كشف رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، أن “المجلس صادق خلال الولاية التشريعية الحالية على 166 قانون مع تقديم أزيد من 10 آلاف تعديل، مبرزا أن النقل المباشر يجنب التأويل والمغالطات، داعيا لإعادة صياغة الخطاب البرلماني بما ينسجم مع التحولات التي تعرفها قضية الوحدة الترابية للمملكة.
وأوضح الطالبي العلمي، خلال دراسة ميزانيتي مجلسي البرلمان أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أن “المجلس صادق خلال هذه الولاية على 166 مشروع قانون في ظرف أربع سنوات، فيما تقدمت الفرق النيابية بـ10045 تعديلا وقُبل منها 1905 تعديل، كما عقدت اللجان الدائمة 583 اجتماعاً خصصت للتشريع، 237 اجتماعا للمراقبة، لدراسة 119 موضوعا.
إلى ذلك، أكد المتحدث ذاته أن أداء المؤسسة التشريعية هو انعكاس مباشر لعمل 395 نائباً يمثلون الأمة، معتبراً أن الانسجام بين مكونات المجلس يترجم الإرادة الجماعية في خدمة العمل البرلماني، ملفتا أن أن المكتب وممثلي الفرق ورؤساء اللجان يعملون في إطار مؤسساتي منظم، رغم ما يطبع العمل السياسي من اختلافات طبيعية في المواقف والتقديرات.
وأشار إلى أن هذه الخلافات لا تصل أبدا إلى حد القطيعة أو التشنج، بل تناقش بحرية ثم تحسم بتفاهمات قائمة على روح وطنية عالية وإحساس عميق بالمسؤولية، مضيفا أن هذه التفاهمات تنطلق من أفكار ومواقف مشروعة لكل نائب، لكن المرجع الدائم يظل القانون والدستور والمساطر التنظيمية، لأنها الكفيلة بضمان النظام وتفادي الفوضى، وفق تعبيره.
وأوضح رئيس المجلس أن مكتب المؤسسة يتعامل مع الأسئلة الشفوية والكتابية والطلبات الأخرى وفق الضوابط المحددة في النظام الداخلي والدستور، مؤكداً الحرص على احترام المساطر القانونية في جميع مراحل المعالجة.
وفي ما يخص الموارد البشرية، أوضح الطالبي العلمي أن موظفي المجلس يتوفرون على مؤسسة نقابية تمثلهم وتدافع عن حقوقهم، مشيراً إلى أن المجلس عقد اجتماعات معها لمعالجة عدد من الملفات المتعلقة بتحسين ظروف العمل.
وأضاف أن الوزراء، شأنهم شأن النواب، يخضعون للقواعد نفسها داخل اللجان، وأن بث الجلسات العمومية مباشرة أتاح للمواطنين متابعة النقاشات ومقارنة المواقف، ما يكرس تجاوز الصور النمطية حول المؤسسة التشريعية وتجنب التأويل والمغالطات، مشيرا إلى أن كل المداخلات والمواقف أصبحت منشورة ومتاحة للرأي العام، مؤكداً أن “لا رجعة إلى الوراء” في مسار الانفتاح والشفافية.
وبخصوص تقييم السياسات العمومية، أوضح أن الفصل 101 من الدستور ينص على عقد جلسة سنوية واحدة، في حين نظم المجلس خلال هذه الولاية أربع جلسات، مقابل جلستين فقط خلال الولايتين السابقتين، مشيراً إلى أن الاستراتيجية الجديدة للتقييم ستكون جاهزة خلال السنة المقبلة بما يضمن الالتزام الكامل بالمقتضيات الدستورية.
أما في ما يتعلق بالموقع الإلكتروني للمجلس، فكشف الطالبي أنه يستقبل يومياً ما بين أربعة آلاف وخمسة آلاف زائر، وقد يتجاوز العدد 15 ألفاً في بعض الأيام، موضحاً أن الهدف من المنصة هو إخبار الرأي العام بالمستجدات الرسمية لا القيام بدور تواصلي دعائي، لأن مهام التواصل تقع على عاتق النواب والفرق النيابية، مشددا على ضرورة تطوير التواصل المؤسسي باستمرار لتحسين جودة المعلومة البرلمانية.
وأقر رئيس مجلس النواب بأن المؤسسة تعاني من ضيق في الفضاء المخصص للأنشطة البرلمانية، مما ينعكس على ظروف اشتغال الموظفين في المبنى القديم، مشيراً إلى أن المجلس يبحث عن حلول بديلة لتحسين بيئة العمل وضمان استمرار الأداء المؤسساتي في ظروف مناسبة.
تغيير الخطاب البرلماني في قضية الوحدة الترابية
وفي ما يتعلق بالدبلوماسية البرلمانية، أوضح أن القرار الأخير للأمم المتحدة المتعلق بالصحراء المغربية جاء نتيجة عملٍ دام 26 سنة، تخللته مراقبة مستمرة من دول كبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين والدنمارك لسلوك المغرب في مجال حقوق الإنسان وتطوره الديمقراطي، ومتابعتها لأشغال هيئة الإنصاف والمصالحة وتجربة طي صفحة الماضي بشجاعة.
وأضاف أن المجتمع الدولي خلص إلى قناعة مفادها أن المغاربة المحتجزين في تندوف ستكون حقوقهم مضمونة في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وأن لديهم ثقة كاملة في الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن خطاب 31 أكتوبر الذي دعا فيه الملك إلى تجاوز المصطلحات القديمة ومد اليد بروح من الثقة وضمان الحقوق والحريات، يمثل مرجعاً لمرحلة جديدة ينبغي أن يواكبها البرلمان بخطاب متجدد.
وأكد الطالبي العلمي أن المرحلة المقبلة تتطلب “إعادة صياغة الخطاب البرلماني والدبلوماسي” بما ينسجم مع التحولات التي تعرفها البلاد باعتبارها دولة صاعدة وقوة إقليمية واعدة، واقترح عقد جلسات حوارية خاصة مع الشباب والنواب لتبادل الرؤى حول تطوير الخطاب السياسي الوطني.
المصدر: العمق المغربي
