قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وسط جنود من الجيش السوداني


 

منذ اندلاع ثورة ديسمبر 2018 وأصوات المطالبة بإصلاح المؤسسة العسكرية تعلو تحت هتافات «الجيش جيش السودان، الجيش ما جيش الكيزان»، ولكن بعد اندلاع حرب الـ «15» من أبريل أصبح الحديث عن الجيش أحد التابوهات ورفع أنصار النظام البائد شعار «جيش واحد شعب واحد» في إطار الدعاية الحربية التي لا تسمح بالحديث عن القوات المسلحة إلا في إطار من «التقديس».

تقرير ــ التغيير

عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير: مخرجات ورشة الترتيبات الأمنية لم تنفذ بسبب ضعف إرادة العسكريين

مطالب الإصلاح

سعت القوى الثورية لقيادة حملة مطالبة بإعادة هيكلة كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية، لتشمل العملية الجيش السوداني إلى جانب جهاز الأمن والشرطة التي لعبت دوراً محورياً في قمع الثورات وقتل الثوار.
وأبرز المطالب تمثلت في تطهير تلك المؤسسات من المتهمين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية و محاسبة جميع الضباط والعناصر المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان إلى جانب المطالبة بإبعاد النظاميين من العمل السياسي والاقتصادي.
في المقابل تعمل الدعاية الحربية التي يقودها أنصار النظام البائد على منح الجيش هالة من القدسية بوصفها المؤسسة الحامية للدين والوطن والدعوة للاصطفاف خلفه وعدم الحديث عن أي اخفاقات أو تجاوزات من قيادته بوصف المرحلة بالحرجة كون البلاد تمر بحالة حرب مدعومة من أطراف خارجية حد تعبيرهم وربط دعم الجيش بالوطنية ووصف أي حديث عن إصلاحه بالخيانة والعمالة.

ورشة الترتيبات الأمنية

على الرغم من اختتام ورشة الإصلاح الأمني والعسكري أعمالها في الـ 29 من مارس للعام 2023 قبيل أيام قليلة من اندلاع الحرب من دون تلاوتة البيان الختامي، إلا أن أعمال تلك الورشة كانت مفيدة جدا واستثنائية وفق عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير الريح محمد الصادق.
والذي أشار في حديثه مع «التغيير»  إلى أنها المرة الأولى التي تجتمع فيها كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية «الجيش، وقوات الدعم السريع، جهاز المخابرات، والشرطة» سوياً وتناقش ادائها تقدم رؤيتها لدورها المستقبلي.
وقال الصادق إن القوى المدنية من جانبها قدمت رؤيتها وتم الاتفاق بين المدنيين والعسكريين على أسس ومبادئ الإصلاح الأمني والعسكري.
وأضاف: تم تكوين لجنة فنية مشتركة بين الجيش والدعم السريع تعمل على الوصول إلى مصفوفة لإصلاح المؤسسة العسكرية لدمج القوات وتطهيرها من عناصر المؤتمر الوطني إلى جانب تحديد دور القوات المسلحة في العمل السياسي والقضاء على الانقلابات العسكرية.
وقطع عضو المكتب التنفيذي للحرية والتغيير بأن هذه الورشة كان مقدر لها أن تضع السودان في الطريق الصحيح لجهة أنها عملت على وضع أسس للإصلاح العسكري وتوحيد الجيوش والقضاء على ظاهرة تكوين المليشيات.
و تابع «لكن العسكريين كانت تنقصهم الإرادة السياسية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بسبب الاستقطاب السياسي داخل الجيش».

خبير عسكري: دعاوى الاصلاح مرتبطة بقوى سياسية تختلف فيما بينها وتتهم القوات المسلحة بالانحياز

