تواجه الجالية السودانية في العاصمة الليبية طرابلس ظروفًا إنسانية بالغة التعقيد، وسط تصاعد التوترات الأمنية وتدهور الأوضاع المعيشية في المدينة. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها السلطات الليبية والمجتمع المحلي لتقديم الدعم، فإن آلاف السودانيين المقيمين في ليبيا، والذين فرّوا من الحرب المستمرة في السودان منذ أبريل 2023، يعانون من غياب الوثائق الرسمية، وصعوبات في الحصول على الخدمات الأساسية، بما في ذلك السكن والتعليم والرعاية الصحية.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن الجالية السودانية، التي يُقدّر عددها بأكثر من مليوني شخص، تعيش في ظل تهديدات متزايدة تشمل الاعتقال التعسفي، الترحيل القسري، وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، خاصة في مدن الجنوب الليبي. وقد أطلقت منظمات محلية ودولية تحذيرات من تداعيات هذه الانتهاكات، داعية إلى احترام الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين، وتوفير الحماية القانونية للسودانيين المسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وفي طرابلس، يعيش كثير من اللاجئين في مبانٍ متهالكة بلا ماء أو كهرباء، ويعتمدون على إعانات فردية من الجالية أو منظمات خيرية محدودة. كما يواجهون تحديات كبيرة في استخراج الوثائق الرسمية، حيث تصل رسوم إصدار جواز السفر إلى نحو 200 دولار، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم الأسر السودانية المقيمة في ليبيا. وقد ناشدت الجالية الحكومة السودانية تخفيض هذه الرسوم، وتوفير آليات دعم عاجلة لتسهيل الإجراءات القانونية والإدارية.
وفي ظل هذه الظروف، نظّمت وزارة الداخلية الليبية اجتماعًا موسعًا في طرابلس منتصف يوليو 2025، بمشاركة ممثلين عن السفارة السودانية، والمنظمة الدولية للهجرة، ووزارة العمل والتأهيل، لبحث آليات دعم اللاجئين وتنظيم العودة الطوعية للراغبين منهم. وشدد المشاركون على ضرورة تعزيز التنسيق بين الجهات الرسمية والمنظمات الدولية لضمان توزيع المساعدات الإنسانية بشكل فعّال، وتنفيذ برامج العودة بطريقة منظمة وآمنة، مع التركيز على تذليل العقبات الميدانية التي تعيق التنفيذ.
ورغم هذه الجهود، لا تزال المبادرات المحلية تواجه تحديات كبيرة، في ظل استمرار الانقسامات السياسية في ليبيا، وغياب الدعم الدولي الكافي. ويؤكد ناشطون سودانيون أن الجالية تبذل جهودًا كبيرة لتقديم الدعم الداخلي للاجئين، لكنها بحاجة ماسة إلى تدخلات مؤسسية تضمن الاستجابة الفاعلة للاحتياجات المتزايدة، وتكفل كرامة اللاجئين في بلد يعاني هو الآخر من أزمات أمنية واقتصادية متفاقمة.
المصدر: صحيفة الراكوبة