إنها لفي الصحف الأولى!! السودانية , اخبار السودان
كاتب الشرق الأوسط والحرية والتغيير: إنها لفي الصحف الأولى!!
د. مرتضى الغالي
الاستنفار الذي يصفق له “كاتب الشرق الأوسط” عثمان ميرغني في مقاله الأخير هو تجميع لكتائب البراء والبنيان المرصوص ومجندي الدفاع الشعبي الكيزاني والإرهابيين وخريجي السجون والداعشيين..!!
هذا معلوم للسودانيين ولدول الإقليم ومنظماته وللعالم الخارجي ولا يحتاج إلى مغالطة.. فقط من الممكن أن تضيف إلى هؤلاء بعض الصبيان الصغار الذين يُغرر بهم الكيزان أو يتم إرغامهم بالترهيب أو التلويح بالمغريات..!
وإذا أراد كاتب الشرق الأوسط أن يماري في ذلك فدوننا ودونه ما هو مرصود من لجان الأحياء والفرقان والقوى السياسية الديمقراطية التي يكرهها هذا الرجل، وفي التقارير التي تصدر عن السودان ومن بينها التقارير الموضوعية المتوازنة التي تنشرها صحيفة الشرق الأوسط نفسها من مراسليها المهنيين الصادقين في السودان.. وأيضاً من مشاهدات وبيانات شباب الثورة التي وضعها كاتب الشرق الأوسط من ورائه ظهريا وأصبح يدافع عن حرب الكيزان الضحى الأعلى..!!
تذكرون أن كاتب الشرق الأوسط قال في احد مقالاته إن ياسر العطا يتمتع بشعبية واسعة في السودان..! وان حملة الاستنفار تلقى تجاوباً كبيراً.. وقال كلاماً كثيراً على هذا المنوال.. وكنا نظن أن الرجل يتحدث عن جهل بالواقع الحالي في الوطن.. لكن تلاحظ من جملة ما يكتب ومن مقاله الأخير أن الأمر ليس كذلك فقط.. وأن الرجل يحمل كراهية واضحة (غير مسببّة) للحرية والتغيير وتنسيقية “تقدم”..! لماذا..؟! الله اعلم..!!
ماذا فعلت لك تقدم قوى الحرية والتغيير؟! وهي التي حرصاً على سلامة الانتقال قد طرقت بقوة كل (دروب الريدة) الممكنة لمنع الحرب وللتوفيق بين هذين الخصمين الذين دمّرا السودان..! ثم بعد الحرب ماذا فعلت قوى الحرية والتغيير غير أنها تحاول (مغازلة المستحيل) من اجل إيقاف الحرب وجمع المتحاربين للتفاوض لحفظ ما تبقى من السودان ومن الجيش الوطني.. ومن اجل إعادة الناس إلى بيوتهم والنازحين واللاجئين إلى قراهم..!
هذا يعلمه كاتب الشرق الأوسط وهو معلوم أيضاً للعالم (ولكل ذي كبد رطبة) ومرصود ومنقوش في أوراق البردي وفي مسلة حمورابي وفي حائط المبكى ورواق السنارية.. وفي سجلات الأبرار وفي صحف إبراهيم وموسى..!
ما سبب موجدة هذا الرجل على “تقدم” والحرية والتغيير..؟ وما سبب هذا النزيف من الكراهية ضد القوى المدنية في مقابل (التسامح المؤدب) مع القتلة والقوى الانقلابية..؟!
إنها العلكة واللبانة التي يلوكها الكيزان.. ما أن ترتفع أسعار الإيجارات أو تهب على العتمور عاصفة ترابية إلا والسبب هو الحرية والتغيير..!!
ونتوقف هنيهة لننظر في مقال كاتب الشرق الأوسط الأخير بعنوان “اتساع الهوة بين الجيش وخصومه” حيث يقول الكاتب إنه مندهش من (الضجة الواسعة التي أثارها البعض عندما انطلقت حملات الاستنفار للمقاومة الشعبية الداعمة للجيش وهي حملات طوعية انخرط فيها عشرات الآلاف من المواطنين)..!!
