عبدالرازق أنقابو

إن الطريقة التي ألغت او أجلت بها أمريكا إجتماع المجموعة الوزارية الرباعية حول الأزمة السودانية، لتعد تراجعا في مستوي الشفافية المعهودة بها، أمام شعبها واعلامها وهي؛ دولة عظمي لا تخش لومة لائم، في الكشف عن مهماتها الخارجية الخاصة، بتحركها دبلوماسيا أو عسكريا! وبعيدا عن ذلك التراجع، فإن عدم إصدار وزارة الخارجية الأمريكية لأى بيان توضيحي دونما جدولة جديدة، لذلك الاجتماع الملغي يكون في حد ذاته، قد أعطي انطباعا عن فشل ترتيباتها لإدارة هذه الرباعية ومخرجاتها حتي قبل إنطلاق اجتماعاتها! وهذا ما يفسر من جهة أخرى، مدي قصور النظرة الأمريكية وارتباك موقفها تجاه الأزمة السودانية برمتها، ما لم تكن هناك مقتضيات غير معلومة، تستدعي هذا “التكتم”! وبما أن هذه الاستنتاجات، نجدها ماثلة في تناول الإدارة الأمريكية لملف الأزمة السودانية ودورها في عمليات تفاوض غير مجدية، بدءا من منبر جدة، وانتهاءا بمفاوضات جنيف وما أضفت عليها من سرية تامة، فإن ذلك كله يقود لنتيجة واحدة؛ هي أن ذات الإدارة الأمريكية منذ فترة الرئيس بايدن المغادر البيت الأبيض، وحتي خلفه الرئيس ترامب العائد إليه حاليا، انها تنظر الي الأزمة السودانية، من زاوية مظهرها والاجندات المتعلقة بها داخليا وإقليميا، دون النظر إلى أسبابها الجوهرية المتعلقة بوجود دولة عميقة مسكوت عنها، هي ما إنفردت بقرار الحرب والسلام في السودان، منذ إستقلاله وإلي تاريخ هذه الحرب الظالمة واللا أخلاقية!

ففي هذا الخصوص، فإن اضطرار الإدارة الأمريكية الحالية لذلك التأجيل، مع وعدها القاطع بحل الأزمة السودانية الجارية، إنما يحسب لمنح نفسها الفرصة الكافية لتدارك ذلك الموقف الذي تفاجأت به، وهي تدير ملف أزمة غاية التعقيد، ومن علي مرجعية غير مهنية، وخلفية لا تراعي المصالح الأمريكية موروثة تحديدا، من إدارة بايدن المشوبة، بالانطباعات الشخصية وعدم المصداقية، في تعاطيها مع الأزمة السودانية! بناءا عليه، فإن ما يميز إدارة ترامب عن سابقتها، هي نظرتها للمصالح الأمريكية في كل خطوة تختطها، وهي مستصحبة معها شعار “أمريكا أولا America First”، مما يعطي مؤشرا علي أن الملف السوداني علي هذا المنظور، أصبح أولوية لدي أمريكا ترامب! ولذا فإن الرئيس ترامب المعروف بشفافيته، وإدارته المتبعة لنهجه ومبادئه الرئاسية، لا يعنيها ذلك “التعتيم” في شيء، بقدر ما يعنيها أن تاجيلها لإجتماعات الرباعية، يأتي لأسباب موضوعية مقدرة، علي الضرورات الآتية:

أولا: منح إدارة ترامب الفرصة الكافية لمزيد من تفهم ملف الأزمة السودانية علي الوجه الصحيح دفعا للرباعية، حتي تعطي حلولا ملزمة، غير قابلة للخرق باي طرف من طرفي الحرب، مثلما حدث ذلك تكرارا، في جهود وقف إطلاق النار السابقة!

