أطياف
صباح محمد الحسن
طيف أول:
ذهبت الخطى وذهب الشغف، ويبدو أن الولاء أصبح للذات، وكذلك فعل!!
والسلطة الانقلابية من قبل تجاوزت إعراض الوزراء عنها، الذين تم ترشيحهم من قبل رئيس الوزراء المكلّف كامل إدريس، فمنهم من اعتذر عن قبول التكليف، ومنهم من لم يعتذر واختار الصمت، ليؤكدوا لإدريس أن طريق المتاهة الذي اختاره يجب ألّا تضيع في وحشته كفاءات وطنية يمكن أن تجد فرصة لها مستقبلًا لخدمة الوطن، دون أن تحرق تاريخها بنيران الحرب وتنسف نضالها بدعمها للانقلاب. وفي الحقيقة، إن منصبًا في حكومة البرهان لا يكون إضافة مغرية إلا لمن تغريه المناصب بلا إضافة!!
لذلك فإن أكثر العِظات التي كان يستفيد منها إدريس هو ذلك الرفض من قبل شخصيات وطنية كفء للمنصب، الذي لم يرفضه هو!!
فمن رفضهم كان يدرك أن حكومة السلطة الانقلابية يجب أن يعمل الناس لوقف ما تسببت فيه، وليس العمل فيها لتبقى ويستمر عبثها بالوطن والأرواح، فكانت فرصته لكي يستقيل!!
ولم يتوقف الأمر عند هروب الوزراء، الذي لم تتوقف عنده الحكومة وتجاوزته، ولكن تجدها أيضًا تتجاهل عناد السفراء وتمردهم على الدولة، الذي أصبح “موضة”.
بالأمس، وللمرة الثانية، رفض عدد من الدبلوماسيين السودانيين بسفارة السودان لدى جمهورية «أيرلندا»، ومن بينهم السفير نفسه، العودة إلى بورتسودان، وتقدموا بطلبات لجوء سياسي إلى حكومة «دبلن».
وذكرت مواقع خبرية أن السفير السوداني لدى أيرلندا، عادل بانقا، قد تقدم بطلب لجوء رسمي إلى السلطات الأيرلندية، برفقة عدد من الدبلوماسيين، وذلك فور انتهاء فترة عملهم الدبلوماسي خارجيًا.
وكشفت أن من بين الدبلوماسيين الذين قدموا طلبات لجوء سياسي لـ«أيرلندا»، الملحق العام بالسفارة عمر أورك، والقنصل السوداني محمد موسى، وعدد آخر اختاروا الانفصال عن النظام والبحث عن ملاذ آمن في الخارج. والحادثة هي الثانية بعد الأولى التي حدثت في سفارة السودان بدولة الإمارات، الأمر الذي يؤكد حالة انفصال حادة بين الحكومة وبعثاتها الدبلوماسية!!
وبالرغم من أن تمرد السفراء لا علاقة له بالمواقف الوطنية الرافضة لا للحرب ولا للانقلاب، وكانوا من الداعمين للحرب العبثية، وعندما انتهت فترتهم رفضوا الاستجابة لطلب العودة إلى بورتسودان، وتقدموا بطلب اللجوء!! مما يعني أنها مواقف شخصية لا تتعدى البحث عن مصالح شخصية وحياة أفضل بالخارج بعيدًا عن سلطة بورتسودان، فمن بعدها يجب ألّا “تُعيّر” الحكومة خصومها لوجودهم بالخارج!! فهذا السفير تحديدًا وقّع على بيان السفراء الشهير الرافض للانقلاب، ولكن بعد مرور 24 ساعة صرّح لتلفزيون السودان، وقال إن لا صلة له بالبيان. أما الاثنان الآخران، فقد فصلتهما لجنة تفكيك التمكين في فبراير 2020، وأعادهما البرهان إلى الخارجية في يناير 2022، ونُقلا إلى دبلن مع السفير!!
والآن ذات المجموعة التي تنكرت لبيان السفراء الرافض للانقلاب تتنكر للبرهان، بعد أن ساندت انقلابه لخمس سنوات، ودعمت الحرب لثلاث سنوات، وعندما أدركت أن المركب تخنقها الأمواج، رفضت العودة لبورتسودان، وتقدمت بلا حياء بطلب اللجوء السياسي. فهذه هي “الأيام الأخيرة” التي تجعل الحكومة تعاني “حالة هجر”، فالإعتذارات السابقة تعني أن الدخول إلى حكومة البرهان أصبح أمرًا يتخوف فيه الشخص من هباء تاريخه وضياع مستقبله، والمغادرات تعني أن البقاء فيها أصبح أيضًا أمرًا مرعبًا.
فخروج مناوي من ساحة المعركة قد يكون أيضًا رحلة بحث عن ساحة أمان!!
طيف أخير:
قال الإعلام “الكيزاني”: (إن القبض على البراء من قبل السلطات المصرية تم لحمايته).
والذي تحاول الدولة حمايته تستدعيه وتحيطه خبرًا بصدد القيام بذلك، ولا تباغته بمداهمة سكنه. فوجود المصباح على أراضيها ليس خطرًا عليه… لكنه خطر عليها!!
المصدر: صحيفة التغيير