إلى اخواننا الشوام مع المحبة، عن العقوبات ولائحة الإرهاب الأمريكية

عمار قاسم حمودة
أعلم أن الكثير من السوريين يعرفون ما أكتب الآن، ولكن لا بأس من الكتابة.
طالما كانت الحرب في سوريا مصدر ألم عند من خبروا الحروب وبالذات الحروب الأهلية كأهل السودان، مع اعتبار أن سوريا كانت أرض حرب ومطمع لجهات خارجية دولية لم تدخر سلاحا الا وجربته. ولذلك كان فرحنا عظيماً بانتهاء الحرب وبداية عهد جديد.
هنا، والتشابه بين حال السودان وسوريا اريد أن انظر له في جزء بسيط منه، هو في موضوعين (بعض الناس ينظرون لهما وكأنهما شي واحد)، وهما:
١ العقوبات الأمريكية، مثل التي تصدر بأوامر تنفيذية من الرؤساء.
٢ وجود الدولة على القائمة الأمريكية لتصنيف الدول الراعية للإرهاب.
وهناك أمور تتناسل في وجود هذا الثنائي، مثل الأحكام القضائية التي تم الحكم في المحاكم الامريكية فيها لمواطنين امريكيين ضد الدول الواقعة في التصنيفين أعلاه. والتي تحتوي على الحكم بتعويضات مليونيه لصالح ضحايا الأعمال التي قامت بها الدولة موضع المحاكمة في كل قضية.
جدير بالذكر أن الدخول في تلك القوائم أمر له أبعاد سياسية وقانونية واقتصادية.
من وجهة النظر الأمريكية فإن التصنيف بوجود الدولة ضمن قائمة الإرهاب يفقدها ما يعرف قانونيا ب (الحصانة السيادية للدول)، والتي تمنع الافراد من محاكمة الدول في دولتهم. فقدان الحصانة السيادية يكون حسب وجهة النظر الامريكية لتورط الدول في جرائم أدت إلى اعمال ارهاب دولي وتضرر منه مواطني الدولة التي تجري في ارضها المحاكمات. من اراد أن يسترسل في المبدأ وتبعاته القانونية وبعض السوابق فيه، ففي الرابط ادناه شرح مفصل من الاستاذ عثمان مكي المحامي في بريطانيا، وكانت الحلقة عن الدور القضية أو قضايا التعويض الخاصة بالسودان وكيف سارت الأمور، وبالطبع نعلم كيف خرج السودان من القائمة وأغلق باب المطالبات واستعاد الحصانة السيادية.
بحسب متابعتي لموضوع السودان في مسألتي (
رفع العقوبات) و (الخروج من قائمة الإرهاب)، فإنني أستطيع القول إن رفع العقوبات من دون الخروج من القائمة يمثل خلاصا محدودا للغاية، إذ أن ما يرتبط بقائمة الدول الراعية للإرهاب له ذيول تمتد طويلا في الجوانب الاقتصادية، التجارية، الدبلوماسية، وبالطبع العسكرية. اتذكر أن العقوبات التي تمت عبر أوامر تنفيذية رئاسية تم رفعها في العام 2017 في فترة الرئيس أوباما، قد اقيمت ندوة في لندن لبحث تبعات رفع العقوبات الأمريكية على السودان، وضمت طاولة النقاش مختصين من مختلف المجالات التي تأثرت بالعقوبات. بيد أن الخلاصة من تلك النقاشات كانت هي الإقرار بأن رفع العقوبات من دون الخروج من قائمة الدول الراعية للرهاب يجعل أثر الرفع محدودا جدا. ولمن أراد التفصيل في هذا، فأدناه رابط لتعليق لي عن الندوة، ورابط آخر لمحتويات كل الندوة.
رابط التعليق في 2020: https://www.facebook.com/share/v/1FvqyWb6Dw/?mibextid=wwXIfr
رابط المحتويات
نأتي إلى اهم التجارب في المنطقة والتي تشابه الوضع السوري الحالي. هناك ثلاث تجارب مختلفة المسارات واسباب الخروج من قائمة الإرهاب تضم التجارب حسب التسلسل الزمني للخروج من القائمة، العراق، ليبيا، والسودان. عادة هناك مدة زمنية بين قرار رفع العقوبات وقرار الازالة من قوائم الارهاب، وهي تتفاوت في كل حالة.
في حالة العراق كان الخروج بدون كثير تردد أو حتى بدون النظر المباشر في القضايا التي كانت مرفوعة من مواطنين أمريكيين ضد العراق متمثلا في نظام صدام، ولكن لاحقا في العام 2010 دفع العراق تسويات في حدود 400 مليون دولار كتعويضات لقضايا منها ما يرجع للعام 1990. تم دفع التعويضات من أموال عراقية مجمدة لدى الولايات المتحدة.
في حالة ليبيا، تم دفع قرابة الثلاثة مليار دولار تعويضات لمتضرري ما هو منسوب للدولة الليبية.
في حالة السودان، تم دفع تعويضات لمتضررين أمريكيين نالوا حكما أمريكيا من المحكمة ضد السودان الذي كان وقتها تحت حكم البشير. في حالة السودان كان الموضوع مرتبط بتصفية كل ما على السودان حتى ينال قرضا تجسيريا يمكنه من الوصول لإعفاء الديون المتراكمة لدى البنك الدولي والدخول ضمن تعريف (الدول الفقيرة المثقلة بالديون).
الحالة السورية شبيهة بما ورد أعلاه عن العراق وليبيا والسودان، مع عدم وجود ارقام دقيقة عن المبلغ المطلوب لكن التقديرات ربما تذهب الى مليارات الدولارات.
إذا كان هناك رغبة أمريكية، وتضامن عربي (خليجي تحديدا) في ضرورة وضع سوريا على منصة انطلاق طبيعية، فلا اعتقد أن تسوية القضايا ماليا ستكون عقبة أمام ذلك.
جدير بالذكر أن العقوبات الأمريكية، ولائحة العقوبات الأمريكية تستتبع خلفها معظم الدول الغربية، وذلك لارتباط التحاد الاوروبي والملكة المتحدة لأنظمة التبادل التجاري والمالي الأمريكية بصورة لا انفصام فيها، مما يعقد الوضع ويجعل من أي خطوة أمريكية هي خطوة غربية بالكامل.
عمار قاسم حمودة. سياسي سوداني.
21 مايو 2025
المصدر: صحيفة الراكوبة