هذا هو الرجل الوحيد الذي يرى نجاح حملات الاستنفار مع اعتراف أصحابها بفشلها.. وهذه من نقاط خلافه القليلة مع الكيزان..!!
ويقول الكاتب: (الجيش أكد مراراً وتكراراً انه تعلم من تجربة الحرب القاسية وانه لن يكون هناك سلاح بعد اليوم خارج سيطرة الدولة)..!
كيف يتسق ذلك مع دعوة الجيش وموافقة الكاتب على إشراك الحركات المسلحة في الحرب وتسليح المدنيين والحزبيين وكتائب البراء..؟!
إذاً في رأي الكاتب أن البرهان وياسر العطا وكباشي وإبراهيم جابر تعلموا من تجربة الحرب القاسية.. ولذلك قرروا مواصلة الحرب..!
وينقل كاتب الشرق الأوسط كلاماً مشابهاً من جبريل إبراهيم.. وهو لا يزال يثق بما يقوله جبريل إبراهيم ويعدّه (لسان صدق في الآخرين). مع أن جبريل إبراهيم نفسه لا يصدق ما يقوله جبريل إبراهيم…!!
قال كاتب الشرق الأوسط إنه لا يرى أي خطر في نشر السلاح بين الناس وانه يستبعد أن يؤدي إلى الحرب الأهلية مؤكداً إن نشر السلاح أمر عادي في كثير من التجارب حول العالم..!
هذا الرجل لا يكاد يذكر أن قيادة الجيش الحالية من الكيزان.. ولم يذكر مرة واحدة (بالدرب العديل) أن الكيزان هم المسؤولون عن صناعة الدعم السريع.. كما يتناسى عامداً أن سلطة البرهان وحكومته (التي يحيطها بالتوقير) هي سلطة انقلابية وحكومة غير شرعية..!
كاتب الشرق الأوسط يرحب بانخراط الحركات المسلحة في الحرب ويدين القوى المدنية التي تدعو إلى إيقاف الحرب (هو بذلك ضد عودة السودانيين إلى بيوتهم والتلاميذ إلى مدارسهم وضد إيقاف القتل والتدمير وضد مبادرات الأمم المتحدة والإيقاد والرباعية والاتحاد الإفريقي ودول الجوار.. وضد دعوات الجدات والخالات والعمات وكل الطيبين والخيّرين الذين اكتووا بفظائع الحرب..!
قال الكاتب أن اخطر مقولة في رأيه هي مقولة أن الجيش هو جيش الكيزان..!
وهذا تخليط من الرجل فالناس يقولون إن قيادات الجيش التي تحارب الآن باسمه وتعيث في البلاد فساداً وخراباً هي قيادة كيزانية (جفت الأقلام وطويت الصحف)..! ثم يحاول الكاتب التخفيف بعبارة غامضة ومضطربة ويقول: (الجيش فيه إسلاميون وبعض قيادات)..!
يقول كاتب الشرق الأوسط: (سمعت بعض العسكريين الذين اعرف تماماً عدم انتمائهم للإسلاميين يعبّرون عن غضب شديد من القوى السياسية المدنية وبوجه خاص قوى الحرية والتغيير “وتنسيقية تقدم” ويشنون هجوما كاسحاً على مواقفها)..!
ما هي مواقف تقدم والحرية والتغيير التي يغضب منها العسكريون..؟
هذا الكلام المنسوب للمجهول هو رأي الأستاذ عثمان ميرغني ومواقفه غير المُنصفة ضد الحرية والتغيير التي فشل في إخفائها طوال كتاباته عن المسألة السودانية..!
الرجل مبسوط من هجوم ياسر العطا على قوى الحرية والتغيير وتهديده بتقديم قياداتها للمحاكمة.. ويقول الكاتب إن الهجوم عليها يأتي باعتبارها “الجناح السياسي لقوات الدعم السريع”…!!
هنا وصلنا إلى ما يريد الرجل أن يقوله.. وهنا تذهب الموضوعية (في إجازة بدون مرتب)..!
لقد سئمنا من انحياز هذا الكاتب للحرب ولسلطة البرهان الانقلابية وللتجييش الكيزاني… ولكن لن نسأم من فضح مواقف من يدعون لاستمرار الحرب من أبناء وطننا الحبيب.. ولن نسأم من الدعوة لإيقاف تدمير الوطن وصون أرواح بنيه ومنع تمزيق نسيجه وزعزعة ما تبقى من أوتاده..!
(عشنا وشفنا) صحفيين يدعون لاستمرار الحرب في بلادهم..!!
لا للحرب.. لا للحرب.. لا للحرب.. وشلّت الأيدى التي تنشر الموت في ربوع بلادنا.. وعاشت ثورة ديسمبر العظمى والمجد والخلود لشهدائها الأبرار.. ورمضان كريم..!
مقال عثمان ميرغني:
السودان: اتساع الهوة بين الجيش وخصومه
عثمان ميرغني
منتصف هذا الأسبوع بثت شبكة «سي إن إن» التلفزيونية تقريراً من السودان عن أن «قوات الدعم السريع» تجبر أعداداً من الرجال والأطفال في ولاية الجزيرة على التجنيد للقتال في صفوفها مستخدمة سلاح الترهيب والتجويع، وذلك بحرمان من يرفضون الانضمام إليها من الحصول على الطعام والإمدادات الغذائية، وذلك بعد أن سيطرت هذه القوات على مخازن الغذاء بما في ذلك التابعة لمنظمات الإغاثة الدولية. وأورد التقرير الذي استند إلى أقوال شهود عيان تحدثت إليهم الشبكة، أنَّ «قوات الدعم السريع» جنّدت نحو 700 رجل و65 طفلاً في ولاية الجزيرة وحدها بهذه الأساليب التي تتضمَّن أيضاً التعذيب وأحياناً إعدام بعض الأشخاص أمام آخرين لترهيبهم وإرغامهم على التجنيد في صفوفها.
مرَّ هذا التقرير على كثيرين مرور الكرام؛ ما جعلني أقارن الأمر بالضجة الواسعة التي أثارها البعض عندما انطلقت حملات الاستنفار للمقاومة الشعبية الداعمة للجيش السوداني. كانت حملات الاستنفار طوعية، وانخرط فيها عشرات الآلاف من المواطنين المدفوعين بالرغبة في نصرة جيشهم وفي الدفاع عن أنفسهم ومناطقهم وممتلكاتهم وأعراضهم بعدما تمددت «قوات الدعم السريع»، وانتشرت الانتهاكات المروعة على نطاق واسع. وعلى الرغم من ذلك انبرى البعض، لا سيما في صفوف خصوم الجيش، لاستنكار حملة الاستنفار الشعبي وقالوا إنها خطر على البلد لأنها تنشر السلاح بين الناس، وقد تدفع نحو الحرب الأهلية، علماً بأن السودان لم يأتِ بسابقة؛ إذ إن هناك الكثير من التجارب التي انطلقت فيها المقاومة الشعبية لدعم الجيوش الوطنية في مواجهة مخاطر جسيمة داخلية أو خارجية. وما مرّ به السودان اليوم قد يحفزه للتفكير مستقبلاً في تطبيق تجارب دول أخرى تحتفظ بقوات احتياط كبيرة من المدنيين المدربين والعسكريين المتقاعدين، بما في ذلك العمل بالتجنيد الإلزامي.
الغريب، أن كثيراً من منتقدي الجيش لا يستنكرون تجنيد «قوات الدعم السريع» للمرتزقة بأعداد كبيرة، أو إجبارهم المدنيين في مناطق سيطرتهم على الانخراط في صفوفهم؛ وهو ما يوضح اختلال المعايير.
