ياسر عرمان
في البدء، لا بد من الترحيب بكل اهتمام إقليمي ودولي يرمي إلى وقف وإنهاء الحرب في السودان، وخصوصًا عندما يأتي من بلدان ذات تأثير كبير، مثل الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، والإمارات العربية المتحدة، الذين في توافقهم تَقصر المسافة نحو السلام.
لكن، ومن خلال تجاربنا، وقد أُتيح لي العمل عن كثب في منابر فاعلة للسلام ووقف وإنهاء الحرب والعملية السياسية على مدى أكثر من ثلاث عقود، يمكننا القول إن من المفيد النظر إلى منبر الرباعية آخذين في الاعتبار التجارب الماضية.
منبر الرباعية يثير أسئلة هامة لا بد من الإجابة عليها، وقضايا غائبة لا بد من دعوتها للحضور؛ فقد درجت الوساطات الخارجية، سيما الإدارة الأميركية، على العمل مع الأطراف السودانية، وأخذ وجهات نظرها في الحسبان، في مشاورات تُجرى في الفضاء العام وبمشاركة القوى الحية والرأي العام بالقدر الكافي.
ومنبر واشنطن لم يخاطب القوى السودانية أو الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي حول ما يجري، وحتى تأجيل انعقاد المنبر تُرك نهبًا للتخمينات في قضية تهم مستقبل السودانيات والسودانيين أولًا. ولأن علينا أن نأخذ هذا المنبر بالجدية اللازمة، كما يأخذ كل شعب حاضره ومستقبله، ورغم ظروف الحرب والمعاناة والإحباط، لا بد من الحوار حول هذا المنبر والإجابة على بعض الأسئلة الهامة:
🔺لمن تعود ملكية السلام والعملية السياسية؟
مع إيماننا بأهمية الدور الإقليمي والدولي البالغ، إلا أن الأهم منه هو أن يكون شعب السودان هو المالك لعملية السلام، وأن تكون هناك آليات للتشاور مع السودانيين بشفافية وفي وضح النهار، سيما ضحايا الحرب والقوى المدنية الديمقراطية.
فكتابة روشتة العلاج تستدعي مقابلة المريض والاستماع له وإجراء الكشوفات اللازمة، ولأخذ العلاج لا بد من علاقة صحية بين المريض والمعالج، والمريض أهم من اختلاف الأطباء.
الرباعية تحتاج لإجراء مشاورات مع ضحايا الحرب والمالكين لمستقبل السودان وحاضره من الملايين، وأخذ قضاياهم وتطلعاتهم في الحسبان، خصوصًا المحاسبة والعدالة، ومشروع جديد لبناء الدولة، وإكمال الثورة.
وعلى قوى المجتمع المدني والسياسي أن تهتم بمنبر الرباعية، وأن تطالب بإجراء التشاور اللازم معها، وتقود في ذلك حملة شعبية عبر كافة المنابر والوسائط وأساليب العمل المجربة. يجب ألا نقف متفرجين على مستقبل بلادنا وأمنها ووحدتها وسيادتها.
🔺شمولية الحل والوساطة:
الرباعية تضم قوى مهمة، ولكنها تحتاج إلى آخرين مثل الإيقاد، والاتحاد الأفريقي، وجوار السودان الأقربين، والبلدان ذات الصلة بعملية السلام في السودان، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وأعضاء مجلس الأمن الدائمين، في شراكة تدعم جهود الرباعية، وعبر آلية تضيف لشمولية الوساطة، مع وضع الرباعية المميز.
الأطراف السودانية الضرورية في الحل تحتاج إلى آلية للمشاركة والشمول، وتُدرك الرباعية أن المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية السودانية هما المعرقل الأول للحلول والاستقرار الداخلي والخارجي، وذوو صلة ونسب بقضايا الإرهاب، ويجب تصنيفهم كمجموعة إرهابية.
أخيرًا، إن الرباعية تحتاج إلى منظور متكامل، وحزمة شاملة، مدخلها مخاطبة الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين، عبر وقف فوري لإطلاق نار إنساني، وبعثة للمراقبة كمدخل للحزمة المتكاملة، وتوسيع الفضاء المدني، وعودة النازحين والراغبين من اللاجئين إلى منازلهم التي أُخرجوا منها بغير وجه حق.
كما يجب ربط وقف الحرب بعملية سياسية شاملة تخاطب جذور الأزمة، وعلى رأسها الجيش المهني الواحد، والحكم المدني الديمقراطي، وقضايا الريف، والمواطنة بلا تمييز، وغيرها من قضايا المشروع الجديد.
إن في تأجيل اجتماع الرباعية فائدة وفرصة للوصول إلى عملية سلام وعملية سياسية محكمة وناجحة وفاعلة وغير هشة، تُوجّه ضغطها لقوى الحرب وتغلّ يدهم.
وذلك يحتاج إلى جبهة داخلية تثق في خارطة طريق الرباعية، وتعمل معها لفتح الطريق نحو سلام مستدام وعادل.
ومن المفيد للرباعية وشركائها أن يثق شعبنا في عمليتَي السلام والسياسة، وأن يقف معها في انسجام في وجه قوى الحرب.
إن السلام والديمقراطية ملك لشعب السودان.
المصدر: صحيفة التغيير