اختتم المغرب برنامجا تنمويا رائدا أحدث تحولا لافتا في قطاع الطفولة المبكرة والصحة المجتمعية، خاصة في المناطق القروية. وحسب ما أفاد تقرير صحيفة “لكونوميست”، فإن برنامج “النتائج من أجل تنمية الطفولة المبكرة”، الذي امتد على مدى ثلاث سنوات وتسعة أشهر، تجاوز مؤشرات الأداء المستهدفة على عدة مستويات.

في المجال التربوي، ساهم البرنامج في إنشاء 9 آلاف و487 وحدة تعليمية ما قبل مدرسية مجهزة بالكامل، تستقبل حاليا أزيد من 268 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 4 و6 سنوات، وهو رقم يفوق بأكثر من الضعف الهدف الأصلي الذي كان محددا في 118 ألف طفل فقط.

وإلى جانب البنية التحتية، شهد البرنامج تعزيز قدرات الموارد البشرية، حيث جرى توظيف وتكوين أزيد من 10 آلاف مربية ومرب، مقارنة بـ7 آلاف و200 فقط كانت مبرمجة سلفا، إضافة إلى تكوين 365 مشرفا تربويا، وإطلاق أداة رقمية للرصد والتقييم التربوي تحمل اسم “أوالي”. كما تم إجراء زيارات ميدانية تأطيرية لفائدة نحو ألفي إطار تربوي، فيما جرى بث برنامج تلفزيوني ترفيهي لفائدة الأطفال القرويين للتقليص من تأثير فترات انقطاع التمدرس خلال الجائحة أو بسبب الظروف المناخية.

على المستوى الصحي، ركز البرنامج على دعم صحة الأم والطفل من خلال إطلاق ثلاث حملات وطنية كبرى، همّت التوعية بالرضاعة الطبيعية سنة 2023، والتغذية خلال الألف يوم الأولى من حياة الطفل سنة 2024، ثم الرعاية الصحية قبل الولادة سنة 2025. وقد استفاد من كل حملة أكثر من 10 ملايين شخص، مقابل هدف أولي لم يكن يتجاوز 7 ملايين مستفيد.

وحققت حملة “الألف يوم” على وجه الخصوص تأثيرا ملحوظا، إذ تمكن 95 في المئة من الفئة المستهدفة من استيعاب رسالتين أساسيتين على الأقل، مقارنة بهدف أولي حُدد في 50 في المئة فقط. غير أن معدل ممارسة الرضاعة الطبيعية الحصرية لا يزال ضعيفا، إذ لا يتجاوز 30 في المئة، مقابل نسب تفوق 90 في المئة في بعض الدول الإسكندنافية، ما يكشف الحاجة إلى تدخلات مجتمعية أعمق لتغيير السلوكيات المرتبطة بالتغذية والرعاية الصحية.

وفي هذا الإطار، تبنى البرنامج مقاربة مجتمعية في ثلاث مناطق تجريبية، عبر إشراك 39 جمعية محلية، وتكوين 1,170 ممثلا مجتمعيا ساهموا في توجيه أكثر من نصف مليون امرأة وطفل نحو الخدمات الصحية، وهو رقم يفوق بـ12 مرة العدد المستهدف مبدئيا والمحدد في 40 ألف مستفيد فقط.

ولعب هؤلاء الممثلون، الذين ينحدر عدد كبير منهم من نفس المجتمعات المستفيدة، دورا حيويا في توصيل رسائل بسيطة حول الصحة والتغذية والتلقيح، فضلا عن مرافقة النساء الحوامل والأمهات الجدد إلى المراكز الصحية، مما ساهم في ترسيخ ثقافة الوقاية والتكفل المبكر داخل الفضاءات القروية.

ويعد هذا البرنامج أحد النماذج الناجحة التي تعكس إرادة المغرب في الاستثمار في الرأسمال البشري منذ المراحل الأولى من الحياة، في انسجام مع التوجيهات الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد، ومع أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.