الانتقادات لم تتوقف عند حملات الاستنفار الشعبي، بل نراها اليوم أيضاً في ما يثار حول مشاركة بعض الحركات المسلحة الموقّعة على اتفاقية جوبا للسلام في القتال إلى جانب الجيش ضد «قوات الدعم السريع». وقد بدأت قيادات هذه الحركات تتعرَّض لانتقادات شديدة منذ قرارها بالخروج من حالة الحياد في هذه الحرب، للانخراط في صفوف الجيش، واتهمها البعض بالانتهازية، بينما قال بعض آخر إنها ستكون خطراً على الدولة وإن الجيش بقبوله لها إلى جانبه إنما يكرر الخطأ الذي سمح بنمو «قوات الدعم السريع».
مرة أخرى يجد المرء نفسه يتساءل: إذا كانت «قوات الدعم السريع» تحارب مدعومة من الخارج سواء من دول أو مرتزقة، فلماذا يستنكر البعض على الجيش الاستعانة بحركات سودانية موقّع معها اتفاقية للسلام وينتظر دمجها في القوات النظامية؟
أضف إلى ذلك أن الجيش أكد مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة أنه تعلّم من تجربة هذه الحرب القاسية، وأنه لن يكون هناك سلاح بعد اليوم خارج سيطرة الدولة، ولن تكون هناك بندقية غير بندقية القوات المسلحة النظامية. وفي هذا الإطار أيضاً سمعنا الدكتور جبريل إبراهيم، زعيم حركة العدل والمساواة ووزير المالية، يؤكد في لقاء بالإعلاميين السودانيين في مصر هذا الأسبوع أن حركاتهم المسلحة لن تحتفظ بقواتها بعد الحرب ولن تسمح بقوة مسلحة غير القوات المسلحة. الأمر ذاته أكدته قيادات حركات أخرى تقاتل إلى جانب الجيش الآن، وهو موقف يعزز ما ورد في اتفاقية جوبا للسلام بشأن دمج قوات هذه الحركات في القوات المسلحة وفقاً للمعايير المتبعة وتجارب السودان السابقة في هذا الصدد، بل إن مشاركتها في القتال الآن جنباً إلى جنب مع الجيش قد يسهل لاحقا عملية دمجها.
بعض الناس يستغلون كرههم للإسلاميين (الكيزان وفق التعبير الشائع في السودان) فصاروا يبحثون عن كل صغيرة وكبيرة أو أي سانحة للهجوم على الجيش؛ مما زاد في حالة الاستقطاب الشديد. أخطر ما في هذه الحملة هو، في تقديري، إصرار البعض على ترويج مقولة أن الجيش هو جيش الكيزان والفلول (أي الإسلاميين وبقايا النظام السابق)، وبالتالي لا يفوّتون فرصة للهجوم عليه، والتقليل من أي انتصار يحققه، والتهليل لأي نكسة يتعرض لها. هذا التوصيف إضافة إلى أنه خاطئ ويعتمد التعميم المُخل، فإنه يوسع الشقة بين الجيش وخصومه، لا سيما في صفوف القوى السياسية والمدنية. فالجيش وإن كان فيه إسلاميون وبعضهم قيادات، إلا أنه لا يمكن وضعه كله في سلة واحدة وتصنيفه على أنه جيش فلول وكيزان، وتجريده من مهنيته التي يعتز بها ضباطه وجنوده. وقد سمعت بعض العسكريين الذين أعرف تماماً عدم انتمائهم للإسلاميين يعبّرون عن غضب شديد من القوى السياسية والمدنية، وبوجه خاص «قوى الحرية والتغيير» (قحت) و«تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية» (تقدم)، ويشنّون هجوماً كاسحاً على مواقفها.
هذا العداء المتزايد بدأ يظهر في التصريحات الأخيرة الصادرة من قيادات الجيش والتي تكرر فيها الهجوم على «قحت» و«تقدم»، واعتبارهما الجناح السياسي لـ«قوات الدعم السريع»، بل والتهديد بتقديمهم لمحاكمات.
لقد كانت هناك الكثير من المواقف والحسابات الخاطئة في هذه الحرب، والهجوم المتواصل على الجيش أحدها، وستكون له تداعياته التي تضيف إلى تعقيدات المشهد السوداني.
* الشرق الأوسط
المصدر: صحيفة التغيير