في شهادة مروعة تعكس حجم الانتهاكات التي يشهدها السودان، أصدرت أسرة الشيخ محمد المبارك عبد العزيز بيانًا تفصيليًا حول اختطاف والدهم وابنتهم جواهر محمد المبارك على يد قوات الدعم السريع، مطالبةً المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ جواهر والكشف عن ملابسات وفاة والدهم في معتقلات الدعم السريع..

التغيير : الخرطوم

روي بيان أسرة الشيخ محمد المبارك عبد العزيز تفاصيل صادمة بدأت في 24 أغسطس 2023، عندما اقتحمت قوة من الدعم السريع، بقيادة الضابطين مجاهد ومحمد بشير، وشخص آخر يدعى أبكر لونة (ينتمون جميعًا إلى مكتب عبد الرحيم حمدان دقلو)، منزل شقيقتهم جواهر بحي المنشية.

وقامت القوة بأعمال ترويع ونهب مسلح، قبل أن تختطف والد الأسرة، الثمانيني الشيخ محمد المبارك عبد العزيز، وابنته جواهر محمد المبارك.

وأكدت الأسرة أن هذه لم تكن المرة الأولى، إذ سبق أن تم اعتقال أحمد محمد المبارك وشقيقته جواهر في مايو 2023 بتهمة التخابر مع القوات المسلحة السودانية، رغم أن جواهر كانت آنذاك في منزلها بحي المنشية، الواقع تحت سيطرة الدعم السريع. وقد أُطلق سراحهما حينها بعد أسبوع واحد، لعدم وجود أدلة على التهمة، مما يشير إلى أن الاعتقال الأخير كان تعسفيًا وخاطئًا.

ابتزاز ومصير مجهول

بعد حادثة الاختطاف الأخيرة، انقطعت أخبار الوالد وابنته. وخلال أغسطس 2024، تواصلت الأسرة مع شخص عرّف نفسه بأنه أحد الحراس، وعرض المساعدة في تهريبهما مقابل 20 مليون جنيه سوداني. وبعد مفاوضات، وافقت الأسرة على تحويل جزء من المبلغ مقدمًا مقابل مكالمة هاتفية مع المعتقلين.

تقول الأسرة إنهم تحدثوا مع والدهم وشقيقتهم، اللذين كانا في “حالة نفسية وصحية غاية في السوء”. ومع إصرار الحارس على استلام المبلغ كاملًا قبل التهريب، انقطع التواصل مجددًا.

وفي تطور مأساوي، علمت الأسرة لاحقًا أن بشير، وهو مواطن إثيوبي كان يعمل في المنزل وتم اعتقاله رفقة الوالد وجواهر، قد عُثر عليه ملقى في أحد شوارع ضاحية بُري بالخرطوم، بحالة عقلية مضطربة، وهو ما أرجعه الأطباء إلى التعذيب الشديد الذي تعرض له في زنازين الدعم السريع.

مصير مجهول للوالد وابنته

في العام 2025، ومع استرداد ولاية الخرطوم، علمت الأسرة أن الوالد وشقيقتهم قد تم اقتيادهما، رفقة عدد كبير من الأسرى والمختطفين المدنيين والعسكريين، إلى إقليم دارفور.
وقد استخدمتهم القوات، بحسب رواية الأسرة، كدروع بشرية للتحصن من ضربات سلاح الطيران الحربي التابع للقوات المسلحة السودانية، وذلك برفقة قيادات هاربة مثل العميد أبشر بلايل، وعمر حردان، وعثمان عمليات، وفقًا للفرد الذي تواصل مع الأسرة.

وفي أبريل 2025، فُجعت الأسرة بخبر مقتل والدهم في المعتقلات بمدينة نيالا، دون أي تفاصيل عن ظروف الوفاة أو تاريخها أو أسبابها. وحتى لحظة كتابة هذا البيان، لم تتلقَّ الأسرة أي معلومات عن شقيقتهم جواهر أو عن مصيرها.

نداء للعدالة

وعبّرت الأسرة عن استيائها الشديد من “المنشورات التضليلية” التي تحاول تغيير الحقائق وتبرئة الدعم السريع، من خلال الادعاء بأن جواهر موجودة خارج السودان.

وأكدت أن هذه المحاولات “يائسة، ويقف وراءها بعض ضعاف النفوس ومعدومي الضمير لطمس الحقائق وتزييف الواقع”، وأنها تهدف للتستر على “جرائم الدعم السريع وانتهاكاتها التي ارتُكبت في حق شقيقتنا، والتي أدت إلى وفاة والدنا العزيز”.

وأدانت الأسرة هذه الأفعال المنافية لكل القيم الإنسانية والأعراف السودانية والقوانين الدولية، وحمّلت الدعم السريع كامل المسؤولية عن سلامة شقيقتهم. وناشدت الأسرة “روح الإنسانية” لدى منسوبي القوة للإفراج الفوري عن جواهر، والإفصاح عن تفاصيل وفاة الوالد.

كما طالبت جميع المنظمات الحقوقية، والمدافعين عن حقوق الإنسان والحريات، ومنظمات المجتمع الدولي، وخصّت بالنداء المفوض السامي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وخبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان السيد رضوان نويصر، للوقوف معهم في مظلمتهم، وممارسة كافة أنواع الضغط على الدعم السريع لإطلاق سراح جواهر وجميع المختطفين.

وأكدت الأسرة عزمها على ممارسة حقها الدستوري والقانوني في مقاضاة كافة المعتدين ومن عاونهم بالتضليل والتستر، وعلى جميع الأصعدة، في المحافل المحلية والدولية. وشدّدت على أنها لن تخضع لأي نوع من الابتزاز الرخيص الذي يمارسه منسوبو هذه “الميليشيات الإجرامية”.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.