يونس بوقالة يكسب الثقة للمشاركة في التدبير العام بمدينة مونتريال
ارتبط اسم يونس بوقالة مبكرا بالعمل السياسي والنجاح الانتخابي في كبيك، وتأتى له ذلك بعدما نجح في الحصول على ولاية انتدابية محلية وهو في مستهل العشرينات من عمره، ولكي يثبت أن ذلك لم يكن هدية أو نتيجة أي مفعول للصدفة توفق الشاب نفسه في تجديد الإنجاز عينه في الانتخابات اللاحقة.
يمكن اعتبار بوقالة كبيكيا بالنظر إلى “زمكان التربية والتعليم”، أما هو فيمتلك رأيا مغايرا يعبر عنه بإعلان نفسه مغربيا حتى النخاع، معتزا بأصله الريفي المتجذر في شمال المملكة، ومفتخرا بتمكنه من ثقافته الأصلية التي يساهم بها، على مدى العقود الثلاثة الماضية، في تقوية نسيج التنوع الذي يقوم عليه المجتمع الفيدرالي الكندي.
رضيع في مونتريال
رأى يونس بوقالة النور أول مرة في مدينة أزغنغان، المنتمية إلى إقليم الناظور والكائنة على بعد 7 كيلومترات من غرب مركزه، لكنه لم يعش بهذه المنطقة غير فترة زمنية قصيرة، لا تتجاوز 6 أشهر، لأن والدَيه اختارا الهجرة إلى أمريكا الشمالية، والاستقرار في كندا بحي ‘’لاشين’’ وسط مدينة مونتريال في منطقة كبيك.
ويقول يونس: “انتقلت إلى العيش في مونتريال رضيعا، لكنني كبرت في أحضان ثقافتي الأصلية، وسط أسرة حريصة على الحديث في ما بينها باللسان الأمازيغي لمنطقة الريف المغربية، كما أتيحت لي المواظبة على زيارة أزغنغان عند حلول كل صيف، وهناك كنت أقضي عطلة تستمر مدة زمنية تصل إلى 3 شهور”.
من جهة أخرى، تعلم بوقالة الكلام بالعربية الدارجة المغربية خارج المسكن، من خلال التواصل المستمر مع أقران يقاسمونه الانتماء إلى الوطن الأم نفسه، وسارت دراسته بكيفية جيدة حتى المرحلة الجامعية، إذ حصل على الإجازة في العلوم السياسية متخصصا في العلاقات الدولية، وبعدها أنهى التكوين في ماستر لإدارة الأعمال.
الانجذاب إلى السياسة
يعتبر يونس بوقالة الشؤون السياسة ملازمة للمجتمع في كل آن، كما أنها محط نقاش يومي بين الأفراد والجماعات لتحقيق مصالح إضافية في كل وقت وحين، لكنه يشدد على أن التعامل الصحيح مع السياسة ينبغي أن ينأى عن التخفي من أجل توجيه الانتقادات لأعمال السياسيين، أو ادعاء القدرة على القيام بما هو أفضل من مناصب التدبير.
ويفسر المستقر في مونتريال منذ 1995: “أشبه هذا الوضع بمباراة في كرة القدم، اللاعبون يحاولون القيام بكل ما في جهدهم من أجل إحراز الأهداف وحماية الشباك من هجمات الخصم، بينما الجمهور يستسهل المأمورية ويشرع في انتقادهم؛ بل هناك متفرجون يمضون إلى توجيه الأداء وهم جالسون في المدرجات”.
من هذه النظرة إلى الفعل السياسي، اهتم بوقالة بالانخراط في الأداء الحزبي بنية الحصول على فرصة تساير طموحه بالترشح في إحدى المحطات الانتخابية، مجاهرا بقدرته على طرح مجموعة من البدائل الإيجابية إذا ما أنيطت به مسؤولية في تدبير الشأن العام، وقد أفلح في الحصول على مبتغاه حين وصل إلى الربيع 22 من عمره.
في غمار الانتخابات
تقدم يونس بوقالة بترشيحه لخوض الانتخابات المحلية لسنة 2017 في مونتريال، وقد كان ذلك في حي ‘’لاشين’’، التجمع السكاني الذي احتضنه منذ أول يوم لاستقراره في كبيك، وبذلك حصل على ثقة الكتلة الناخبة من أجل اكتساب الصفة التمثيلية والشروع في فترة انتدابية جددها، مرة ثانية، خلال الانتخابات الموالية سنة 2021.
