شهد الشريط الحدودي البحري الفاصل بين مدينتي الفنيدق وسبتة المحتلة، واحدة من أكثر الليالي توترا وضغطا خلال فصل الصيف الجاري، بعدما سجلت قرابة 300 محاولة للهجرة السرية عبر البحر في ظروف مناخية صعبة تميزت بضباب كثيف حد من الرؤية بشكل شبه تام.
ووفق ما أوردته وسائل إعلام محلية بسبتة، فإن عشرات الشبان، بينهم قاصرون وفتيات، ألقوا بأنفسهم في البحر انطلاقا من شواطئ الفنيدق في اتجاه سبتة، مستخدمين أدوات بدائية للطفو، فيما تمكن بعضهم من الوصول إلى السواحل الإسبانية، قبل أن تعترضهم قوات الحرس المدني والبحرية الملكية المغربية.
المصادر ذاتها كشفت أن عناصر الحرس المدني الإسباني عملوا طوال الليل على اعتراض المهاجرين وإنقاذ حياتهم في عرض البحر، في ظل ضباب خانق صعّب عمليات المراقبة والتدخل.
وأشارت وسائل الإعلام الإسبانية إلى أن الوضع شكل ضغطا غير مسبوق على الأجهزة الأمنية والإغاثية في سبتة، والتي لم تتوقف عن العمل طيلة ساعات الليل.
كما أوضحت التقارير أن جزءا من المهاجرين، خصوصا القاصرين، لا يلجؤون إلى مراكز الإيواء المؤقتة بسبتة، بل يفضلون الاختباء لدى عائلات أو في منازل خاصة في انتظار فرصة لمغادرة المدينة بشكل غير قانوني نحو إسبانيا أو بلدان أوروبية أخرى.
وبحسب ما كشفته مصادر مطلعة لجريدة “العمق”، فإن هذه التطورات دفعت في الجانب المغربي، الجنرال المفتش العام للقوات المساعدةشطر الشمال، إلى القيام بجولة تفقدية بالفنيدق وضواحيها، لمتابعة أوضاع الوحدات المرابطة لحراسة الحدود البحرية الشمالية والوقوف على جاهزيتها الميدانية.
يأتي ذلك في وقت تعيش فيه مدينتا الفنيدق وسبتة حالة من الاستنفار الأمني خلال الأيام الجارية، في ظل عودة مشاهد “الهجرة الجماعية” الذي أصبح موسميا بامتياز.
وفي الساعات الأولى من صباح أول أمس الخميس، تم العثور على جثة شاب تطواني يدعى محمد هشلوفي (20 سنة)، بعدما توفي غرقا أثناء محاولته السباحة نحو سبتة حاملا عجلة مطاطية صغيرة كوسيلة بدائية للطفو، غير أن رحلته انتهت بمأساة بعدما عُثر على جثته عالقة في شباك بحرية بسواحل سبتة.
وتشير مصادر مغربية وإسبانية، إلى أن استمرار محاولات الهجرة الجماعية سباحة يؤكد وجود تنسيق عبر مجموعات على تطبيق “واتساب”، حيث يتم استغلال الضباب الكثيف ليلا كفرصة للهروب.
وبحسب تقارير إسبانية، فإن سنة 2025 وحدها سجلت أزيد من 19 وفاة لمهاجرين شباب حاولوا العبور من سواحل الفنيدق نحو سبتة، بعضهم ظلت جثثهم عالقة في أعماق البحر لأسابيع طويلة قبل أن يتم العثور عليها.
وفي آخر تحرك أمني، نهاية يوليوز المنصرم، أوقفت السلطات المغربية 156 مرشحا للهجرة السرية بمدينة الفنيدق، من بينهم 24 جزائريا و59 قاصرا، تم نقلهم إلى مركز الإيواء بمرتيل، كما سلم الحرس المدني الإسباني 12 مهاجرا آخرين للسلطات المغربية، مع استمرار عمليات التسليم على دفعات.
وتشدد السلطات المغربية من تدابيرها الاستباقية، عبر منع وسائل النقل من إيصال المرشحين إلى المناطق الحدودية، وتوقيف المشتبه فيهم داخل الشوارع والأسواق، ثم نقلهم إلى مدن داخلية بعيدة عن الشمال لتفكيك تجمعاتهم ومنع أي محاولة جماعية منظمة.
وما يحدث اليوم يعيد إلى الأذهان ما جرى يوم 30 شتنبر 2024، حين حاول أكثر من 1500 شخص أغلبهم قاصرون اقتحام السياج الحدودي مع سبتة في مشهد عنيف، انتهى بمواجهات ومطاردات، تم خلالها توقيفهم وترحيلهم عبر حافلات إلى مدن أخرى.
المصدر: العمق المغربي