المنتصر احمد

الأزمة السودانية بين دبلوماسية سويسرا وظلال ألاسكا

كمحور رابع مكمل لمقال حول إعادة هندسة النظام العالمي نسرد فيما يلي الأزمة السودانية في مرآة الجيوبوليتيك ومدى تأثرها المرتقب بمخرجات لقاء ألاسكا خاصة عقب المتغيرات الكثيرة والجديدة التي حدثت في أغسطس الحالي حيث ستلعب هذه المتغيرات دوراً كبيراً في تغيير مسار الأحداث بالمقارنة مع الفترة الماضية، منها لقاء البرهان مع المبعوث الأمريكي الخاص في سويسرا، الظهور العلني للمرتزقة الكولومبيين وهم يقاتلون بجانب ميليشيات الجنجويد.

ولكن ليتسنى لنا ذلك ببصيرة منفتحة يجب أن نعرج على واقع الحلفاء الإقليميين في ميزان صراع ترامب بوتين، وهنا نعني الحلفاء الأربعة الذين يؤثرون على أطراف الصراع السوداني من جهة وتأثير الصراع بينهم على أساس مصالحهم كقوى إقليمية فرضت نفسها في المعادلة السودانية من جهة أخرى، وقبلها سنمر مروراً سريعاً حول لقاء سويسرا كخطوة استباقية أمريكية تسبق لقاء ألاسكا.

 لقاء سويسرا: محاولة أمريكية لإعادة الإمساك بخيوط الوساطة

إن الاجتماع الذي دام ثلاث ساعات بتاريخ 11 أغسطس الجاري في سويسرا بحسب (swissinfo.ch) بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي لشؤون أفريقيا مساعد بولس جاء بعد شهور من فتور الحضور الأمريكي المباشر في الأزمة وبصورة أو أخرى أعاد واشنطن إلى قلب الملف السوداني.

دخل الأمريكان لهذا اللقاء بأهداف واضحة وهي: معرفة الموقف الحالي للمسار التفاوضي للأزمة في السودان قبل الجلوس مع بوتين في ألاسكا، حيث إن هذه القمة قد تعيد ترتيب أوراق المقايضة بين واشنطن وموسكو باعتبار أن الملف السوداني يتصل بقاعدة روسية محتملة على سواحل البحر الأحمر ووجود روسي في مناطق التعدين السودانية، غير مغفلين شبكات تهريب وتصدير الذهب والسلاح عبر الموانئ الجوية والبحرية المتاحة.

من أهداف الأمريكان الأخرى الوصول إلى وقف إطلاق نار شامل أو على الأقل في بؤر الصراع الكبرى، مما يساهم في فتح ممرات إنسانية عاجلة تحت ذريعة حماية ملايين المدنيين، ليقدم في الحقيقة فائدة مباشرة لأمريكا من ناحيتين:

الأولى يوقف التقارب الروسي السوداني ويبطئ تجارة السلاح التي تحدث بدون أن تستفيد منها أمريكا، والناحية الثانية سيكون لديها غطاء وجود مباشر على الأرض ممثلاً في منظمات العمل الطوعي ومؤسسات الأمم المتحدة على أمل أن يبطئ وقف إطلاق النار هذا تقدم ملف القاعدة الروسية في البحر الأحمر كذلك. من ناحيته أبلغ البرهان الوفد الأمريكي رفضه القاطع لأي دور سياسي لقوات الدعم السريع في المرحلة الانتقالية، ما يؤكد تمسك الجيش وحلفائه المحليين والإقليميين بخيار الإقصاء الكامل لمنافسه المسلح على السلطة، مما يجعل ذلك عقدة قد تصطدم برؤية واشنطن التي تبحث عن تسوية عملية ولو مؤقتة عبر تقديم مصالحها المباشرة في تفاوضها المقبل مع الروس.

الدور الإقليمي الرباعي: توازنات دقيقة وصراعات غير مرئية

القاهرة ترى السودان امتداداً للأمن القومي المصري خاصة في ملف سد النهضة وأمن نهر النيل، لذلك تدعم الجيش السوداني بقيادة البرهان سياسياً ولوجستياً إلى حد ما مع المحافظة على توازنات عدم استفادة النظام السابق ممثلاً في صقوره من الإسلاميين بصورة مباشرة من هذا الدعم، وتعارض كذلك أي ترتيبات تضعف الدولة المركزية فقط. يدفعها إلى ذلك رغبتها في منع تمدد الفوضى إلى الحدود الجنوبية وحماية مصالحها المائية لإبقاء السودان في دائرة النفوذ المصري العربي الأفريقي التقليدي.

