وفي بعض الحالات، اتهم المعتدون الناجيات بشكل مباشر بدعم الطرف الآخر. شاركتنا إحدى النساء قصتها، “أحمل شهادة في تمريض الإسعافات الأولية. [عندما أوقفتنا] قوات الدعم السريع، طلبوا أن أعطيهم حقيبتي. عندما رأوا الشهادة بداخلها، قالوا لي، “أنتِ تريدين إسعاف الجيش السوداني، تريدين علاج العدو!”، ثم أحرقوا شهادتي وخطفوني لاغتصابي وطلبوا من الجميع البقاء على الأرض، كنت مع بعض النساء الأخريات، ومنهن أختي. اغتصبوني فقط بسبب شهادتي”.
من الضروري أن تحصل الناجيات على الخدمات بعد الاعتداء، فالعنف الجنسي يمثل حالة طبية طارئة ويمكن للعواقب الجسدية والنفسية الفورية والطويلة الأمد أن تهدد الحياة. ومع ذلك، تعاني الناجيات من أجل الحصول على الرعاية الطبية والحماية بسبب نقص الخدمات ومحدودية الوعي بالخدمات القليلة الموجودة وارتفاع تكلفة النقل للوصول إلى المرافق والتردد في الحديث عن الاعتداء بسبب العار أو الخوف من الوصمة أو الانتقام.
وفي هذا السياق، تقول إحدى الناجيات البالغة من العمر 27 عامًا لفريق أطباء بلا حدود في شرق تشاد، “لا أستطيع أن أقول أي شيء للمجتمع لأن ذلك سيجلب العار لعائلتي، لذا لم أقل أي شيء عما حدث لي قبل اليوم. والآن أطلب المساعدة الطبية فقط. كنت خائفة جدًا من الذهاب إلى المستشفى. قال لي أهلي ألّا أخبر أحدًا”.
وحيثما توجد الخدمات، تحتاج الناجيات إلى مسارات إحالة واضحة وسهلة للحصول على المساعدة التي يحتجنها. ففي ولاية جنوب دارفور التي تضم أكبر عدد من النازحين في السودان، أضافت أطباء بلا حدود في أواخر عام 2024 مكوّنًا مجتمعيًا لرعاية الناجيات من العنف الجنسي. فقد تلقت القابلات والعاملات في الرعاية الصحية المجتمعية التدريب والإعداد لرفد الناجيات بوسائل منع الحمل الطارئة والإسعافات النفسية الأولية، كما دعمنا إحالة الناجيات إلى عيادات الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات المتخصصة التي تدعمها منظمة أطباء بلا حدود كي يحصلن على الرعاية الشاملة. ومنذ إضافة هذا المكوّن المجتمعي، شهدت أطباء بلا حدود زيادة كبيرة في عدد النساء والمراهقات اللاتي يطلبن الرعاية.
تستمر فرق أطباء بلا حدود باستقبال ناجيات جديدات من العنف الجنسي. ففي طويلة، حيث يستمر توافد الناس بعد الهجمات على مخيم زمزم، وفي الفاشر بشمال دارفور، استقبل المستشفى 48 ناجية من العنف الجنسي بين يناير/كانون الثاني وبداية مايو/أيار، وصلت معظمهن مع بداية القتال في مخيم زمزم في أبريل/نيسان.
وفي هذا الصدد، تقول مديرة الطوارئ الطبية في أطباء بلا حدود، روث كوفمان، “هنالك نقص في الوصول إلى الخدمات المخصصة للناجيات من العنف الجنسي، ويجب توسيع نطاقها بشكل عاجل، شأنها شأن معظم الخدمات الإنسانية وخدمات الرعاية الصحية في السودان. فالأشخاص الذين يعانون من العنف الجنسي ومعظمهم من النساء والفتيات بحاجة ماسة إلى الرعاية الطبية، بما في ذلك الدعم النفسي وخدمات الحماية. يجب أن تكون الرعاية مصممة منذ البداية لتخفف من العوائق الكثيرة التي تواجهها الناجيات عند طلب الرعاية الطبية في أعقاب العنف الجنسي”.
يجب أن تتوقف الاعتداءات الوحشية والاغتصابات، ويجب أن تضمن الأطراف المتحاربة حماية المدنيين وأن تحترم التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين ويجب فورًا توسيع نطاق الخدمات الطبية والإنسانية للناجيات والناجين من العنف الجنسي في دارفور وشرق تشاد.
المصدر: صحيفة الراكوبة