يهدد قلب البطولة.. “فيروس الويكلو” يستنزف ميزانية الأندية ويطفئ شغف الجماهير
في عالم كرة القدم، حيث يتجلى شغف الجماهير وعواطفهم في كل صافرة بداية، يأتي قرار منع الأنصار من الحضور لتشجيع فرقهم كرصاصة تسلبهم شغفهم وتفقد الكرة المغربية روحها.
واعتادت الملاعب على صرخات التشجيع واللوحات الفنية التي لطالما خطفت الأضواء من اللاعبين وما يدور في المربع الأخضر، لتصبح “بهارات” المباريات، قبل أن تصاب بفيروس “الويكلو” الذي ألقى بظلاله الثقيلة على اللاعبين والأندية على حد سواء، كما أدى إلى عزل الجماهير وفقدانهم للهوية التي شكلت جزءاً من حياتهم.
أصبحت قرارات منع الجماهير من حضور المباريات جزءاً لا يتجزأ من واقعنا الرياضي، حيث لم نعد ننتظر وقوع أعمال شغب أو إصدار عقوبات تأديبية لتفعيلها، بل باتت “الدواعي الأمنية” كافية لتقام المباريات خلف أبواب مغلقة.
فمنذ انطلاق الموسم الرياضي الحالي 2024/2025، تم إجراء أكثر من نصف المباريات بدون جمهور، رغم مطالب الأندية بالسماح بحضور مناصريها، باعتبارهم الداعم الأول والأساسي للفرق، كما تعول الأندية بشكل كبير على مداخيل بيع تذاكر المباريات لإنعاش خزائنها، في ظل معانتها من أزمات مالية خانقة.
وعبّرت العديد من الفصائل المساندة للأندية المغربية، عن استيائها من قرار منعها من حضور مباريات فرقها والتنقل معها، كما انتقد العديد من المدربين واللاعبين هذا القرار، باعتباره يسلب اللعبة روحها.
وفي هذا الصدد، أكد الإطار الوطني والمحلل الرياضي، عبد الرحيم أوشريف، في حديثه لجريدة “العمق”، على أهمية الجماهير، مشيرا إلى أن الجماهير تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من منظومة كرة القدم، تماماً كالمسيرين واللاعبين والمدربين والمستثمرين، حيث تلعب تلك الأخيرة دوراً رئيسياً في إنجاح أي بطولة أو مباراة على مستوى العالم، إذ تُعزز من قيمة الأحداث الرياضية.
ووصف المتحدث ذاته، الفترة الحالية من البطولة الاحترافية لكرة القدم بـ”الاستثنائية”، نظرا للعديد من العوامل التي تسهم في قرار “الويكلو”، مثل الحاجة إلى إصلاح وتأهيل الملاعب استعداداً للتظاهرات العالمية القادمة، التي ستنظمها بلادنا، بجانب كون أغلب الأندية أصبحت تستقبل خارج ميدانها، أي في مدن أخرى مما يجعلها أمام شرط السلطات المحلية للمدينة المستضيفة، والذي يقضي باللعب دون جمهور، لدواعي أمنية (شغب الملاعب).
في المقابل، شدد أوشريف على ضرورة إيجاد حلول عملية للتعامل مع الجماهير المغربية، وليس فقط الاكتفاء بتشميع أبواب الملاعب أمامهم، داعيا لتعاون السلطات المغربية مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم برئاسة فوزي لقجع، لفك عقدة “الويكلو”، قبل موعد التظاهرات العالمية التي ستحتضنها البلاد مستقبلا.
أوشريف، شدد على أن غياب الجمهور يؤدي إلى مباريات باهتة تفتقر للحماس، مما يؤثر سلبا على أداء اللاعبين الذين يتطلعون لدعم مشجعيهم، مضيفا أن غياب الحضور الجماهيري يؤثر على النقل التلفزيوني ويسهم في ضعف تسويق البطولة عالمياً.
وسجل أنه “رغم التحديات التي تواجه الجماهير المغربية والسلطات في الملاعب، بما في ذلك الإصابات والخسائر المادية أحيانا، فإن الحلول والاستراتيجيات المدروسة من قبل السلطات تبقى ضرورية لضمان عودة الروح إلى البطولة”.
وقد سبق أن علق العديد من المدربين وفصائل الالتراس على قرار “الويكلو”، وكان أكثر تصريحا خلقا للجدل هو تعليق موكوينا، مدرب الوداد الرياضي، والذي قال في ندوة صحفية أعقبت مباراة فريقه وحسنية أكادير: “من غير المعقول أن بلدا هو رابع العالم وثالث الألعاب الأولمبية ويتأهل للمسابقات، وسينظم كأس إفريقيا وكأس العالم يجري مباريات بطولته المحلية بدون جماهير”.
وسبق لرئيس العصبة الاحترافية لكرة القدم الوطنية، عبد السلام بلقشور، أن كشف أن عددا من الأندية هي من تطالب بلعب مبارياتها بدون جمهور، فضلا عن قرارات السلطات الأمنية في عدد من مواجهات البطولة الاحترافية لكرة القدم، ما يضع العصبة الاحترافية، على حد قوله، في الواجهة أمام أنصار هذه الأندية.وفي ظل تضارب التصريحات والتعليقات، يبقى الجمهور المغربي وصورة الكرة المغربية ضحيتان للقرارات “العشوائية” للعصبة الاحترافية والأندية والسلطات.
المصدر: العمق المغربي