مصر كلاعب إقليمي يرتبط بمصالح متشابكة مع الروس والأمريكان، تلعب دوراً محورياً حيث كان وما زال مسلكها في ذلك اتباع دبلوماسية تقليدية ومفاوضات يتضح ذلك جلياً في وساطتها في ملفات غزة مع وضعها في نفس الوقت لقوة أمنية على الحدود مع غزة وحرصها على علاقات أمنية وتقنية مع الولايات المتحدة وروسيا والصين باعتبارها، أي مصر، بوابة لأفريقيا عبر قناة السويس. القاهرة تتقن دور قناة التفاهم ووسيط وقف إطلاق النار كما تجيد الاستفادة من كونها معبراً للاتفاقات الإنسانية في غزة، ويتضح ذلك عبر تنسيقها مع تركيا وقطر والأمم المتحدة وأطراف غربية أخرى.

يمثل ذلك دورها العملي الذي تحاول الحفاظ عليه حفاظاً على مركزيتها الإقليمية، وذلك عبر موازنة علاقاتها مع واشنطن وموسكو وبكين لتحقيق فوائد اقتصادية وأمنية. يعوقها في اتباع خطها البراغماتي هذا الضغوط الداخلية والاقتصادية التي يستغلها ضدها بعض حلفائها من دول الخليج أحياناً، وحساسية الرأي العام تجاه موقف مصر السياسي من القضية الفلسطينية تلعب دور العائق لخط مصر البراغماتي. ولا ننسى حدود قدرتها على التأثير بعيداً عن جيرانها المباشرين، ما عدا ذلك تعتبر مصر لاعباً أو قوة إقليمية مهمة في توازنات المنطقة.

أبو ظبي ومنذ النظام السابق بوجهه الإسلامي الصارخ بنت علاقات وثيقة مع قوات الدعم السريع، تحولت إلى علاقات متمثلة في حميدتي عقب سقوط البشير وتوطدت العلاقة قبل الحرب خصوصاً عبر الاستثمارات في الذهب والموانئ ومشاريع البنية التحتية، وبعد اندلاع الصراع واصلت في تقديم هذا الدعم عبر واجهات عدة رغم تكرار رفضها ونفيها الرسمي لذلك، حيث تطورت أشكال هذا الدعم من دعم لوجستي ومستشفيات ميدانية ومطارات مؤقتة إلى وجود ميليشيات كولومبية تحارب في صف قوات الدعم السريع.

وبرغم أن أبو ظبي تواجه ضغوطاً دولية لتوضيح موقفها، لكنها أبقت على قنوات اتصال مع الطرفين، ويتضح ذلك في مواصلة صادرات الذهب عبر الموانئ السودانية الواقعة تحت سيطرة قيادة الجيش السوداني طيلة فترة الصراع، إلى أن لاح في الأفق قبل أسبوع قرار منها بوقف التعامل مع الموانئ الجوية والبحرية السودانية.

بالتأكيد وكما يكرر بعض المسؤولين الإماراتيين، دافعها في ذلك تأمين مصالحها الاقتصادية في البحر الأحمر والحفاظ على نفوذها في القرن الأفريقي كممر لوجستي (الصومال، إثيوبيا، السودان، ليبيا). وكعادتها، اتبعت أبو ظبي الاستثمارات الصناعية ومشاريع البنية التحتية في أفريقيا والبحر الأحمر وسيلة وأداة من أدوات تمددها في تلك المنطقة، حيث بنت قواعد لوجستية عبر شركات وشراكات مما أكسبها وجوداً أمنياً خاصاً وتأثيراً دبلوماسياً واقتصادياً نشطاً في تلك المنطقة.

