتى الأمن. فهل الأعيسر كتب ليدحض كذبة، أم ليثبتها بكذبة جديدة!!
طيف خير
منعت السلطات الإماراتية ناقلة النفط السودانية “بولا”، المحمّلة بـ80 ألف طن من الخام.
منعتها من الرسو في ميناء الفجيرة، أحد أبرز مراكز تزويد السفن بالوقود عالميًا، مما جعلها عالقة لأكثر من أسبوع دون تفريغ حمولتها.
الإمارات ترى أن المنع سببه القرارات التي اتخذتها ضد الحكومة، ولكن يبدو أن الحكومة لم تفهم، وظنت أن القرارات لا تشمل تزويد الناقلة بالوقود!!
المصدر: صحيفة التغيير