هذا الأمر ينذر بكارثة، وربما تتكرر تجربة الدعم السريع مرة أخرى، خاصة في ظل دعوات الفتنة على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الحركات الدارفورية سودانيون، ولديهم الحق في العيش بالعاصمة، وفقاً لمصدر تحدث لـ (التغيير).
تقرير: التغيير
جاء قرار إخلاء العاصمة الخرطوم من المظاهر العسكرية، بحسب التسريبات، بعد انتشار جرائم النهب والسرقات تحت تهديد السلاح، ولتشجيع المواطنين على العودة الطوعية وإعادة الحياة إلى طبيعتها بعد عامين من الحرب.
تم تشكيل لجان فرعية متخصصة لرفع التقارير العاجلة وبدء التنفيذ الميداني بإخلاء ولاية الخرطوم بالكامل من كل القوات القتالية والكتائب المسلحة خلال أسبوعين فقط من تاريخ القرار.
وشددت اللجنة الرئاسية على ضرورة اتخاذ كل ما يلزم لاستتباب الأمن، وإزالة المظاهر السالبة التي شوَّهت العاصمة، ورفع قيمة القانون وهيبة الدولة.
وأكدت اللجنة على ضبط الوجود الأجنبي داخل الولاية، وترحيل المخالفين فورًا، مع إبعاد المتفلتين منهم خارج الخرطوم، وأيضًا إزالة السكن العشوائي بالكامل دون استثناء أي منطقة.
الجيش خارج العاصمة
وبحسب مصدر مطلع تحدث لـ(التغيير)، فإن القوات المسلحة نفذت قرار مجلس السيادة بإخراج عناصر الجيش من العاصمة الخرطوم، مشيرًا إلى أن الوجود العسكري في الخرطوم سيكون للشرطة فقط.
وأوضح أن ما تبقى من أفراد الجيش داخل الوحدات العسكرية الرئيسية إداريون فقط وليسوا مقاتلين، مؤكدًا أن العناصر الإدارية الموجودة أيضًا سيتم تقليصهم إلى أقل عدد ممكن وفق جدول زمني.
ولفت إلى أن القرار من شأنه أن يساعد في تهيئة عودة الحياة إلى العاصمة وعودة المواطنين.
ردود فعل
وكان مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان، قد صرَّح بأنه سمع بقرار إخلاء العاصمة من وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يصلهم مكتوب أو قرار رسمي بذلك.
وتتكوَّن القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، التي انضمت في وقت سابق للقتال في صفوف الجيش السوداني ضد “قوات الدعم السريع”، من قوات حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة جيش تحرير السودان بزعامة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وقوات مصطفى تمبور، بجانب حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي بقيادة صلاح رصاص.
وفي سؤال لـ(التغيير) عن رفض الحركات المسلحة إخراج منسوبيها من العاصمة، أوضح المصدر أنهم لم يرفضوا الخروج من العاصمة، ولكنهم في الوقت نفسه لم ينفذوا حتى الآن القرار على الأرض، ولا تزال الحركات موجودة بالعاصمة.
ارتكازات ونقاط تفتيش
توجد (10) حركات ومجموعات مسلحة في الخرطوم العاصمة حدثت بينها مناوشات، تتوزع هذه المجموعات في (100) ارتكاز ونقطة تفتيش داخل الأحياء والمدن، وعند مخارجها ومداخلها.
وبحسب مصدر آخر أكد لـ(التغيير) رفض الحركات المسلحة تنفيذ قرار مجلس السيادة بالخروج من العاصمة.
قائلًا: “هذا الأمر ينذر بكارثة، وربما تتكرر تجربة الدعم السريع مرة أخرى، خاصة في ظل دعوات الفتنة على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الحركات الدارفورية سودانيون، ولديهم الحق في العيش بالعاصمة. نعم، هذا صحيح، ولكن وفق القانون”.
مشهد معقّد
وتخوَّف المصدر من احتمال حدوث احتكاك بين المسلحين وقوات الشرطة، قائلًا: “بحسب القرار، الشرطة هي المسؤولة عن الأمن في العاصمة، ومن المؤكد أن وجود طرف ثالث يحمل السلاح يعقِّد المشهد المتدهور أصلًا”.
وأضاف: “مكاتب تنسيق الحركات المسلحة منتشرة وسط العاصمة، وهذا أمر غير طبيعي”.
ولفت إلى أن استقرار الحياة المدنية يتطلب نزع السلاح وترتيب الأولويات إلى حين توقف الحرب، وبعدها تتم عملية الدمج والتسريح.
وقال: “وجود العسكر المدججين بالسلاح بين المدنيين يعني الفوضى، وبالتالي عدم الاستقرار”.
تكتيك لصالح جماعة البراء
يقول المحلل السياسي عطا الله محمد إبراهيم إن حكومة بورتسودان، وبالتنسيق مع الإسلاميين، تريد أن تُخرج الحركات وتُدخل مكانها جماعة البراء الإسلامية حتى تسيطر على العاصمة وتفرض سياسة الأمر الواقع.
وأشار إلى أن الجميع شاهد سلوك هذه الجماعات التي استباحت الخرطوم عقب سيطرة الجيش على العاصمة وارتكبت جرائم خطيرة، وأضاف: “هذا هو الهدف الرئيسي للقرار”.
وأوضح أن إخراج الحركات واستبدالها بالشرطة ليس لنشر الأمن وعودة المواطنين، فهؤلاء لا يهمهم حياة الناس، وأن الجيش أيضًا ارتكب انتهاكات وجرائم، وربما كانت فردية، لكنه في النهاية مسؤول عن الأفراد.
واختتم عطا الله حديثه قائلًا: “صناعة الميليشيات تكلفتها باهظة، في كل مرة تحارب ميليشيا بأخرى، ثم تعود لمحاربة حليفك. وهكذا… الحل في السلام الشامل والعادل، وتكوين جيش وطني يمثل السودانيين بمختلف أطيافهم”.
المصدر: صحيفة التغيير