تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي صور الشاب محمد عطية، الذي توفي داخل سجن بورتسودان في الأول من أكتوبر 2025، وسط اتهامات للسلطات بالتسبب في وفاته نتيجة الإهمال ونقص الرعاية الصحية.
بورتسودان : كمبالا _ التغيير
وأكدت المحامية وعضو المكتب التنفيذي لـ(محامو الطوارئ)، رحاب مبارك سيد أحمد، أن عطية كان معتقلاً بموجب المواد (50 و51) من القانون الجنائي، المتعلقة باتهامات التعاون مع قوات الدعم السريع، في وقت ظل فيه مئات المدنيين رهن الاعتقال التعسفي بموجب قانون الطوارئ الذي فرضه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
وبحسب رواية زملائه في السجن، فقد تعرض عطية لغيبوبة سكري حادة حوالي الساعة الحادية عشرة صباحاً، إلا أن طلبات النزلاء المتكررة لنقله إلى المستشفى قوبلت بالرفض من إدارة القسم الشرقي بحجة أن “زمن المستشفى انتهى”. وبعد ساعات من الجدل، سُمح بنقله إلى مستشفى السجن الداخلي، لكن العساكر رفضوا إدخاله عنابر المستشفى لكونه من المتهمين في قضايا تتعلق بالدعم السريع، ليُترك ممدداً على بلاط المستشفى بلا علاج أو إشراف طبي حتى فارق الحياة.
ووصفت رحاب ما حدث بأنه “جريمة مكتملة الأركان وتصفية سياسية باردة”، مشيرة إلى أن السلطات تعمدت حرمانه من حقه في العلاج، وهو ما يرقى إلى القتل العمد مع سبق الإصرار.
وعقب انتشار خبر الوفاة، نعاه جيرانه في بورتسودان مؤكدين أنه كان معروفاً بطيب معشره وابتسامته الدائمة. وقال أحدهم: “محمد عطية جارنا لسنوات، لم يعرف عنه إلا الخير والاحترام، وما كان له أي صلة بالسياسة أو الصراع.” وأضاف آخر: “الرجل عاش ومات في بورتسودان، لم يغادرها إلا لفترة قصيرة إلى مصر، فكيف يُتهم بالتعاون مع الدعم السريع؟” وأشاروا إلى أن جنسيته مصرية بالكامل، أباً وأماً.
وأكد مراقبون حقوقيون أن محمد عطية تم توقيفه بموجب مواد قانونية لا علاقة لها بالدعم السريع، لكن أضيفت له لاحقاً تهم التعاون لإبقائه أطول فترة ممكنة في المعتقل، على الرغم من تدهور حالته الصحية والنفسية.
ورأى عدد من الناشطين أن وفاة عطية تكشف عن “الوجه القاسي” لسياسة الاعتقال في السودان، حيث يُترك المدنيون للموت في السجون دون محاكمة عادلة أو أبسط حقوقهم في العلاج. وطالبوا بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين عن ما وصفوه بـ”الإعدام البطيء” الذي يتعرض له المعتقلون.
ولا يزال جثمان عطية محتجزاً بمشرحة مستشفى سجن بورتسودان في انتظار التقرير الطبي وإجراءات الدفن، بينما تجهل أسرته تفاصيل ما جرى في الساعات الأخيرة من حياته.
المصدر: صحيفة التغيير