مناظير
زهير السرَّاج
* صار السودان بعد الحرب دمية يلعب بها ويحركها الجميع من أقصى الشرق الى أقصى الغرب كما يريدون.
* أقدمت شركة “بترونرجي” الصينية بالاتفاق مع الوزير السابق لوزارة الطاقة “محي الدين النعيم”، الذي يجلس الآن على كرسي الوكيل مسنوداً بجوقة من الفاسدين والأمنجية والمستنفرين يتقاسمون الامتيازات والصفقات، على فصل 500 من المهندسين والعاملين بالشركة في يونيو الماضي فصلاً تعسفياً، ولم تمنحهم مليما واحدا تعويضا عن هذا الفصل وحقوق الخدمة، كما ينص القانون وعقود العاملين بدفع راتب 9 أشهر في حالة الفصل التعسفي بالإضافة الى حقوق الخدمة، ولكن عن أى قانون نتحدث في دولة صارت تحكمها وتتحكم فيها المليشيات وتجار الحرب، وتسيطر على “قادتها” اصغر واضعف واعجز دول العالم، شمالا وشرقا وغربا وجنوبا.
* حجة الشركة أن الحكومة السودانية مدينة للصين بـ6 مليارات دولار، منها 4 مليارات على وزارة الطاقة، و”إذا اراد العاملون حقوقهم فليأخذوها من وزارة الطاقة”، وكأنهم شركاء في مديونية الدولة، وفسادها الذي يزكم الأنوف !
* وزارة الطاقة ووزيرها السابق الذي تحولَّ بأعجوبة الى وكيل بعد تعيين وزير جديد، أغلقوا مكاتبهم وآذانهم في وجوه العاملين وتركوهم يصرخون وكأنهم يتسولون إحسانا، بينما يجلس الوزير السابق الوكيل الحالي محي الدين النعيم، الذي اعطى الضوء الاخضر للشركة بفصل العاملين، سعيدا بمقعده الجديد الذي يضمن له السيطرة على الوزارة يحيط به المنتفعون والارزقية من المنافقين وتجار الدين يغرفون من المال السائب بدعوى الجهاد وتحرير الوطن من المتمردين، أما الوزير الجديد فلا حول له ولا قوة، ولا يملك سوى توزيع الابتسامات وعبارات المجاملة أمام كاميرات التصوير، تماما مثل رئيس وزرائه المخدوع !
* تخيلوا .. شركة أجنبية تستغل ضعف الدولة وهوانها وفسادها لتنهب حقوق العاملين عيانا بيانا، وتطردهم من مكاتبها وتستفزهم بكل وقاحة وتتعامل معهم بإزداء وكأنهم عبيد، وليسوا أصحاب حق، وبدلا من أن يثير هذا غضب المسؤولين، فإنهم يصمون آذانهم ويتبادلون المناصب والمصالح والامتيازات الضخمة والضحكات مع مسؤولي الشركة، أما الضحايا ومئات الأسر وآلاف الاشخاص فقد ألقى بهم إلى الفقر والحاجة في زمن الحرب والتشرد والهوان !
* يجب ان يفهم العاملون بشركة بترونرجي وغيرهم، انهم إذا لم يتحركوا لانتزاع حقوقهم باسنانهم فلن يحصدوا إلا الحسرة والندم، وعلى النقابات ومنظمات المجتمع المدني أن تتحمل مسؤوليتها، فالقضية ليست قضية 500 عامل فقط، بل قضية كل مواطن مُلقى به في الشارع بلا حقوق، بينما يتغذى الساسة والشركات الأجنبية على دماء المواطنين !
* أما أنت يا “محي الدين النعيم”، فتذكَّر أن ذاكرة الشعب لا تنمحي، وستظل وصمة في تاريخ الخدمة المدنية، نموذجاً للمسؤول الذي باع أبناء وطنه للصينيين بثمن بخس، وأدار ظهره لهم وهم يصرخون. ستبقى صورتك محفورة في وجدانهم وأنت توزع الابتسامات في الاجتماعات بينما أطفالهم ينامون بلا عشاء.
* إنها قمة الخيانة… أن تأكل حقوق من خدموا بلدك بعرقهم ودمهم، ثم تتركهم يتسولون حقوقهم من شركة أجنبية تعرف أنت قبل غيرك أنها لن تدفع لهم مليماً واحداً!
* الشعب أقوى من منصبك وأضخم من امتيازاتك، والتاريخ لن يرحمك وسيسجلك في قائمة العار، انت ومن معك من المنافقين وتجار الدين الفاسدين أدعياء الوطنية والجهاد وآكلي أموال الناس بالباطل بلا خوف من الله ولا حياء من البشر !
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة