اخبار السودان

أطفال السودان بين النزوح واغلاق المدارس وسوء التغذية

مسئولة الاتصالات والاعلام بصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) قالت إن  نحو (6.5) مليون طفل  في سن المدرسة محاصرون في مناطق النزاع النشط، إضافة الى حوالي (7) ملايين طفل خارج المدرسة قبل بدء النزاع منتصف أبريل الماضي.

التغيير: كمبالا: سارة تاج السر

حُرمت مهاد (14) سنة من ارتياد المدرسة. تركت ورائها حقيبتها، كتبها، دفتر رسمها، ألوانها، وجوائزها.

القصف المدفعي، الدانات المتساقطة، لم تمنحها وقتاً للتفكير. هربت هي وعائلتها من شمبات شمال العاصمة الخرطوم، إلى منزل أقاربهم في احدي المناطق الآمنة.

نجت مهاد، ولكن بعد (10) أشهر من اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع، لم تستطع العودة إلى مدرستها التي كانت في مرمي النيران. لم تشتر كراساً جديداً أو قلماً، لم تحل مسألة حسابية معقدة.

تقول لـ «التغيير»: فقدتُ حماستي شيئاً فشيئا لا علوم ولا جغرافيا ولا كيمياء، فقط هي أحاديث الحرب.

مهاد من بين (19) مليون طفل سوداني أجبرهم النزاع على الانقطاع عن الدراسة، وسط مستويات سوء تغذية آخذة في الارتفاع وأمراض مميتة تجعلهم أقرب للوفاة بما يصل إلى (10) مرات مقارنة بالأطفال الأصحاء طبقا لتقارير أممية.

ارتفاع حجم الخسائر التعليمية الناجمة عن إغلاق المدارس، أكدته مسئولة الاتصالات والاعلام بصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) بالسودان، ميرا ناصر.

ناصر أشارت في حديثها مع «التغيير» إلى أن معظم الأطفال في سن التعليم لا يزالون خارج مقاعد الدراسة.

وأوضحت أن فقدان سنة واحدة من الدراسة سيؤدي إلى خسارة في الدخل بنحو (26) مليار دولار في الدخل القومي المحلي لأي دولة.

وقالت إن  نحو (6.5) مليون طفل  في سن المدرسة محاصرون في مناطق النزاع النشط، إضافة الى حوالي (7) ملايين طفل خارج المدرسة قبل بدء النزاع منتصف أبريل الماضي.

واعتبرت أن الحصول على التعليم ليس مسألة حقوق أساسية للأطفال فحسب، بل هو عامل حاسم في تشكيل رفاه وازدهار الأطفال السودانيين ككل في المستقبل.

وأكدت المسئولة الأممية، أن المدارس في جميع أنحاء البلاد مغلقة أو تكافح من أجل إعادة فتحها.

ولفتت إلى أن العديد من المدارس يُستخدم كملاجئ للأسر النازحة.

وأضافت: تقريباً أن جميع الأطفال البالغ عددهم (19) مليون طفل في سن الذهاب إلى المدرسة يزدادون يأساً بشأن مستقبلهم مع استمرار الحرب في السودان واستمرار انقاطعهم عن الدراسة.

وفقا لتقدير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) فقد نزح حوالي (3) مليون طفل داخلياً منذ اندلاع القتال، بالإضافة إلى (2) مليون طفل نازح نتيجة للأزمات السابقة وهو أكبر عدد من الأطفال النازحين داخلياً على مستوى العالم.

وتشير التقارير إلى ارتفاع كبير محتمل في الوفيات بين الأطفال في معسكرات النزوح شديدة الاكتظاظ وغير الصحية.

وتشكل الأمراض مخاطر مميتة بشكل خاص للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم الذين هم أكثر عرضة للاستسلام للمرض .

سوء التغذية

في مقابلة مع «التغيير» أكد الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين آدم رجال، عدم وجود احصاءات دقيقة عن الأطفال المصابين بسوء التغذية. واضاف: ربما يقترب العدد من مليون طفل بولايات إقليم دارفور.

لكن منظمة أطباء بلا حدود، أعلنت بداية الشهر الجاري، وفاة طفل واحد على الأقل كل ساعتين بسبب سوء التغذية، في مخيم زمزم بشمال دارفور وهو أحد أكبر وأقدم مخيمات للنازحين.

ومن المتوقع أن يعاني نحو (3.5) مليون طفل من سوء التغذية الحاد هذا العام، بما في ذلك أكثر من 700,000 طفل من المتوقع أن يعانوا من سوء التغذية الحاد الوخيم وسيحتاجون إلى علاج متخصص ومتواصل ومنقذ للحياة.

ويؤدي الصراع المستمر وتقييد وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان الأكثر هشاشة إلى تفاقم أزمة سوء التغذية الموجودة أصلا في السودان.

وأدى القتال الأخير وانتشار انعدام الأمن في البلاد خلال موسم الحصاد إلى زيادة خطر الجوع الكارثي في مناطق النزاع في الخرطوم ودارفور وكردفان وفق المنظمة الأممية.

وخلال العام 2023 خضع (5.4) مليون طفل من العالقين في مناطق النزاع  لفحص سوء التغذية، منهم 313,400 حصلوا على العلاج. فيما تعد (يونيسف) هي المزود الوحيد للأغذية العلاجية الجاهزة  المستخدمة لعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد.

وتناشد المنظمة، للحصول على (840) مليون دولار في عام 2024 للوصول إلى (9.9) مليون شخص، بما في ذلك (7.6) مليون طفل في السودان بالحماية والتعليم والصحة والتغذية وخدمات المياه والصرف الصحي والخدمات النقدية.

سامي الباقر

الناطق الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين آدم رجال، عزا تفشي سوء التغذية داخل معسكرات النازحين إلى نقص إمدادات الغذاء بسبب عدم وصول المساعدات الإنسانية من برنامج الغذاء العالمي  منذ 10 أشهر، فضلاً عن توقف الأعمال الهامشية التي كان يمتهنها النازحون  في المدن.

وأكد رجال، امتلاء المدارس بالنازحين الجدد، الذين يفكرون في  كيفية الحصول على الغذاء.

ورأى أن الحديث عن استئناف الدراسة يجب أن يسبقه قرار بشأن هؤلاء النازحين وإيجاد مراكز إيواء جديدة لهم.

وتحولت (1245) مدرسة إلى مركز إيواء للنازحين، منها (154) مدرسة في ولاية نهر النيل و (23) بولاية سنار، وفي ولاية كسلا (57) وفي ولاية الجزيرة (501) بينما يشغل النازحون في ولاية النيل الأبيض (510) مدرسة.

خارج مقاعد الدراسة

من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين، سامي الباقر، أن الطلاب بجميع مراحلهم بلا استثناء خارج المدرسة منذ اندلاع الحرب في 15 من أبريل الماضي وحتي الآن.

واعتبر أن الكارثة الأكبر هي أن استئناف العملية التعليمية رهين بإنهاء الصراع الذي لا يعلم أحد متى سيتوقف.

ما ذكره الباقر دفع مئات الأسر للبحث عن حلول تتمثل في دراسة أبنائهم مناهج دول أخرى حتى يتمكنوا من الالتحاق بالجامعات.

لكن وزير التربية والتعليم بحكومة الأمر الواقع محمود الحوري، هدد بسحب التراخيص، من المدارس السودانية التي ترغب في تدريس المنهج المصري بدلاً عن السوداني.

وطبقا للباقر فإن اللجوء الى مناهج أخرى من شأنه إضعاف الثقة في الشهادة السودانية.

واعتبر أن المدخل الصحيح لحل مجمل المشاكل التعليمية هو إنهاء الحرب ثم  الانخراط في ترتيبات لاستعادة مسار العملية التعليمية.

وأكد ازدياد الكوارث الناتجة عن توقف العملية التعليمية من ضمنها خروج جُل الطلاب والطالبات في السودان عن المسار التعليمي.

إلى جانب تراكم الدفعات بوجود دفعتين في كل من الصف الأول الابتدائي والشهادة الثانوية، إضافة إلى  وقوع تلاميذ الصف الأول والثاني والثالث الابتدائي في الأمية.

ورأى الباقر في إفادته « للتغيير» أن الإغلاق المستمر للمدارس سيؤدي إلى تراكم الدفع. وحال توقفت الحرب وأستؤنفت الدراسة فإن “المواعين” التعليمية التي تعاني من عجز في الأساس لن تتمكن من استيعاب كافة هؤلاء الطلاب.

وتابع: وذلك يعني أن اعداد كبيرة منهم سيكونون خارج مقاعد الدراسة، متوقعاً حدوث تسرب وسط الطلاب بعد العودة إلى المدارس.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *