في واحدة من أبشع فصول الحرب الدائرة في السودان، برز اسم الفاتح عبد الله إدريس، الملقّب بـ “أبو لولو”، كأحد أبرز القادة الميدانيين في قوات الدعم السريع، بعد تداول تسجيلات مصوّرة وموثقة يظهر فيها وهو ينفذ عمليات قتل ميدانية بحق مدنيين سودانيين في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

الخرطوم: التغيير

وأظهرت مقاطع متداولة على منصات التواصل الاجتماعي، موثقة بالصوت والصورة، شخصًا يرتدي الزي الرسمي لقوات الدعم السريع، تمّ التعرف عليه على أنه “أبو لولو”، وهو يطلق النار على مدنيين من مسافة قريبة، بعضهم كان مقيّد اليدين أو محتجزًا.

وفي أحد المقاطع، يظهر الرجل ذاته وهو يجبر الأسرى على ترديد شعارات تمجّد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، قبل تنفيذ عمليات الإعدام.

كما بثّ “أبو لولو” بنفسه، عبر حسابه على منصة تيك توك، مقطعًا مباشرًا أعلن فيه صراحة أنه قتل أكثر من ألفي مواطن سوداني خلال المعارك التي دارت في الفاشر، مضيفًا أنه “توقف عن العد بعد الألفين”.

المقاطع نُشرت من حسابات موثقة ومطابقة لصور سابقة له ضمن صفوف الدعم السريع، وهو ما جعلها تُعتبر أدلة بصرية دامغة من حيث الظهور والهوية والسياق الميداني.

اتهامات بجرائم وإبادة

وبحسب القوة المشتركة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني، نفذت قوات الدعم السريع بقيادة ميدانية ضمّت “أبو لولو” إعدامات جماعية خلال يومي 26 و27 أكتوبر الجاري، راح ضحيتها أكثر من ألفي مدني، بينهم نساء وأطفال وكبار سن.

السلطات السودانية وصفت ما جرى بأنه “جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان”، مشيرة إلى أن القوات المهاجمة ارتكبت أيضًا عمليات نهب وتعذيب وتهجير قسري لسكان المدينة.

وأكدت تقارير ميدانية أن “أبو لولو” كان حاضراً في مواقع الأحداث، يقود بنفسه عمليات عسكرية اتسمت بالقصف العشوائي واستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، وأن ظهوره المتكرر في المقاطع المصوّرة جعل اسمه يتصدر قائمة المسؤولين عن الانتهاكات في دارفور.

موقف الأمم المتحدة

وفي بيان صدر عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أكد المفوض السامي فولكر تورك تلقيه تقارير ميدانية موثوقة تتحدث عن إعدامات بإجراءات موجزة واحتجاز مئات المدنيين أثناء محاولتهم الفرار من الفاشر، محذرًا من “خطر تصاعد العنف ذي الطابع القبلي” وداعيًا إلى تحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين.

كما أكدت الأمم المتحدة أن ما يجري في الفاشر يمثل “وضعًا إنسانيًا شديد الخطورة”، مع احتمالات كبيرة لوقوع أعمال عنف جنسي ضد النساء والفتيات، مطالبةً بتأمين ممرات آمنة للمدنيين.

دور “أبو لولو”

ولا تقتصر الاتهامات على أحداث الفاشر وحدها، إذ وثّقت تقارير أخرى ظهور “أبو لولو” في الخرطوم ومصفاة الجيلي النفطية خلال الأعوام السابقة، حيث ارتبط اسمه بعمليات قتال شهدت تجاوزات وانتهاكات ضد المدنيين والممتلكات العامة.

وتشير مصادر ميدانية إلى أن الرجل لعب دورًا محوريًا في حصار مدينة الفاشر الذي استمر أكثر من 500 يوم، تم خلاله قطع الإمدادات الأساسية واستهداف المرافق المدنية بما في ذلك المستشفيات ودور الإيواء ومصادر المياه.

وتزايدت الدعوات المحلية والدولية لفتح تحقيقات جنائية مستقلة بشأن الانتهاكات التي تم توثيقها في الفاشر، وغيرها من مدن وقرى السودان مع التركيز على الأدلة المصوّرة التي تُظهر بوضوح ممارسات “أبو لولو” وعناصره في الميدان.

ويرى مراقبون أن هذه المواد المرئية تشكّل أدلة قانونية محتملة أمام المحاكم الدولية، لا سيما المحكمة الجنائية الدولية، في حال جرى تفعيل مبدأ المسؤولية الفردية عن جرائم الحرب.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.