ألاعيبب صغيرة على فوهة بركان: ثورة ديسمبر يحميها شعبها !!
د. مرتضى الغالي
الصراع الحالي بين رئيس المكوّن العسكري ونائبه..ليس من اجل الوطن ولا شعبه.. إنه صراع يتجاهل الشعب السوداني بكامله وكافة قضايا الوطن.. حيث أن يظن كلا الرجلين أن هناك فراغاً يريد كل منهما أن يملأه..ومع أن هذا التطلع من الطموحات غير المشروعة ولا المُستحقة.فإنه ينذر بخطر داهم..! لأن الفراغ بجانب الفراغ يولّد فراغاً آخر..وهذا التركيب الفراغي قد يولد (قنبلة فراغية) وهي من أكثر القنابل تدميراً بالقياس إلى القنابل التقليدية..ولها تأثير رهيب على كل ما يوجد في دائرة التفجير…!
كلاهما يقول كلاما ملتفاً لا يفصح عن النوايا الحقيقية التي لا تفوت على صيادي الرنّة في براري سيبيريا..! وهذا يُذكّرنا بحكايتين رواهما صحفي عربي عن ظروف مماثلة: الأولى تقول بأن أحد المحامين اللبنانيين انزعج من الإضراب المفتوح الذي أعلنته السلطة القضائية في بلاده..وضاقت عليه الحال بتوقف عمله..فاتجه إلى مجال الزراعة (عن طريق الفهلوة) وأقام مزرعته في ارض خاليه خاصة بموكل يدين له بأتعاب سابقة..وبدأ الرجل بتجريب (زراعة الفراولة) ولكن عندما أبانت التجربة أن الفراولة محصول موسمي..اتجه إلى (تربية الأرانب) وذهل من سرعة توالدها والعائد الضخم من بيعها..! وحيث انه لم يخسر ليرة واحدة في تأجير الأرض قرر ألا يخسر أيضاً في دفع أجور عمال المزرعة..وأصبح يسدد أجورهم بالأرانب (بدلاً من النقد)..بعد أن استطاع إقناعهم بأن سعر الأرنب أكثر ثباتاً من تقلبات العملة في البنك المركزي..!! وهكذا أراد البرهان ودقلو أن يتعاملا بمصير الوطن على طريقة تسديد ما على ظهريهما من أوزار عن طريق عُملة الأرانب ويريدان إقناع الناس بقبول هذه الصفقة..!
أما الحكاية الثانية فهي مروية عن (مجموعة والت ديزني) وهي شركة عملاقة للترفيه والإنتاج السينمائي بدأت باختراع الشخصية الكارتونية (الفأر ميكي ماوس)…ثم تطوّرت إلى أن بلغت قيمتها السوقية حالياً نحو 180 مليار دولار..ففي احد اجتماعات مجلس إدارتها نشأ نزاع وجدال فقال لهم احد الأعضاء: لماذا هذا المناقشات الطويلة..؟ علينا أن نتذكّر ما قاله مؤسس الشركة السيد والت ديزني..لقد قال: دعونا لا ننسى أن كل ما نتجادل حوله الآن قد بدأ بـ(فأر)..!!
بماذا بدأ البرهان وحميدتي مسيرتهما وهما الآن يتلهفان على ركوب السلطة..؟ كيف بدأ حميدتي تأسيس جيشه وضد مَنْ كان يقاتل..؟ وكيف جاء البرهان في ترتيب سلسلة جنرالات الإنقاذ؟ وما علاقته الآن بالثورة وهو منسول من المخلوع (فقوش) (فعبد المعروف)..وهو من صميم لجنة الإنقاذ الأمنية مع صاحبه إبراهيم جابر..! ألم يكن البرهان يمتدح مليشيات الدفاع الشعبي وحرس الحدود..وما حرس الحدود إلا اللافتة السابقة لقوات الدعم السريع (لصاحبها حميدتي)..؟! وألم يكن البرهان يكبّر ويهلل مع مجندي مليشيات الإنقاذ..؟ ولا تزال فيديوهات خطاباته وهتافاته وتلقيه أنواط ودبابيس المخلوع متوهجة بالصوت والصورة واللون..؟!
مع النوايا المستترة والمبارزة المفتوحة بين الرجلين فإن أخبار الصحف الرئيسية فيث هذا اليوم هي: ارتفاع أعداد النازحين بسبب الاضطرابات الأمنية إلى 418 ألف مواطن/ اتساع نطاق تخريب حقول النفط في هجليج/ مليونا قطعة سلاح خارج سيطرة القوات النظامية/ كوارث أثرية وسرقات بمناطق التعدين/ السودان في قائمة الدول الأعلى في معدلات التضخم/ إيقاف خدمات التأمين الصحي عن 400 ألف أسرة بنهر النيل..هل تعرف ما هو رد سلطة الانقلاب الحاسم على كل ذلك: رفض تسجيل نقابة الصحفيين السودانيين..!!
هذا الوطن لا يدفع دماء شهدائه بفئران ميكي ماوس ولا بالأرانب في مزارع السوء أو تلك التي تخرج من (قبعات الحواة)..هذا وطن كبير له شعب أبي وشباب باسل لن يتنازل عن دماء شهدائه ولا عن عهد الحرية والسلام والعدالة..جفّت الأقلام وطويت الصحف..!!
المصدر: صحيفة التغيير