جمال الصديق الامام

لم يدفع كلفة الحرب ابن البرهان ، فقد مات في تركيا بعيد رحلة تنزه بدراجته البخارية الفاخرة في شوارع تركيا، في الوقت الذي كانت فيه آلة الحرب تحصد ارواح ابناء البسطاء في اقاليم السودان!!

لم تتاثر بنيران الحرب اسرة الكباشي ، التي كانت تاخذ حظها من رفاهية الحياة وتتمتع بالمزارات ما بين مزار السيدة زينب ومزار ( خوفو ) ، ويرفل ابنها في مباهج ليالي قاهرة المعز متنعماً بالسمر الفاتن ، وعسل الخمر في ام الدنيا، ام الدنيا التي تهب بلاده النيران بشمالها وتزكي من اشتعالها ، وتاخذ مقابلها الخيرات بيمينها ، حتى سرى إلى مسامعنا خبر خفره موسوماً بجرم التعاطي !!

ولم تشم اسرة ياسر العطا رائحة الدماء المتخثرة ودخان البارود الحارق وهي تسعد بالتجوال في ردهات برج خليفة بالإمارات ( الشقيقة ) !!

قبل ام صميمة أسفاً من الحديث عن الفقد ، واهمال الدروس والعبر ، وفشل الاباء في حقن دماء ابناءهم!!

لم تخسر بيوت قيادات الظلاميين إبناً وأحداً في الحرب التي خرجت من بين ثنايا نفاقهم وضلوع حقدهم ومكر نهمهم للحكم، فقد ذهبوا بأبنائهم متمتعين بالأموال التي نهبوها باسم بيوت الله ، وادخلوهم في اعظم المرافق التعليمية حتى ينالوا الدرجات العلى من المؤسسات التعليميّة في تركيا وماليزيا وغيرها من البلدان !!

في ام صميمة يحمل الجائع بن الجائع آلة الموت من المدافع والثنائيات والـ (٢٣) بدلاً عن المسطرة والمنقلة والقلم ، ومصيره اما قاتل او مقتول ، وكم هائل كان فقد الاباء البسطاء من الابناء في معركة ام صميمة (١) !!

في ام صميمة (٢) جرت بحور من الدماء وتناثرت اشلاء من الاجساد، وفقأت عيون وطارت انوف، ولم يجد الباحثون في اتون الحرب ودار رحاها عن ابنائهم، جسداً لابن البرهان ولا عيناً لابن الكباشي ولا انفاً لابن ياسر العطا ، ولكنهم وجدوا في المسرح دماء وأجساد وأشلاء ابنائهم .

وجدوا ان المفقود في حرب العبث جيل من الابناء لا ناقة لهم ولا جمل في الحرب ، ولا مغنم لهم حين توزع المناصب !!

في ام صميمة (٣) بتاريخ الأمس مات غرراً ابناء الوسط البسطاء بالجملة ، ومات ابناء الغرب البسطاء بالجملة ، وماتت كرامة الناس باسم الكرامة !!

في ام صميمة و على مراحلها الثلاث رسائل عديدة لاهل السودان ، ان كان فيهم معتبر ، فان نسل شبابهم انقرض بلا غرض ، اللهم إلا عودة التمكين لجماعة الظلاميين!!

في معارك ام صميمة الثلاث فقد اهل السودان جمعاً من الناس، قد يصعب تعويضه ، ومن المؤسف السكوت عليه ، وكان المأمول ان يكون هؤلاء الشباب وقوداً للتنمية وخلق فرص الرفاهية والارتقاء ببلدانهم، بدلاً من يكونوا وقوداً لحرب عبثية بشهادة من اشعلوها !!

ما زال مسرح ام صميمة الدموي يجسد دور ( حجوة ام ضبيبينه ) دخلت نملة وشالت حبة وخرجت ) !!

وعدد الحبوب في مخزن السودان من الشباب اصبح شبه معدوماً ، وباستمرار هذا المسرح العبثي سوف ياتي يوماً تدخل فيه النملة وتخرج دون ان تجد حباً تاخذه معها مدخراً لليوم الاسود !!

آن للشعب السوداني ، وللبسطاء من اهل الاقاليم ان يقولوا لا للحرب فعلاً لا قولا ، وذلك بمنع ابناءهم من الانخراط في حرب المصالح والمطامع والحقد والكراهية ، فان هذه الحرب لا تمثل اهل السودان ولا تهم السواد الأعظم من ابناء الوطن !!

آن للشعب السوداني ولمثقفيه ان يقولوا لا للتكتلات الجهوية والعنصرية ، وتفشي القبلية وان ينادوا بعزل اخوان الشيطان وتنظيماتهم العقدية والجهوية التي تتاجر باسم الدين ، وان يتواضعوا على هيكلة الجيش حتى يصبح جيشاً ذا عقيدة قتالية همها الوطن، وان يكون منضبطاً بما ترسمه له القوانين ، وان يكون بعيداً كل البعد عن السياسة والاقتصاد !!

لقد حصد الشعب السوداني ثمار اسلمة الجيش ، وعرف أباطيل الخلايا العسكرية التنظيمية الموازية ، وناله من تبعاتها القتل، والسلب ، وهتك العروض !!

آن الاوان ان يقول الناس ( كل الناس ) سحقاً لمن يقتلنا باسم الدين ، وبعداً لمن يمارس فينا النفاق باسم الدين ، وتباً لكرامة يقول بها من لا كرامة له !!

حرية ،، سلام ،،، وعدالة ،،، والمدنية خيار الشعب !!

جمال الصديق الامام
المحامي ،،،،،
[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.