إن دور أبو ظبي كقوة فرعية إقليمية يظهر في قدرتها على إعادة تشكيل تحالفات محلية وأفريقية معتمدة على الإغراءات الاستثمارية عبر مشروعات بنى تحتية، حيث يمنح هذا الأسلوب الإمارات نفوذاً غير تقليدي سياسياً إلى جانب أبعاده الاقتصادية. ولكنه في نفس الوقت يقف هذا الأسلوب عائقاً أمام تزايد تأثيرها، حيث تواجهها دائماً مخاطر التورط في نزاعات محلية ذات الفاتورة والتكلفة السياسية والاقتصادية العالية (اليمن، ليبيا مثالا)، ولا ننسى أن موقعها أو موقفها الاقتصادي يرتبط بتقلبات أسعار الطاقة وأسواق رأس المال، لذلك تسعى لتوسيع نفوذها عبر السيطرة على الموانئ الملاحية.

السعودية كان لها دور تاريخي في السياسة السودانية من باب طرحها لنفسها كممثلة لمصالح العالم العربي والإسلامي في محاولة منها لمناطحه مصر في هذا الموقع الريادي، الرياض استضافت بالشراكة مع واشنطن مفاوضات بين قيادة الجيش والجنجويد مركزة على وقف إطلاق النار والوصول الإنساني، كانت هذه المفاوضات في جدة ولم تصل لنهاياتها بالصورة المرجوة حتى الآن، رغم أن المؤسسة العسكرية السودانية تعتبرها مرجعية في التفاوض مع ميليشيات الجنجويد، إن دافع المملكة العربية السعودية في كل ذلك هو حماية أمن البحر الأحمر ومنع تدفق اللاجئين بصورة أو بأخرى إليها لضمان بيئة مستقرة لمشاريعها الاستثمارية المستقبلية في القرن الأفريقي والبحر الأحمر. السعودية لديها ثقل اقتصادي يترجم عبر قدرتها النفطية العالية من إنتاج وتأثير على سوق النفط واستثماراتها السيادية، كما أن لديها دوراً رمزياً في قيادة الدول العربية مرتكزاً على قدراتها التمويلية العالية ودبلوماسيتها النشطة، رغم الاختلاف الكبير بين أساليبها الدبلوماسية السابقة والآنية، إلا أنها لعبت منذ العام 2023 دوراً في محادثات إقليمية كبرى.

لديها تنسيق أمني عالٍ وقديم مع الولايات المتحدة ومبادرات حديثة مع الصين، المملكة السعودية بصورة عملية تحاول بناء ترتيب عربي يحمي مصالح الرياض من تطبيع مشروط إلى موازنة قوى مع إيران وصولاً إلى إدارة الملف الفلسطيني بما لا يضر استثماراتها في البحر الأحمر، وذلك باستثمارها لدورها الاقتصادي كرافعة للنفوذ الإقليمي. تحرص حرصاً تاماً على استبقاء دورها القيادي في الخليج والشرق الأوسط عبر هذه المبادرات الدبلوماسية، إن أكثر ما يحد السعودية من وصولها إلى هدفها هو الحاجة لموازنة علاقات استراتيجية مع واشنطن من جهة، ورغبتها في تنويع الشركاء مع بكين وموسكو من جهة أخرى، مما يعرضها لضغط داخلي وإقليمي بشأن الملفات السورية واليمنية والفلسطينية، وينعكس ذلك في حرصها على العمل عبر الدبلوماسية المصرية مرات عديدة لإنجاز مبتغاها.

قطر تميزت بدورها في وساطات محدودة ولعبها لدور الوسيط العادل في الصراع السوداني، حيث لم تكن الدوحة في قلب الملف السوداني مثل بقية الأزمات في غزة وأفغانستان لكنها أبقت على اتصالات سياسية وقدمت مساعدات إضافية، وحافظت على قنوات مع حكومة الأمر الواقع وبعض الفصائل المدنية والعسكرية، معتمدة على علاقتها السابقة والممتدة مع النظام السابق وبعض حركات دارفور. إن حرص قطر على لبس قناع الوسيط النزيه هو ناتج عن رغبتها في عدم الدخول في صراع صفري مع أي من أطراف النزاع من ناحية، ورغبتها في عدم الدخول في صراع مع أي من القوى الخليجية من ناحية ثانية. إن حرصها على عدم الدخول في صراع مع أطراف النزاع باعتبار أن لديها أصدقاء سابقين وحاليين على طرفي المعركة، وهي تعلم جيداً سهولة وسرعة تبادلهم لمواقعهم، قطر تطرح نفسها كقناة تأثير ناعمة مستقلة، في ذلك روافعها الإعلامية وهيمنتها على المبذول في عدد من الروافع الإعلامية الأخرى، وعلاقاتها مع شخصيات ذات تأثير على المشهد السياسي في فلسطين أو في السودان، كما أن لديها شبكة علاقات مع الولايات المتحدة يترجم ذلك في استضافتها لأكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في المنطقة، كما أن لديها علاقات مع تركيا وإيران وأطراف أخرى اعتمدت عليها كلما ضنّ عليها الجوار.

