أوضاع الصحفيات السودانيات … الطريق لايزال طويلاً
دراسة لشبكة اريج: غياب تام للصحفيات عن المناصب الإدارية العليا
أمضت الكاتبة بصحيفة الجريدة، صباح محمد الحسن نهاراتها، في الأيام الفائتة، ما بين مقر الصحيفة ومباني نيابة الصحافة والمطبوعات، بعد أن استدعتها للتحري والتحقيق في إتهامات تتعلق بالنشر الصحفي حول 4 بلاغات متتالية أطرافها كل من بنك السودان المركزي، هيئة التأمين الصحي، شركة تاركو للطيران واخيراً جهاز المخابرات العامة.
الخرطوم : التغيير ــ سارة تاج السر
ما حدث لصباح هو واحد من ضمن سلسلة تحديات لاحصر لها يتعرضن لها الصحفيات السودانيات لاسيما بعد انقلاب 25 أكتوبر، مابين عنف الدولة، المتمثل في الاعتقالات والاستدعات وفتح البلاغات الكيدية، إلى تدني بيئة العمل، ضعف الأجور و التمييز في الترقية والتدرج الوظيفي.
غياب تام عم المناصب العليا
اكدت دراسة «مشروع تخرج» بعنوان غياب السياسات الوظيفية والإدارية بالصحف السودانية، اعدها الصحفي السوداني حيدر عبدالكريم، لشبكة إعلاميون من اجل صحافة استقصائية عربية «أريج» العام 2021م، الغياب التام للصحفيات عن المناصب الإدارية العليا، واشارت إلى أن التعامل معهن يتم عبر اتفاقيات شفاهية فيما يتعلق بالرواتب والأجور، كما لايوجد تعريف واضح للمهام الوظيفية .
مديحة عبدالله : بعض الصحفيات فضلن ترك العمل لحماية أسرهن في ظل عدم توفر حماية من جائحة كورونا
ولفتت الدراسة إلى سوء البيئة الداخلية وغياب اللوائح التوجيهية فيما يتعلق بالتعامل بين الصحفيين والصحفيات، و عدم وجود آليات واضحة للتوظيف بل يتم التعامل مع الصحفيات على أنهن متدربات حتى لو عملن في مؤسسات اخرى ولا تتوازي المرتبات مع الحد الأدني للأجور.
وسلطت الدراسة الضوء على غياب سياسة ادارة التواصل الداخلي والخارجي داخل الصحف السودانية لقياس تأصيل المؤسسات للمساواة بين الجنسين ومحاربة التحرش والمساواة في الأجور.
دراسة أربج تحدثت عن الغياب التام للصحفيات عن المواقع القيادية العليا، إلا أن الشاهد يأكد وصول عدد من السيدات لتلك المواقع وأن كان بشكل محدود.
ظروف اقتصادية قاسية
دراسة أخرى أعدها مركز الألق للخدمات الصحفية كشفت عن تأثيرات بالغة لجائحة كورونا على الصحفيات، تمثلت في ترك عملهن أو ايقافهن من العمل وتوقف اجورهن، وأشارت الدراسة التي قدمتها الأمين العام لمركز الالق، رئيس تحرير صحيفة الميدان، مديحة عبدالله، في ندوة حول العنف الاقتصادي ضد الصحفيات بنقابة الصحفيين السودانيين الشهر الماضي، إلى أن عدداً من المؤسسات اغلقت أبوابها بسبب الجائحة وبعضها اعتبرت الجائحة ضمن الإجازة السنوية المستحقة للعاملين.
وقالت مديحة إن بعض الصحفيات فضلن ترك العمل لحماية أسرهن في ظل عدم توفر حماية من الجائحة، و أوضحت أن المؤسسات الإعلامية والصحفية بشكل خاص تعمل في ظروف قاسية، وارجعت ذلك للوضع الاقتصادي، كما أن الظروف الاقتصادية انعكست على البيئة الاقتصادية للصحف.