ثانيا: ضرورة التوافق علي صيغة ترتيبات محكمة، تهدف للتوصل لإتفاق يوقف الحرب لهدنة إنسانية طويلة الأمد، لا يتعرض فيها المؤتمرون للملف السياسي المعني به الجيش وقوات تحالف تأسيس السودان دون غيرهما! علما بان هذه الترتيبات تقتضي بالضرورة، إستبعاد طرفي الحرب من حضور اجتماعات الرباعية ذلك، لأن المخرجات المتوقعة لهذه الرباعية وآلياتها الملحقة، مصممة لتكون أوامر منزلة (Topdown Orders) علي طرفي الحرب للإلتزام بها، وففا “لقانون سلام السودان”، المطبق امريكيا، وليس لتدخل اممي منقوض، روسيا!

علي ذلك. نري ان مبررات الاستبعاد في هذه المرحلة، تمثل إجراء رادع (deterrent measure) مقابل تماطل قادة الجيش في الإستجابة لأى مبادرة، وخرقهم لأى إتفاق هدنة تاكيدا منهم، علي مدي إصرارهم الجازم علي إستمرار الحرب، دونما تقديم أي رؤية عملية لإيقافها! وبالتالي، فإن الذي مع خيار الحرب ولا يملك إرادة حقيقية لوقفها، لن يكون جزءا من حلها سلميا، إنما يفرض السلام عليه فرضا! ولمناسبة فرض السلام، فقد سبقت الإشارة في تحليل سابق بعنوان: (تفكيك الطلاسم: بين دقائق الأسرار وحقائق الإصرار ١٤ ديسمبر ٢٠٢٤م)، خلص إلى أن إصرار قادة الجيش علي الحرب، رغم أنه لأجل بقائهم في السلطة “كدولة عميقة مسكوت عنها”، إنما يهدفون به من جهة أخري، إلى دفع المجتمع الدولي للقيام بتدخل عسكري في السودان تحت البند السابع لا يكون، هدفهم منه هو المحافظة علي السلام، إنما لتمرير أجندات “جهوية” تطالب إما بتقرير المصير لإقليم الشمالية الذي ينتمون جهويا إليه، أو بوضعه تحت وصاية دولية أو إقليمية ضمانة، ألا تصل هذه الحرب إليه كما سبقها من حروب ماضية!

ثالثا: ضرورة إزالة الرؤية الملتوية التي خلفها المبعوث الأمريكي السابق للسودان توم بيريللو عن الأزمة السودانية، وهو لا يخفي تحيزه فيها لأحد طرفي الحرب، في قوله نصا: (نحن لا نرغب في رؤية الدعم السريع منتصرا في هذه الحرب، او عائد الي السلطة بأي حال من الأحوال)، بمعني أن إدارة بايدن ورؤيتها لحل الازمة السودانية، لا تريد تسوية لا يكون فيها الجيش إلا منتصرا، لكن نتائج الواقع الميداني تحول دون ذلك، رغم انسحاب قوات الدعم السريع من ولايتي الجزيزة والخرطوم!

رابعا: تزامن إعلان تحالف تأسيس السودان لحكومته مع توقيت إجتماع الرباعية المؤجل، هو أيضًا ما يمثل خط رجعة لتاجيل هذا الاجتماع كواقع مستجد في الساحة السودانية، هو ما يضطر الإدارة الأمريكية، لإعادة مخاطبة الطرف الثاني في الحرب علي أقل تقدير، تحت مسمي “تحالف تأسيس السودان”، بدلا عن قوات الدعم السريع، إن لم تخاطبه بمسمي “حكومة سلام السودان!” وهنا، فان التحفظات تبقي محتملة علي هذه التسمية من دولة عضو في هذه الرباعية مغروضة في الأزمة السودانية! لكن الحق القانوني لقوات الدعم السريع وهي تتحالف مع مجموعات معترف بها محليا وإقليميا، يلزم هكذا دولة بذات الإعتراف، للإعتراف بما طرأ علي مكون تحالفه من تسمية جديدة، وهو ما يعتبر مكسبا وإعترافا ضمنيا، بحكومة سلام السودان الجديد!