لعبت قطر دور الوسيط المركزي في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين الفصائل الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، وتستثمر في ذلك نفوذاً سياسياً ناعماً عبر استضافة هذه المفاوضات ودعمها واستغلالها لحركتها الدبلوماسية النشطة، بذلك تحافظ الدوحة على قدرتها في التأثير عند تفجر الأزمات بما يخدم مصالح مرحلية لقطر واستراتيجية لحليفها ذي القاعدة العسكرية الكبرى.

أكثر ما يضعف دورها هو الانتقادات والأسئلة حول موقف الدوحة من بعض الجماعات المسلحة، وحساسية علاقتها مع جيرانها في الخليج، واعتمادها على مهارات وساطاتها في كل أزمة على حدة، أي بمعادلة مصالح مختلفة في كل مرة.

 جدوى القراءة بين التقاطعات

يتساءل السائل المطلع على هذه السطور حول جدوى معرفة هذه التقاطعات أو ما هي أهمية أدوار هذه الدول الأربعة في استنتاجات ما بعد ألاسكا حول السودان، إن التوازنات الجديدة تجبر دول المنطقة على الرضوخ والموازنة عبر الحفاظ على تعاونها مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه تعظيم مصلحتها من عروض روسيا والصين التي سيتم الاتفاق حولها اقتصادياً وأمنياً، إن دور الدول الأربعة أعلاه يمثل أمثلة نموذجية لهذه الاستراتيجية.

إن القوى الإقليمية مصر والخليج تعمل كوسائط وقنوات لأي تفاهم أمريكي روسي في المنطقة، أما انتقال النفوذ من اتجاه إلى آخر فسيترك بدون أدنى شك أثراً عملياً سريعاً عبر سياسات هذه الدول في الملفات الملتهبة: غزة، ليبيا، اليمن، الساحل الأفريقي، وتحديداً السودان. لذلك من المتوقع إذا اتفقت القوى الكبرى جزئياً عبر تفهمات ثنائية فإن دور هذه الدول الأربعة الإقليمية سيبقى محورياً في ضبط التبعات التطبيقية على الأرض أو في ملء الفراغات إن فشل التفاهم في قمة ألاسكا. إن هذه القمة هي أكثر من مواجهة ثنائية، حيث إن لقاء ترامب بوتين ليس مجرد حوار عن أوكرانيا أو أسعار الطاقة، إن السودان حاضر في الخلفية عبر ثلاث ملفات، ولا دليل واضح على ذلك أكثر من لقاء سويسرا السابق للقاء ألاسكا، هذه الملفات هي القاعدة البحرية الروسية في بورتسودان كمشروع قديم مؤجل وحديث مفعل كورقة مساومة محتملة، إن شراكات الذهب والسلاح التي توفر موارد لجهات فاعلة في الصراع هي من أهم المحاور التي تريد أن تفرض أمريكا سيطرتها عليها، كما أن أمن البحر الأحمر كخط ملاحي عالمي حيث تلتقي فيه مصالح القوى الكبرى هو أول تذكرة تضمن وجود السودان في قمة ألاسكا. عليه فإن أي تفاهم أو تصعيد بين واشنطن وموسكو سينعكس مباشرة على توازنات القوى داخل السودان من تقييد للدعم اللوجستي إلى إعادة رسم خطوط النفوذ داخل الحدود السودانية، إنه لغياب الدور الداخلي في السودان يتحرك مصيره في ظل أربع قوى إقليمية عبر ممثليها في الداخل وصراع قوى عالمية. لذلك يأتي القول: السودان يسلم من أربعة: مصر، الإمارات، السعودية وقطر، ويحشر مع أربعة: جماهيره، قوته الوطنية، مصالحه المباشرة، ورغبته في أن يبقى موحداً. مفرق طرق، هدنة ؟ حرب ممتدة؟ ام تسوية شاملة؟ إنه في الفترة من ثلاثة إلى 12 شهراً القادمة سيكون هناك ثلاث سيناريوهات محتملة حسب وجهة نظري للحرب السودانية:

السيناريو الأول هو هدنة إنسانية مشروطة عبر ضغط أمريكي على داعمي ميليشيات الدعم السريع من دول الجوار والإمارات لوقف إمدادات السلاح والدعم اللوجستي، يقود ذلك إلى تهدئة ميدانية حول الفاشر وبعض مناطق دارفور، يأتي معه تجميد روسي تكتيكي لملف القاعدة بانتظار مكاسب أكبر.

