أمين حسن عمر.. يا لجدب الفكرة ويا لبؤس التجربة !!
أمين حسن عمر.. يا لجدب الفكرة ويا لبؤس التجربة !!
رشاد عثمان
لا يعكس تصريح (المفكِّر) الألمعي، الذي كُتب برطانة “الغرز” لا لغة المفكرين.. لا يعكس سوى الحقيقة التاريخية الشاخصة التي ما عادت تحتاج إلى دليل أو مصادر أو “insiders ” ، وهي أن فكرة/ مشروع الإسلام السياسي في السودان قد تآكلت من داخلها مثل تآكل منسأة سليمان، ولسنا في حاجة لانتظار سقوط الهيكل.. فقد سقطت الفكرة منذ زمان، وبكل سيماء السقوط.. وأولها السقوط الأخلاقي حينما انفضوا عن عرابهم بحثاً عن الفضة!!
ما عاد يسند (الفكرة) المتهاوية سوى إعلام إستانة السلطان العثماني الجديد الذي يُصرف عليه بسخاء من الأموال المنهوبة على مدار أكثر من ثلاثة عقود غياهب، تلك الأموال التي كان يُفترض أن تُخصص لولا السقوط الفكري والأخلاقي لحليب ميري وملاح فطومة وعلاج سر الختم وتعليم تيّة وأوهاج!!
يعكس تصريح (المفكر)، وهو بالمناسبة واحد من أشهر (المتحولين) في السودان قبل تحوّل أخيه في الله، متلازمة التعالي الآيديولوجي والأفكار المتخشبة التي لا تستوي إلا بإقصاء الآخر.. وكأن العلمانية سُبة في جبين من يؤمن بها وليست الصيغة المثالية التي تواطأ عليها عالمنا المعاصر لإدارة التنوع .. والتي أثبتت نجاحها في معظم دول العالم.. إلا في هذه الرقعة الملغومة من الكرة الأرضية، والتي مازال يُحكم فيها خلق الله من على ظهور المجنزرات لا من تحت قباب البرلمانات !
ولا أظن أن المفكّر الفهيم يجهل أن فكرته القدسية هذه لم تورث السودان شيئاً سوى التمزق والوبال والخراب والمنافي والموت المجاني بعد أن تعسكرت الدولة في عهدهم حتى أسنانها .. ولكن ما حيلتنا مع الكِبَر والمكابرة حتى لا نقول التوّقح والرقاعة ..
يتحدث (المفكّر) كذباً ومخاتلة عن الوطن وهو يعلم قبل غيره مدى استخفافه بل واحتقاره لمفهوم الدولة القومية المدنية الحديثة القائمة على أساس المواطنة والحقوق المتساوية وسيادة حكم القانون والتداول السلمي للسلطة لا الانتماءات العقدية أو العنصرية أو الطائفية الضيقة..
فالوطن عند (الأمين) على الوطن هو الكيان الوهمي القروسطي العابر للحدود والذي أسموه بدولة الخلافة .. تلك الدولة التي لم يعد لها وجود إلا في عقولهم الصدئة التي تعشعش فيها الأفكار الظلامية والمفاهيم المتخشبة..
يغمز الدكتور المفكر من قناة (أخيه) السابق الذي اختار دولة ألمانيا وطناً ثانياً متناسياً أن دولة الكفر هذه تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي قدّمت بسخاء لسودان التنوع الواسع لا سودان الجماعة الضيق.. وفي كل ضروب التنمية.. في التعليم والصناعة والزراعة والصحة والنقل والبنى التحتية والعديد من الصروح التي أحالها حكم جماعته ألى خرائب وأطلال.. قدمت دون أن تضع عينيها على موارد السودان وثرواته وموانئه.. ومتغافلاً عن أن ألمانيا، التي أضحت وصمة، هي التي فتحت أراضيها دون منٍ أو أذى للهاربين من جحيم الديكتاتورية القروسطية التي لم يعد لها مكاناً على وجه الأرض إلا في ديارنا … فتحتها للهاربين من جحيم بشار و صدام و القذافي والترابي/ البشير وجحيم الحوثيين … وجحيم ملالي طهران..
وأكاد أقطع الظن باليقين أن المفكر الإسلامي ما كان ليكتب تعليقه هذا لو أن أخيه سابقاً في الله لا الوطن كان قد اختار أرض السلطنة العثمانية الجديدة موطناً بديلاً … مثل ما فعل هو ورفاقه الكرام الذين نالوا تبعية السلطان أردوغان بعد تسابقهم في اقتناء القصور والمنتجعات الفاخرة في “منشيتهم” الجديدة في اسطنبول بما جمعوه من خِراج ولاية السودان !!
أما حديثه عن “المليشيا” التي أجاز قانونها مجلسهم (الوطني) وبالإجماع .. ثم نكلت أجهزتهم القمعية بكل من تحدث عن خطرها الداهم على السودان حينما كان للحديث ثمن … فلا يستدر سوى الشفقة !!
وتظل يد العار مرسومة بأصابعها الخمسة في وجوه الذين ظنوا أن في مقدورهم كتابة الفصل الأخير من تاريخ السودان فاختطفوا المشروع المتعثر لدولته المدنية الحديثة عائدين به إلى عهود حروب القيمان !!
“ألا ما أوضع سوء الخاتمة” !!
* نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك
المصدر: صحيفة التغيير