خامسا: ضرورة استجلاء أجندة الحكومة المصرية ومواقفها من الحرب الدائرة في السودان ببن كونها، طرفا داعما وممثلا متبنيا لمواقف الجيش حيث، تنتفي مشاركتها في هكذا رباعية، أو تكون طرفا يسعي حقيقة لحل الأزمة السودانية دونما إستئثار بها او إستثمار فيها! وهنا، فيما رشح من مطالبة مصرية مرفوضة، لحضور الجيش لإجتماعات الرباعية، فهي مجرد خطوة إستباقية للإعتراف بحكومة بورتسودان الانقلابية، ولقطع الطريق أمام حكومة سلام السودان المدنية بنيالا، من جهة، ولتبييض صورة الجيش المستخدم لأسلحة محرمة دوليا، من جهة أخرى! عليه، فإنه جدير بالإدارة الأمريكية ترامب، مراجعة النظرة الإستراتيجية المصرية للسودان، وهي لا تريده إلا بلدا مقعدا بانظمة عسكرية موالية، لأجل تمرير اجندتها المعلومة منها والغير معلومة، لحد الآن! ولذا، فإنه ليس من الغرابة بمكان، أن تعرقل الحكومة المصرية جهود اي مبادرة لوقف الحرب في السودان، وهو الأمر الذي يصنفها لحد الآن، كدولة غير جديرة بالمشاركة في صناعة السلام في السودان!

سادسا: ضرورة الوقوف علي حقيقة طبيعة الموقف العدائي التصعيدي لقيادة الجيش، ضد قوات الدعم السريع كهدف مشروع قتاله، دون الأخذ بمبادئ عقيدة الجيش التي سخروا دائما، لخوض حروب داخلية جهوية، مستبعد فيها أولوية الخيارات السلمية! فمرد حقيقة ذلك الموقف، لا يكمن سره في عدم الإعتراف بقوات الدعم السريع، إنما في النظرة إليها كمهدد أمني وجودي لبقاء واستمرار تلك الدولة العميقة، المهيمنة علي الثروة والمستأثرة بالسلطة بالبلاد؛ بانقلابات عسكرية، أو إنتخابات صورية، أو بمحاصصات ارضائية لا غير! لذا، فالأمر الاكثر حيرة في هذه الحرب الدائرة، هو ليس ذلك الموقف العدائي في حد ذاته، إنما في الإصرار عليه وعدم التراجع منه، لتلك الأسباب الموضحة أعلاه [حماية الحاضنة وقادتها: من الجنائية الدولية ومن الانتقامات الجماهيرية المحتملة، باستمرار الحرب وفظاعتها بلاءات البرهان الثلاث، المفضية قطعا، لتدخل عسكري دولي او إقليمي محتمل في السودان]!

ثامنا: ضرورة المفاصلة ما بين الجيش وتنظيم الاخوان الذي تقاتل كتائبه الإرهابية علنا مع الحيش في هذه الحرب، في الوقت الذي ينكر فيه قادة الجيش اي علاقة لهم مع جماعة الإخوان! تفكيك هذه الغلوطية يكمن في نظرة مصر واطمئنانها الثابت عن إخوان السودان وحزبهم المؤتمر الوطني، باعتبارهم مجرد أدوات (tools) مسخرة لبقاء الدولة العميقة، التي لا تتردد في حظرهم واعلانهم تنظيما إرهابيا، متي ما وجدت الإشارة من مصر! هذه النظرة تتضح حقيقتها في إحتضان مصر لمئات الآلاف من إخوان السودان الفارين إليها من الحرب قادة وقواعدا، وهي في ذات الوقت تحظر معلنة ذات التنظيم عندها تنظيما إرهابيا، وقد زجت بالآلاف من قيادته في السجون، بينما قياداته السودانية عندها يمرحون، دونما مضايقات أو نفيا لهم من البلاد!