محاولة إصلاح
أكد عضو شبكة الصحفيين السودانيين وائل محجوب محمد صالح، إن للنساء دور كبير وتاريخي في مجال الصحافة وظللن يلعبن أدواراً كبيرة وكن رائدات اقتحمن مجال العمل الصحفي منذ خمسينات القرن المضي و شّكل وجودهن إضافة نوعية ،وذكر صالح أن السنوات الأخيرة شهدت تقدم الصحفيات الصفوف حتي امتلأت قاعات الصحف ومؤسسات الإعلام بهن وصارت الغالبية العظمي من العاملين منهن، لذلك من الطبيعي أن يكن لهن دور متقدم واسهام كبير، و رأى أن ذلك ساعد على أن تحتل قضايا النساء المرتبة الاولي_ رغم أنها لم تحظ بعد بالمكانة التي تستحقها_ في أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة و المرئية ولفت إلى أن هذه المجهودات جعلت عدد من السيدات يتولين رئاسة تحرير ومواقع قيادية بمؤسسات اعلامية بالإضافة إلى ظهور كاتبات مجيدات ذات اهتمام بقضايا الوطن والمرأة واعتبر أن ذلك جاء نتاج لنضالها التاريخي وحديثها المستمر لتحسين شروط هذا الواقع المأزوم وإصلاح الخراب الاجتماعي الذي عملته فترة الإنقاذ المظلمة واضرارها بقضايا النساء وتازيمها.
نضال طويل
اعتبرت سيدة الصحافة السودانية، الكاتبة آمال عباس العجب أن المرأة السودانية لعبت دورها واثبتت كفاءتها ونجاحها في مجال الصحافة والاعلام حتي وصلت لرئيس ومدير تحرير بجانب توليها لرئاسة اقسام الاخبار، المنوعات، والتنافس القوي الذي ظهر اخيرا في انتخابات نقيب الصحفيين بترشح سيدتان لمنصب النقيب هما درة قمبو، شيرين أبوبكر.
ورأت العجب في حديثها مع «التغيير» أن هناك قضايا اخرى لايزال على الصحفيات أن ينضالن من أجلها وهي طبيعة العمل والأجور .
واعتبرت الصحفية شمائل النور، أن نجاحات الصحافة السودانية هي نجاحات النساء في الوقت الحالي، و أضافت «بلا تحيز الفاعلين في السلطة الرابعة هن النساء لكن بالمقابل لم يتبوأن مناصب قيادية في الصحافة»، وعزت ذلك لإرتباطات متعلقة بوضع المرأة العام، في كل المناحي والقطاعات و ليس مقصورا على الصحافة.
انتكاسة بعد ديسمبر
وقالت شمائل: «الصحفيات حققن نجاحات واضحة، واستطعن التأثير على الرأي العام بشكل كبير وتوجيهه نحو قضايا بعينها»، ولفتت إلى أنه بالنظر للخارطة الصحفية الآن، الأسماء المعروفة سيدات سواء على مستوي الفضائيات، الصحافة الإلكترونية، السوشال ميديا.
وأوضحت أن المشاكل التي تواجهها الصحفيات هي نفس المشاكل التي تواجهها النساء بالأحزاب السياسية، الخدمة المدنية وغيرها، ولفتت الى أنه رغم المشاركة الفاعلة للنساء في ثورة ديسمبر بوجودها في الصفوف الأمامية بالمواكب وفي عمق العمل الميداني، وقال «لكن للأسف ما حدث بعد ذلك انتكاسات كبيرة في وضع النساء ، و أن مستوى مشاركتهن كان ضعيف جداً ولم تجد مقابل لها سواء داخل تنظيماتنا السياسية و المدنية.
شمائل النور : الصحفيات حققن نجاحات واضحة واستطعن التأثير على الراي العام وتوجيهه نحو قضايا بعينها
وحسب شمائل فإن الوضع لاينفصل ولا يمكن أن ينظر إليه بمعزل حيث أن مشاركة الصحفيات في ديسمبر لم تترجم لمشاركة فعلية في السلطة لكن اعتبرت أن أوضاع النساء افضل كما كانت في السابق حيث المقاومة لاتزال حية والصمود مستمر وكذلك الحماس وانتزاع الحقوق واضافت : المستقبل للنساء بلا شك وتعتقد أن الواقع الفعلي للنساء متقدم على الواقع النظري.
المصدر: صحيفة التغيير