أْواجهُ الرّصْاصَ بالشراب السودانية , اخبار السودان
الأصمعي باشري
1
هَكذا أنا
مْنذ حربِ أبريل
مْنذْ أكثرَ مِنْ عامٍ
لا ألوي على شيء
أجلسْ على عتبةِ الدّار
ولا أرى أحداً
مِثل رجلٍ أعمى
ومُقعدٍ ومُضام
أقضي اليوم كُلَّه
ابني بيدي جداراً صلباً
لغربتي
أتفرّسْ بِحُزنِي
وجوهَ الغائبين غداً
وبِشهوةِ العدم
أدعو العابرين
لمأدبةِ الموت اليومي
لوجه الله
لا أبكي حزمةً واحدة
لصمتِ الصباح حرقته
ولجُرحِ النهار دموعه
ولنحيب الليل..
تتساقط الجثثُ فوق صدري
جثةٌ لأحلام الصغار
جثةٌ لي
جثةُ جارٍ تدفن روحها بنفسها
وأخرى تحملها نعوش الظلام
2
أنت تكدُ وتعملُ بشرفٍ
أيّها الشّاعر
ولكنّك عاطلٌ
ترفدك نافذةُ بيتك
بالكثير من الأرق
أيٌّها الشاعر
لكن قصيدتَك واحدةُ
كتبتٌها في البنت
التي لم تلتقِ بها
يغمتٌك المعارفْ
والأهلٌ
بِكثرةِ السٌّؤال
والشِّجار
لكنِّك أيّْها الشاعر
تخوضٌ مَعركةَ الطّواحين
ضِدك
تعودّ كذاكرةٍ مخطوفة
لحقيبتك
المهترئة
3
لكنَّك أيُّها الشّاعر
مُجرداً من كل الشِّرور
ما تصنعهُ المرأة العارية
في لوحةِ مفاتيح نهركِ
تمحاهُ شجرة ظلٍ
بشرابك لليل كلهُ
4
مرةٌ واحدة
كنت أرغب في الذهاب إلى قبر أبي
لأخبرهُ بأنّ “الخرطوم”
المدينةُ التي لا يُحبها
قد احترقتْ
ولأنّ الشوارع مدججةٌ بالجنود
والنيران،
والكلاب المسعورة
ظللتُ بالبيت،
أّواجه الرّصاص بالشراب
والطائرات بمضادات النَّسيان،
واللصوص بالصمت،
والموت بالموت.
المصدر: صحيفة التغيير