أما السيناريو الثاني فهو تصعيد متدرج ناتج عن فشل قمة ألاسكا يفتح الباب أمام تعزيز الدعم الروسي غير المباشر للمؤسسة العسكرية وزيادة حدة الحصار والمعارك في دارفور وكردفان بتزايد الدعم اللوجستي للميليشيا وربما امتدادها إلى البحر الأحمر عبر دول الجوار الداعمة للميليشيا.

أما السيناريو الثالث فهو صفقة أمريكية روسية شاملة على مقايضة أو تجميد القاعدة مقابل تسهيلات إنسانية وإعادة إعمار واسعة وإعادة تفعيل المفاوضات الإقليمية بدور أوسع للسعودية ومصر وعودة للدور الإماراتي عبر نافذة المساعدات والاستثمارات في البنية التحتية، ومراقبة صارمة لتجارة الذهب وتدفقات السلاح لضبط المعاملات التي تدور خارج فلك سوق السلاح الأمريكي. إن التأثيرات الإنسانية والاقتصادية لإنسان المنطقة ستتأرجح ما بين السيناريوهات الثلاثة، ما بين زيادة أو نقصان النزوح إلى مصر وتشاد كأبرز وجهات للاجئين، والتأثير على التجارة البحرية إيجاباً أو سلباً، حيث إن إغلاق أو تهديد موانئ السودان يضر بسلسلة الإمداد العالمي، واستمرار الحرب يعني بقاء وتزايد اقتصاد الظل المسيطر حالياً وتعميق الفقر.

السودان اليوم في لحظة اختبار عقب لقاء سويسرا وقبل لقاء ألاسكا، حيث إن لقاء سويسرا رغم أنه وضع حجر أساس لمقاربة أمريكية جديدة، لكن قمة ألاسكا ستقرر إن كانت هذه المقاربة سيتم ترجمتها إلى مسار تفاوضي أو ستذوب في لعبة المقايضات الكبرى بين واشنطن وموسكو، حيث الملفات ذات الأولوية والأهمية القصوى لكليهما قد تطغى على ملف السودان ليترك لدول الإقليم مرة أخرى لتسبح به في محيط توازنات القوى العالمية.

إن القوى الإقليمية بدورها أمام خيارين:

إما الاستثمار في تسوية تحفظ مصالحها أو المراهنة على إطالة الحرب بما قد ينقلب ضدها جميعاً. من يلمح الشجر قبل أن يصل، مؤشرات ما بعد ألاسكا في الختام، وفي تقديري البسيط، لمعرفة نتائج أو ظلال نتائج قمة ألاسكا على القضية السودانية، هناك أشياء يجب مراقبتها في الساعات والأيام الأولى التي تلي قمة ألاسكا وهي: صيغة البيان الأمريكي الروسي وهل سيذكر البحر الأحمر، أفريقيا، القرن الأفريقي ولو ضمنياً؟ هل ستكون هناك إشارات من الخرطوم أو موسكو حول القاعدة بغض النظر عن شكل الإشارة، من تجميد أو إعادة تفاوض أو إعلان خطوات تنفيذية من ناحية؟ كما يجب مراقبة أي إجراءات أمريكية في شكل عقوبات ثانوية أو تحديد خطوط حمراء إنسانية وعلى أي جهة، وذلك من ناحية أخرى. وأخيراً، النظر إلى مؤشرات الدعم الخارجي لقوات الجنجويد من تصريحات أو تحقيقات أممية مزعومة أو تحركات لوجستية في المنطقة. كل هذه تعكس نتائج قمة ألاسكا على الملف السوداني في الساعات والأيام التي تلي القمة. وانت تخوض حربك المزعوة للتحرر من قطيع معين، احذر الالتحاق بقطيع اخر دون شعور….ويالله عودة سلامة للعاصمة.

 

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.