تاسعا: ضرورة فهم حقيقة الحرب وطبيعتها وإتجاهاتها التي إتخذت. وهنا، بعيدا عمن اطلق الرصاصة الأولي في هذه الحرب، فان مواقف قيادة الدعم السريع الإصلاحية الخاصة بهيكلة المنظومة الأمنية والعسكرية، هي ما حولتها لمهدد امام عودة النظام البائد واستفراده بالسلطة بشقيه؛ الدولة العميقة وشريكها تنظيم الإخوان! ذلك، لأن هكذا هيكلة لا تسمح لقادة الجيش المتآخين جهويا والمؤدلجين اخوانيا، بالقيام بأي محاولة إنقلابية، خاصة وان الدعم السريع قد اجهض تسمع محاولات إنقلابية منذ الإطاحة بالبشير وحتي اخرها في يونيو ٢٠٢١م! ولهذا، كانت الحرب منذ إنطلاقتها بشكل غير معهود في قوة نيرانها وكثافتها، هي حرب وجودية تستهدف محو الدعم السريع من الوجود، ولذا فإن الأولوية عند قادة الجيش منذ اليوم الأول للحرب وإلى الآن، هي الاصرار المشروع علي قتال الدعم السريع، عملا بلاءات البرهان الثلاث؛ لا للتفاوض، لا للسلام ولا للهدنة معه!

عاشرا: أنه من الأهمية بمكان، اعتبار القبول المجتمعي لهكذا إتفاق مملي علي الواقع السوداني! فهذا المجتمع مع خيبة أمله في قيادة لم تنظر لمعاناته وهي تصر علي الحرب بشعارها “المجد للبندقية” لا لثورته التي صنع واطاحت باعتي دكتاتورية في تاريخ أفريقيا، فإنه حتما سيكون مرحبا بأي إتفاق يوقف الحرب، من اي جهة كانت! وبما ان المؤيدين “للمجد للبندقية” سيكونون علي موعد للخروج بتظاهرات مضادة دعما، لقادة الجيش في مرواغاتهم المحتملة، إلا أن الرضاء العام بالترحيب والتاييد الهائل لإتفاق الهدنة، هو ما سيطغي مسكتا، اي تحرك مضاد!

وبما أن هذه النقاط أعلاه، قد رسمت الصورة الحقيقة التي يجب علي الوسطاء الأخذ بها في مخاطبة هذه الأزمة السودانية، وكذا المراقبون والمعنيون بدراستها وتحليلها، فإن هذه الأزمة كدرس مستفاد ايضا، ليست بمعزل عما سبقها من أزمات حروب متكررة وصراعات متجددة، منذ العام ١٩٥٥م وحتي هذه الحرب الدائرة الآن! عليه، فإن المتوقع ان تصل هذه الرباعية لصيغة إجماعية توافقية لوقف الحرب نظريا “علي الورق”، ولكنها في أرض الواقع، حتي تنجح في تحقيق هدنة محترمة من طرفي الحرب، فهي بحاجة للانتباه والتحوط لأربعة أمور غاية الأهمية، بالتفصيل الآتي:

الأمر الأول: التأكيد على ضرورة حسم موقف الجيش وبراءته عمليا من اي ارتباط مع تنظيم الإخوان بالجهر، باعلانه تنظيما محظورا بالسودان!

الأمر الثاني: التصدي للمراوغات المعتادة لقادة الجيش، ذلك بالإلتفاف حول اي إتفاق هدنة محتملة، بهدف تعطيله وعدم الإلتزام به، دون وازع أو رادع!

الأمر الثالث: اخذ العبرة من عمليات التفاوض السابقة الفاشلة، بتجنب سقوط الوساطاء في عمليات مداراة قادة الجيش في رفضهم قبول التفاوض مبدءا، وهو المحرم ظاهرا، بلاءات البرهان المشار إليها أعلاه، وباطنا بتعليمات رئيس المؤتمر الوطني، المستترة أبدا! فذلك الرفض وما فيه من مماطلة ومراوغات، هو ما يحتمل ممارسته علي ذات التحريم، في مرحلة الاستدعاء للتوقيع علي إتفاق هذه الهدنة المحتملة!

الامر الرابع: حسم الغلوطية المتوقعة بالسيادة علي مناطق الاشتباك المتداخلة الغير تابعة لأي طرف (unclaimed overlapping engagement zones)، وهي الممتدة من شرقي الحدود الاصلية لاقليم دارفور مع اقليم الشمالية، إلي الحدود المتاخمة لولاية الخرطوم غربا، وكذا المناطق الأخري باقيليمي الانقسنا/النيل الأزرق وجنوب كردفان!

ختاما، مع كل ذلك الايضاح، فإنه لا يستبعد أن تكون تلك السرية التي شهدنا في مفاوضات جنيف، وهذا التكتم الذي رأينا في تأجيل إجتماع الرباعية الآن، هي ما تكون نتيجة حتمية لتلاقح أجندات انفصالية تتضمن اقليم الشمالية، عزف عليها قادة الجيش وهم يدركون، مدي رواقتها مع من يريدون السودان إلا دولة مجتزأة لعدة الدول! لذا، فلن نتوقع تغييرا في موقف قائد الجيش من الاستمرار في الحرب لسببين:

الأول: دفع المجتمع الدولي للقيام بتدخل عسكري في السودان، يجد فيه قائد الجيش في إصراره علي الحرب، ما يصبو إليه من مآرب!

الثاني: قبول هكذا هدنة، يرها قادة الجيش مجرد هزيمة وانكسارا لهم، وليست إنتصارا للجيش بأي حال من الأحوال!

لكن بالمقابل، مقارنة مع الواقع الميداني المشاهد خصما علي الجيش في هزائمه المتتالية الآن، ومع الحملة الإقليمية والدولية المتصاعدة استهدافا لتنظيم الإخوان بالمنطقة، هي ما ترجح، بل تفرض هدنة بين طرفي الحرب كل في مناطق سيطرته! إلا أن الأمر الواقع، الاكثر أهمية في تعزيز هكذا هدنة محترمة بين طرفي الحرب، يكمن في نظرة الرباعية لتحالف تأسيس السودان وإعلانه حكومة موازية، ببن قبولها أمرا واقعا أو إستبعادها، تمسكا بالدعم السريع طرفا معنيا بهذه الهدنة! وهنا، نعتقد أن الرباعية ستقر بتحالف تأسيس السودان كمكون ممثل للطرف الثاني في الحرب، بينما هي ليست بحاجة للدخول في معركة أخري خاصة، بالاقرار اعترافا بتحالف تأسيس السودان الجديد، بقدر ما أنها سترجئ أمر تكييف طبيعة الإقرار به، لبيانها الختامي!

وبقراءة اخري خاتمة، فان هذه الحكومة الموازبة، وبمفهوم الاجندات المروجة لتقرير المصير شعبيا، و”المتكتم” عليها حكوميا، فإنها تحسب علي اقل تقدير، فرصة ممهدة لتقسيم السودان بذلك المفهوم! وبعيدا عن سر ذلك التستر والتكتم، فإن الرباعية لا يسعها إلا التعاطي مع تحالف تأسيس، بحجة تعزيز فرص التوصل لإتفاق وقف إطلاق النار، بين إدارتين منفصلتين، بغض النظر عن رؤاها الوحدوية صدقا أم مناورة، بتعيين حكاما وولاة علي كافة ولايات السودان!

#تنبيه: يتبع بمقال آخر متعلق: السودان ورباعية واشطن: هل ستحدث اختراقا؟

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.