شأن عسكري

«من الناحية المهنية لا يوجد ما يدعو إلى الاصلاح» هذا ما أكده خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز البحوث الاستراتيجية اللواء أمين اسماعيل مجذوب مشيرا إلى أن المطلوب في المؤسسة العسكرية هو عملية تغيير في البرامج والقوانين والاستراتيجيات.
وأضاف: «هذه أمور عسكرية فنية يعرفها العسكريون» مستنكرا التدخل المدني الذي وصفه بأنه استعراضاً و إعلامياً.
وقطع الخبير العسكري على جهل المدنيين بتفاصيل التدريب وقوانين الاستيعاب في المؤسسة العسكرية وقوانين الإعفاء منها واصفا دعاوى الاصلاح بحلقة تنافس بين القوى السياسية والعسكرية.
وقال اللواء مجذوب في حديثه لــ «التغيير» إن دعوات الإصلاح صدرت عن بعض النخب السياسية بعد العام 2019 مشيرا إلى أن مطالبهم سببها وجود تكتلات سياسية داخل القوات المسلحة، حد زعمهم، نافيا بصورة قاطعة أن يكون اتهامهم صحيحاً.
وأشار الخبير العسكري إلى أن عمر القوات المسلحة 100 عام وأنها تعرضت لهذه الاتهامات حتى من قبل الاستقلال بأنها تنفذ توجيهات المستعمر، ثم لاحقتها الاتهامات الحزبية مع الانقلابات العسكرية التي حدثت خاصة في يوليو 1971.
وأضاف أن القوات المسلحة طالتها أيضاً اتهامات بالعنصرية وأخيرا اتهام ارتباطها بالجماعات الإسلامية بعد العام 1989، وقال إن «دعاوى الإصلاح مرتبطة بقوى سياسية تختلف فيما بينها وتتهم القوات المسلحة بالانحياز !».

كتلة “الأخوان» الصلبة

اختلف مع الخبير العسكري الاستاذ شمس الدين الأمين ضو البيت مدير مشروع الفكر الديمقراطي والقراءة من أجل التغيير، والذي شدد على أن المؤسسات العسكرية والأمنية في البلاد تحتاج لإعادة بناء على مستوى الأهداف والممارسات والعقيدة العسكرية والقتالية.
وقال ضو البيت في حديثه مع «التغيير» إن عملية إعادة البناء تتطلب استيعاب مجموعات جديدة وسن قوانين جديدة بالإضافة إلى عقيدة عسكرية وقتالية جديدة.
وقطع مدير مشروع الفكر الديمقراطي بأن أهم بنود عوامل البناء تكمن في التخلص من القوى الاخوانية الصلبة داخل الجيش أو على أقل تقدير اضعافها وتحييدها بإضافة عناصر أخرى تعبر عن مناطق جغرافية متنوعة.

ضو البيت: أهم عوامل إعادة البناء تكمن في التخلص من القوى الإخوانية الصلبة داخل الجيش

خلل المؤسسة العسكرية

وأعاد ضو البيت الخلل في المؤسسة العسكرية إلى عدة عوامل بدأت منذ ممارسات الاسترقاق في العهد التركي، والتي خلقت خللا في التراتبية الاجتماعية لم يتم التعامل معها في الفكر السياسي، ثم لاحقا مسألة الاستعمار المركب الذي أدى إلى احتكار المناصب المفتاحية لمجموعات معينة من وسط وشمال السودان، وغالبا من شماله.
مشيرا إلى أن أخطر العوامل يعود لفترة الحركة الإسلامية التي ما عاد الحديث عن الإصلاح ممكنا بعد ما فعلته! حيث مارست «3» حزم سياسية أعادت بها صياغة كل مؤسسات الدولة خاصة العسكرية، وهي التأصيل والتمكين والجهاد!
وقطع مدير مشروع الفكر الديمقراطي إلى أن الحركة الإسلامية عملت على تحويل القوة العسكرية لخدمة برامجها ما دفعها لإدخال كوادرها في الجيش «أحد قيادات الحركة قال إن هناك دفعا كاملة في الكلية الحربية محتكرة تماما لعضويتهم»!.
وقطع ضو البيت بأن الضغط الشعبي، مثلما حدث في ديسمبر، هو ترياق الإرهاب العسكري والذي يملك القدرة على تحييد الجيش. و أضاف «في حال استمرت ثورة ديسمبر بذات الزخم لأمكن إعادة هيكلة القوات المسلحة وإزالة التمكين والتأصيل والجهاد من جميع مؤسسات الدولة».
وأعرب مدير مشروع الفكر الديمقراطي عن حسرته مما وصفه بالتفريط في الحشد الجماهيري المليوني بما فتح الباب أما قوى الثورة المضادة وإشعال الحرب الحالية.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.