وبخصوص هذا يورد يونس: “تشرفت بأصوات الناس وأنا صغير في العمر، لكنني عملت بكل جد ومسؤولية حتى تمت مجازاتي بتجديد الثقة في شخصي خلال الاستحقاقات الانتخابية المحلية الموالية، وأخال أن التوفيق حالفني للنهوض بالصلاحيات الموكولة إلي في أشغال التهيئة، أولا، وتعزيز النظام العام، في مرحلة ثانية”.
ينتمي بوقالة إلى صف الأغلبية المدبرة للشأن العمومي في مدينة مونتريال، كما يتواجد ضمن اتحاد بلديات كبيك ويرأس لجنة المنتخبين الشباب في الإطار التنظيمي نفسه، وتتيح له صلاحياته البقاء على تواصل مع حكومة كبيك للمساهمة في الارتقاء بكل ما يهم الساكنة ضمن تهيئة الأحياء وتجويد عمل المرافق الأمنية أيضا.
استحضار المغرب
رغم التفرغ حاليا للعمل السياسي والمشاركة في الأداء التدبيري المحلي بمدينة مونتريال إلا أن المنتمي إلى صف مغاربة كبيك لا يخفي الارتباط الكبير بميولات منصبة على الإدارة والتسيير، خاصة بعد استيفاء التكوين الأكاديمي في ماستر إدارة الأعمال، لذلك يخطط لمرحلة مستقبلية من أجل التميز في الحياة المقاولاتية.
ويقول بوقالة: “أعكف على دراسة فرص مهنية عديدة لاختيار ما يناسب منها، إذ لدي انفتاح على اشتغالات مختلفة ضمن مشاريع قائمة مسبقا في كندا، كما أحوز مجموعة من الأفكار القابلة للتطبيق ميدانيا على التراب المغربي، ولم أحسم فعليا في الوجهة الملائمة لي على هذا المستوى، لكن هذا لن يتأخر كثيرا”.
ويشدد يونس بوقالة على أن استحضار الانتماء إلى المغرب يلازمه منذ سنوات الطفولة، إذ يعتبر زيارة المملكة فرصة للحصول على طاقة إيجابية تحفز المجهود المبذول في بلد الاستقبال، حاسما في كون الانتماء الحقيقي لا ينبغي أن يغدو منسيا لأي سبب كان، وبعدها يجاهر بأن زيارته المغرب سنة 2023 كان لها طعم خاص لأنها أنهت 4 سنين من الغياب بسبب قيود السفر المرتبطة بتفشي جائحة كورونا.
تجارب مفتوحة
المستقر في مونتريال منذ 28 سنة يوصي المهاجرين الجدد، ومعهم الراغبون في الانتقال إلى كندا من أجل الإقامة الدائمة، بالعمل على المشاركة بفعالية في رفعة المجتمع المستضيف، وعدم الاستسلام للإحساس بالضياع عند المرور من محطة إحباط، مبرزا أن الحياة تبقى سلسلة من التجارب المفتوحة حتى بلوغ المقصود.
ويضيف يونس: “أعرف المذاق المر للإخفاقات لأنني راكمت عثرات عديدة من خلال الانخراط في العمل السياسي، وبعدها جاء فوزان انتخابيان متعاقبان، ولو استسلمت بعد التعثر لما نلت أي حظ في ما جاء بعده، لذلك أعي بأن الإنسان يتطور بالإقبال على العمل؛ وقبل ذلك يجب التحلي بالشجاعة للمرور إلى طور التنفيذ الميداني”.
“الإقبال على الدراسة والتكوين يقوي إمكانية البصم على النجاح في عموم أرجاء كندا، أما اقتناص الفرص المتاحة بهذه البلاد فإنه لا يعني انتظار وصولها أمام المرء؛ فتجربتي السياسية اشتغلت عليها ولم تكن هدية، لذلك أرى أن على الناس المداومة في التحرك للبحث عما يناسب قدراتهم ويساير طموحاتهم”، يختم يونس بوقالة.
المصدر: هسبريس