اخبار السودان

إعادة التفكير في وضع الجيش

      أعطى الشعب السوداني السلاح للجيش ليحميه ، فحكمه الجيش بهذا السلاح لمدة ٥٧ سنة من عمره المستقل البالغ ٦٨ سنة ، عليه اذا لم ينسب انحدار السودان ووصوله الى هذا الحضيض للجيش فلمن ينسب؟ واذا لم يفهم البعض حتى الان أن علة هذا البلد وازمته في هذا الجيش ، فمتى يفهمون؟!! .

الحكم والسياسة ليست من وظائف العسكر ، ولا عقولهم مهيأة لهذه المهمة ، ولا تدريبهم ووجدانهم ومدركاتهم الحسية تتوافق مع السياسة والحكم ، العسكر وظيفتهم القتال والاستعداد له والتخطيط لكيفية الانتصار في المعارك ، اما اعلان الحرب نفسه ، واهداف الحرب العليا فهي ليست من مهام العسكر وانما من مهام السلطة السياسية المدنية.

العسكري موظف لدى الدولة ، وليس مالك لها. هو أجير بالراتب لدى مؤسسة ضمن مؤسسات الدولة وليس الدولة نفسها، لديه مسؤليات منصوص عليها في الدساتير والقانون ، فهل احتوى دستور او قانون سوداني على أحقية العسكر في حكم الشعب؟! .

العسكري يحمل السلاح ، وعند خلافه مع المدني يستخدم سلاحه مما سيقود حتما لخسارة المدني للصراع ، وهذا صراع غير متكافيء صراع غير عادل ، والدولة من أهدافها العليا تحقيق العدالة والتكافوء بين سكانها ، ومنع التمييز والتمايز ، لذلك لا يمنح القانون هذا العسكري اي حق في استخدام هذا السلاح ضد الاخرين الا في حدود تنفيذ وظيفته تبعا للقانون وعليه ، فليس ثمة قانون بشري على الارض يجيز للعساكر عند اختلافهم مع المدنيين الحاكمين ، ان يستخدموا للسلاح للانقلاب على الحكم المدني والزج بالرئيس المدني وحكومته في السجن واعلان وضع البلاد تحت حكم عسكري قاهر.

يمكنك ان تطبش كعسكري بالشعب ، وتفعل به الافاعيل عن طريق استغلالك للسلاح ، ولكن لا يمكنك أن تمنع هذا الشعب من الثورة عليك والمطالبة بمعاقبتك ، وإذا تكررت منك هذه الممارسات ، فان المطالبة بإنهاء عسكريتك يكون مطلبا عادلا وضروريا للحفاظ على العدالة والحرية وسلامة وكرامة الشعب.

الجيش لا يحمي الدولة باستخدام القهر بالسلاح ، وانما بالدفاع عن القانون والدستور والعدالة. لا يمكنك منع الحرب اذا استخدمت السلاح وسيلة لتحقيق الغايات ، ولكن يمكنك صناعة السلام اذا ابعدت العنف كوسيلة معترف بها وطبقت العدالة وساويت بين الجميع امام القانون وجعلت الدستور معبرا عن الكل.

هذه الحرب اذا لم تحملك الى النظر في قيمة الجيش ، والسلاح والعنف ، واعادة التفكير في وجودهم بالشكل الحالي ، فانت حتما لا تخطط لوطن سالم ومستقر ، وانت حتما تسير في هذا العالم كالاعمى بلا هدى ولا كتاب منير.

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *