إنسحاب أم تكتيك !!
أطياف
صباح محمد الحسن
طيف أول :
لبراءة الوطن التي سقطت في ساحات المُكر
وللنور الذي إرتبك من زيف الشرفات ولكنه لن يستسلم
و للأمنيات التي عادت مضرجةٌ من لجج الشك و الإرتياب
ومازالت تلوح في الأفق لتؤكد أنها آتية !!
وكنا تحدثنا عن إتجاهين بعد الإستماع الي خطاب قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، وذكرنا أن خطابه يكشف عن ان المشهد يأخذ مساراته نحوها اولهما :
إن حرب السودان انتقلت من الميدان الداخلي الي مربع صراع المحاور المرتبط بقضايا إقليمية واصبح دور عدد من الدول على خط الأزمة عسكريا محل تساؤل مطروح اكثر من دورها سياسيا، وصراع المحاور قد تتشابك خيوطه بقضايا خارجية منها حرب المياة وقضية سد النهضة ، وغيرها من الصراعات الخفية الباردة، التي قد تساهم في نقل حرب السودان من حرب محلية الي مربع الصراع الاقليمي الذي يتجسد في ضرورة الحاجة الي تبادل الإتهامات الآن ، فالقوات المسلحة أشهرت سلاح اتهامها على دولة الإمارات العربية بدعم قوات الدعم السريع ، وقوات الدعم السريع وجهت الإتهام عبر تصريحات قائدها الي مصر بدعم القوات المسلحة وضرب الطيران المصري لحواضنها بجبل موية، وخطر تحويل الحرب لصراع إقليمي ليس سببه تدخل الدول الخارجية في الشأن السوداني كما يعتقد البعض ولكن يعود لرضوخ وانصياع قادة طرفي الصراع من قبل الحرب الي الخارج فالبرهان وحميدتي كلاهما ادوات في يد الخارج كانت ولازالت سهلة الإستخدام لدمار السودان من قبل الحرب وحتى الآن، وتم تطويعهما لضرب ثورة ديسمبر المجيدة فالتدخل في الشأن السوداني أمر ليس وليد الساعة
الأمر الذي يجعل النظر الي كلا الإتهامين بمنظار الحيطة والحذر لان هذا التحول المتوقع يعد واحد من اقوى الأسباب لإطالة امد الحرب في السودان
والإتجاه الثاني هو اننا ذكرنا ان خطاب حميدتي يكشف عن نية الرجل الي الإستمرار في حرب طويلة المدى وسيكون ذلك عبر تمدده في مناطق عسكرية جديدة وتنفيذ ضربات قد تستهدف في المقام الأول كتائب جهاز الأمن والمخابرات
وبالفعل شهد الميدان تنفيذ ضربات وهجمات وعمل (كماين) لهذه القوات التي أقرت بفقدانها لعدد من العناصر امس ، وامس الأول
كما اننا ذكرنا ايضا أن الخطاب بالرغم مما يحمله من لغة عنف لكنه يُعد ورقة ضغط لتعجيل خيار التفاوض
لذلك تعتبر خطوة سحب قوات الدعم السريع لوفدها من منابر التفاوض أمس والتي يقلل من قيمتها الفلول بإعتبارهم غير راغبين في الجلوس معها منذ البداية، لكنها تعتبر تحولا وله أثره الكبير على سير التفاوض
فوفد الدعم السريع كان على كرسي الإنتظار منذ بداية الحرب بلاشروط ، لكن إنسحابه يعني أن عودته من جديد لن تكون كما كانت عليه، فخروجه من دائرة المبادرة لطلب السلام الي دخول مستطيل سباق الحرب بالعناد، ستكون بعده العودة للتفاوض اما بزيادة وزن السيطرة على الأرض او بدفع الطرف الآخر للتخلي عن شروطه وفي الحالتين ستكون عودته ليست مجانية
لكن خطوة سحب قوات الدعم السريع لوفدها ربما تكون بغرض خدمة التفاوض أكثر من رغبة التقدم على الأرض فالخطة (ب) قد تكون ابتزازا سياسيا دوليا ولكن في ذات الوقت لاتعد مزحة سياسية ، أي إن لم تحقق غرضها سياسيا ستخلف واقعا عسكريا لئيما
هذا ماقد تعنيه الخطوة داخليا اما خارجيا فإنسحابه قد يعني تجديد رغبته الملحة في ابعاد مصر من مربع الحل السلمي والذي كان يعترض عليها منذ أول يوم ، فهل يسعى دقلو الي إبعاد مصر من طاولة الرباعية!! وهل يردها الجيش له بسعيه ايضا لإبعاد دولة الامارات لانه يوجه اليها ذات الإتهامات
إذن هل يعود التفاوض لحضن الثنائية امريكا والسعودية من جديد بحجة ان مصر والإمارت تطولهما الاتهمات بالمشاركة ميدانيا أم انه سيحدث العكس ويساهم ذلك في تسريع حل الصراع!!
مسار وتحول قد لاتغيب اجندته في دفتر زيارة محمد بن سلمان الي القاهرة امس والمنطقة تشهد كثير من الغيوم الاقليمية التي خيمت على سماء المشهد
وإعلان المبعوث الأمريكي عن رغبته في الوصول الي بورتسودان حسب متحدث باسم الخارجية الأميركية للشرق أمس والذي قال إننا ملتزمون بالعمل مع نظرائنا السودانيين لترتيب زيارة محتملة لبيرييلو إلى بورتسودان
فهذا مايؤكد ان التحركات العسكرية والسياسية التي لوحت بها الدعم السريع قد يكون القصد منها الدخول في مسارات سياسية خارجية بعينها اهمها اعادة وهندسة الخارطة التفاوضية وترتيبها بشكل جديد وهذا قد يدفع دولا داعمة للسلام
بعيدا عن طاولة التفاوض.
طيف أخير :
#لا_للحرب
تصريحات الحكومة من جديد بقبول الجلوس للتفاوض بالرغم من وعودها المتكررة بقرب الحسم يعني أن ورقة دولية جديدة ستظهر على الطاولة .
الجريدة
المصدر: صحيفة الراكوبة